الأحد، 25 يوليو 2021

نهر البيذخ في الجنة ونهر بارق على باب الجنة و أشجار الجنة سدرة المنتهى

ذكر نهر البيذخ في الجنة

قال أحمد : حدثنا بهز ، حدثنا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبه الرؤيا الحسنة ، فربما قال : " هل رأى أحد منكم رؤيا " قال : فإذا رأى الرجل رؤيا سأل عنه ، فإن كان ليس به بأس كان أعجب لرؤياه إليه . قال : فجاءت امرأة فقالت : يا رسول الله ، رأيت كأني دخلت الجنة ، فسمعت وجبة ارتجت لها الجنة ، فنظرت فإذا قد جيء بفلان ابن فلان وفلان ابن فلان . حتى عدت اثني عشر رجلا - وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية قبل ذلك - قالت : فجيء بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم . قالت : فقيل : اذهبوا بهم إلى نهر البيذخ - أو قال : إلى نهر البيدح - قال : فغمسوا فيه ، فخرجوا منه وجوههم كالقمر ليلة البدر .
قالت : ثم أتوا بكراسي من ذهب ، فقعدوا عليها ، فأتي بصحفة - أو كلمة نحوها - فيها بسرة ، فأكلوا منها ، فما يقلبونها لشق إلا أكلوا من فاكهة ما أرادوا ، وأكلت معهم . قال : فجاء البشير من تلك السرية ، فقال : يا رسول الله ، كان من أمرنا كذا وكذا ، وأصيب فلان وفلان . حتى عد الاثني عشر الذين عدتهم المرأة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " علي بالمرأة " . فجاءت ، فقال : [ ص: 301 ] " قصي على هذا رؤياك " . فقصت ، فقال : هو كما قالت يا رسول الله

.....................................
سليمان بن المغيرة ( ع )
الإمام الحافظ ، القدوة أبو سعيد القيسي ، البصري ، مولى بني قيس بن ثعلبة ، من بكر بن وائل .
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله ، أو ابن أبي عصرون ، أنبأنا عبد المعز بن محمد ، أنبأنا تميم بن أبي سعيد ، أنبأنا أبو سعد الكنجروذي ، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي ، حدثنا شيبان ، حدثنا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس قال : كنا عند عمر -رضي الله عنه- بالمدينة ، فتراءينا الهلال ، وكنت رجلا حديد البصر ، فرأيته ، وليس أحد يزعم [ ص: 416 ] أنه رآه غيري ، فجعلت أقول لعمر : أما تراه؟ فجعل لا يراه ، قال : يقول عمر : سأراه وأنا مستلق على فراشي . . . وذكر الحديث . [ ص: 417 ] أخبرنا عمر بن عبد المنعم : أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني حضورا ، أنبأنا أبو الحسن بن مسلم ، أنبأنا ابن طلاب ، أنبأنا ابن جميع ، حدثني محمد بن عبد الرحيم بن سعيد الدينوري ببغداد ، حدثنا عبد الله بن سنان بن مالك السعدي ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت عن أنس قال : رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والحلاق يحلقه ، وقد اجتمع أصحابه ، فما تسقط من شعرة إلا بيد رجل ويقع في " الجعديات " من عواليه
حدث عن : الحسن البصري ، ومحمد بن سيرين ، وحميد بن هلال ، وثابت بن أسلم والجريري ، وأبي موسى الهلالي ، ووالده المغيرة لم يزد شيخنا المزي على هؤلاء
روى عنه : الثوري ، وأبو أسامة ، وبهز بن أسد ، وأبو داود ، وأبو عامر العقدي ، وابن مهدي ، وعبد الصمد التنوري ، وأسد بن موسى ، وحبان بن هلال ، [ ص: 418 ] وعبد السلام بن مطهر ، وعمرو بن عاصم ، وعلي بن عبد الحميد المعني ، وموسى بن إسماعيل التبوذكي ، ويحيى بن آدم ، ومسلم بن إبراهيم ، وشيبان بن فروخ ، وخلق .
روى موسى بن إسماعيل ، عن سليمان بن المغيرة : قال أيوب السختياني : ليس أحد أحفظ لحديث حميد بن هلال من سليمان بن المغيرة وقال وهيب : كان يقول لنا أيوب : خذوا عن سليمان بن المغيرة . وكنا نأتيه في ناحية ، وأبوه قاعد في ناحية . وقال قراد أبو نوح : سمعت شعبة يقول : سليمان بن المغيرة سيد أهل البصرة . وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا سليمان بن المغيرة ، وكان خيارا من الرجال . قال يعلى بن منصور الفقيه : سألت ابن علية عن حافظ أهل البصرة ، فذكر سليمان بن المغيرة .
قال خالد بن نزار : سمعت سليمان بن المغيرة يقول : قدم علينا البصرة سفيان الثوري ، فأرسل إلي ، فقال : بلغني عنك أحاديث ، وأنا على ما ترى من الحال ، فأتني إن خف عليك . فأتيته ، فسمع مني .
قال الخريبي : ما رأيت بالبصرة أفضل من سليمان بن المغيرة ، ومرحوم بن عبد العزيز .
وروى أبو طالب عن أحمد بن حنبل قال : هو ثبت ، ثبت . وروى الكوسج ، عن يحيى بن معين ، قال : ثقة ثقة . وقال ابن المديني : لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد بن سلمة [ ص: 419 ] ثم سليمان بن المغيرة ، ثم حماد بن زيد وقال محمد بن سعد : كان سليمان بن المغيرة ثقة ثبتا . قال أبو داود الطيالسي ، قال : كنا عند شعبة ، فجاء سليمان بن المغيرة يبكي ، قال : مات حماري ، وذهبت مني الجمعة ، وذهبت حوائجي . فقال شعبة : بكم أخذته؟ قال : بثلاثة دنانير . قال شعبة : فعندي ثلاثة دنانير ، والله ما أملك غيرها ، ثم دفعها إليه . قال محمد بن محبوب : مات سليمان بن المغيرة سنة خمس وستين ومائة .
عرض في كتاب سير أعلام النبلاء
نهر بارق على باب الجنة
قال أحمد : حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، عن الحارث بن فضيل الأنصاري ، عن محمود بن لبيد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الشهداء على بارق ; نهر على باب الجنة ، في قبة خضراء ، يخرج إليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا " . 

............................
أنهار الجنة
ذكر ما في الدنيا من أنهار الجنة
في حديث الإسراء ، في ذكر سدرة المنتهى ، قال : " فإذا يخرج من أصلها نهران باطنان ، ونهران ظاهران ، فالباطنان في الجنة ، والظاهران النيل والفرات عنصرهما " .
وفي " مسند أحمد " و " صحيح مسلم " ، واللفظ له ، من حديث [ ص: 302 ] عبيد الله بن عمر ، عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سيحان وجيحان والفرات والنيل ، كل من أنهار الجنة " .
وروى الحافظ الضياء من طريق عثمان بن سعيد ، عن سعيد بن سابق ، عن مسلمة بن علي الخشني ، عن مقاتل بن حيان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أنزل الله من الجنة خمسة أنهار : سيحون ، وهو نهر الهند ، وجيحون ، وهو نهر بلخ ، ودجلة والفرات ، وهما نهرا العراق ، والنيل ، وهو نهر مصر ، أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنة ، من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل ، فاستودعها الجبال ، وأجراها في الأرض ، وجعل فيها منافع للناس ، من أصناف معايشهم ، فذلك قوله تعالى : وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض [ المؤمنون : 18 ] . فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل ، فرفع من الأرض القرآن ، والعلم كله ، والحجر الأسود من ركن البيت ، ومقام إبراهيم ، وتابوت موسى بما فيه ، وهذه الأنهار الخمسة ، فرفع كل ذلك إلى السماء ، فذلك قوله : وإنا على ذهاب به لقادرون [ المؤمنون : 18 ] . فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض ، فقد حرم أهلها خير الدنيا والآخرة " . وهذا حديث غريب جدا ، بل منكر ، ومسلمة بن علي ضعيف الحديث عند الأئمة .
[ ص: 303 ] وقد وصف الله سبحانه عيون الجنة بكثرة الجريان ، وأن أهل الجنة حيث شاءوا فجروها ، أي استنبطوها ، وفي أي المحال أحبوا نبعت لهم العيون بفنون المشارب والمياه ، وقد قال ابن مسعود : ما في الجنة عين إلا تنبع من تحت جبل من مسك .
وروى الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن مسروق ، عن ابن مسعود ، أنه قال : أنهار الجنة تفجر من جبل مسك .
وقد جاء هذا في حديث مرفوع ، رواه الحاكم في " مستدركه " ، فقال : أنبأنا الأصم ، أنبأنا الربيع بن سليمان ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا ابن ثوبان ، عن عطاء بن قرة ، عن عبد الله بن ضمرة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سره أن يسقيه الله من الخمر في الآخرة فليتركها في الدنيا ، ومن سره أن يكسوه الله الحرير في الآخرة فليتركه في الدنيا ، أنهار الجنة تفجر من تحت تلال - أو جبال - المسك ، ولو كان أدنى أهل الجنة حلية عدلت بحلية أهل الدنيا جميعا ، لكان ما يحليه الله تعالى به في الآخرة أفضل من حلية أهل الدنيا جميعا " .
قوله تعالى : وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون فيه أربع مسائل :
الأولى : هذه الآية من نعم الله تعالى على خلقه ومما امتن به عليهم ؛ ومن أعظم المنن الماء الذي هو حياة الأبدان ونماء الحيوان . والماء المنزل من السماء على قسمين : هذا الذي ذكر الله سبحانه وتعالى وأخبر بأنه استودعه في الأرض ، وجعله فيها مختزنا لسقي [ ص: 105 ] الناس يجدونه عند الحاجة إليه ؛ وهو ماء الأنهار ، والعيون ، وما يستخرج من الآبار . وروي عن ابن عباس وغيره أنه إنما أراد الأنهار الأربعة : سيحان ، وجيحان ، ونيل مصر ، والفرات . وقال مجاهد : ليس في الأرض ماء إلا وهو من السماء . وهذا ليس على إطلاقه ، وإلا فالأجاج ثابت في الأرض ، فيمكن أن يقيد قوله بالماء العذب ، ولا محالة أن الله تعالى قد جعل في الأرض ماء وأنزل من السماء ماء . وقد قيل : إن قوله : وأنزلنا من السماء ماء إشارة إلى الماء العذب ، وأن أصله من البحر ، رفعه الله تعالى بلطفه وحسن تقديره من البحر إلى السماء ، حتى طاب بذلك الرفع والتصعيد ؛ ثم أنزله إلى الأرض لينتفع به ، ولو كان الأمر إلى ماء البحر لما انتفع به من ملوحته .
الثانية : قوله تعالى : ( بقدر ) أي على مقدار مصلح ، لأنه لو كثر أهلك ؛ ومنه قوله تعالى : وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم . وإنا على ذهاب به لقادرون يعني الماء المختزن . وهذا تهديد ووعيد ؛ أي في قدرتنا إذهابه وتغويره ، ويهلك الناس بالعطش وتهلك مواشيهم ؛ وهذا كقوله تعالى : قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا أي غائرا فمن يأتيكم بماء معين .
الثالثة : ذكر النحاس : قرئ على أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن يونس ، عن جامع بن سوادة قال : حدثنا سعيد بن سابق ، قال : حدثنا مسلمة بن علي ، عن مقاتل بن حيان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أنزل الله - عز وجل - من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار : سيحون وهو نهر الهند ، وجيحون وهو نهر بلخ ، ودجلة ، والفرات وهما نهرا العراق ، والنيل وهو نهر مصر أنزلها الله تعالى من عين واحدة من عيون الجنة في أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل - عليه السلام - فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض ، وجعل فيها منافع للناس في أصناف معايشهم وذلك قوله جل ثناؤه : وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض فإذا كان عند خروج يأجوج ، ومأجوج أرسل الله - عز وجل - جبريل فرفع من الأرض القرآن ، والعلم ، وجميع الأنهار الخمسة ، فيرفع ذلك إلى السماء فذلك قوله تعالى : وإنا على ذهاب به لقادرون فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدين والدنيا .
[ ص: 106 ] الرابعة : كل ما نزل من السماء مختزنا كان أو غير مختزن فهو طاهر مطهر يغتسل به ويتوضأ منه ؛ على ما يأتي في ( الفرقان ) بيانه .
الجامع لأحكام القرآن »
سورة المؤمنون »
قوله تعالى وأنزلنا من السماء ماء بقدر 

...................................
فصل في أشجار الجنة
قال الله تعالى : وندخلهم ظلا ظليلا [ النساء : 57 ] . وقال تعالى : ذواتا أفنان [ الرحمن : 48 ] . والأفنان : الأغصان ، وقال : مدهامتان [ ص: 304 ] [ الرحمن : 64 ] . أي من كثرة ريهما ، واشتباك أشجارهما . وقال تعالى : وجنى الجنتين دان [ الرحمن : 54 ] . أي قريب من التناول ، وهم على فرشهم . كما قال : ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا [ الإنسان : 14 ] . وقال : قطوفها دانية [ الحاقة : 23 ] . وقال : وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة الواقعة : [ 27 - 33 ] . وقال : فيهما فاكهة ونخل ورمان [ الرحمن : 68 ] . وقال : فيهما من كل فاكهة زوجان [ الرحمن : 52 ] .
وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا عبد الله بن سعيد ، حدثنا زياد بن الحسن بن الفرات القزاز ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . " ما في الجنة شجرة إلا ساقها من ذهب " .
وكذا رواه الترمذي ، عن أبي سعيد عبد الله بن سعيد الكندي الأشج ، وقال : حسن صحيح .
وقال ابن أبي الدنيا : حدثني حمزة بن العباس ، أخبرنا عبد الله بن عثمان ، أخبرنا ابن المبارك ، أخبرنا سفيان ، عن حماد ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : نخل الجنة جذوعها من زمرد أخضر ، وكربها ذهب أحمر ، وسعفها كسوة لأهل الجنة ، منها مقطعاتهم وحللهم ، وثمرها أمثال القلال [ ص: 305 ] والدلاء ، أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، وألين من الزبد ، ليس فيه عجم .
وقال ابن أبي الدنيا : حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري ، حدثنا أبو عامر العقدي ، حدثنا زمعة بن صالح ، عن سلمة بن وهرام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : الظل الممدود شجرة في الجنة على ساق ، قدر ما يسير الراكب المجد في ظلها مائة عام في كل نواحيها . قال : فيخرج إليها أهل الجنة ، أهل الغرف وغيرهم ، فيتحدثون في ظلها ، فيشتهي بعضهم ، ويذكر لهو الدنيا ، فيرسل الله تعالى ريحا من الجنة ، فتحرك تلك الشجرة بكل لهو كان في الدنيا .
وثبت في " الصحيحين " من رواية وهيب ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " . قال : فحدثت به النعمان بن أبي عياش الزرقي ، فقال : حدثني أبو سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام لا يقطعها " .
[ ص: 306 ] وفي " صحيح البخاري " ، من حديث سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : وظل ممدود [ الواقعة : 30 ] . قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " .
وقال أحمد : حدثنا سريج ، حدثنا فليح ، عن هلال بن علي ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة " . اقرءوا إن شئتم : وظل ممدود . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقاب قوس أو سوط في الجنة خير مما تطلع عليه الشمس وتغرب " .
ورواه البخاري ، عن محمد بن سنان ، عن فليح .
ولمسلم من طريق الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة لا يقطعها " .
[ ص: 307 ] طريق أخرى عن أبي هريرة : قال الإمام أحمد : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي يونس سليم بن جبير ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة ، وإن ورقها ليخمر الجنة " .
طريق أخرى : قال الإمام أحمد : حدثنا حجاج ، حدثنا ليث بن سعد ، حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة " .
طريق أخرى : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، عن حماد ، عن محمد بن زياد ، سمعت أبا هريرة قال : سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول : " في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " . 

........................
قوله تعالى : إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا
قد تقدم معنى الإصلاء أول السورة . وقرأ حميد بن قيس " نصليهم " بفتح النون أي نشويهم . يقال : شاة مصلية . ونصب ( نارا ) على هذه القراءة بنزع الخافض تقديره بنار .
كلما نضجت جلودهم يقال : نضج الشيء نضجا ونضجا ، وفلان نضيج الرأي محكمه . والمعنى في الآية : تبدل الجلود جلودا أخر . فإن قال من يطعن في القرآن من الزنادقة : كيف جاز أن يعذب جلدا لم يعصه ؟ قيل له : ليس الجلد بمعذب ولا معاقب ، وإنما الألم واقع على النفوس ؛ لأنها هي التي تحس وتعرف فتبديل الجلود زيادة في عذاب النفوس . يدل عليه قوله تعالى : ليذوقوا العذاب وقوله تعالى : كلما خبت زدناهم سعيرا . فالمقصود تعذيب الأبدان وإيلام الأرواح . ولو أراد الجلود لقال : ليذقن العذاب . مقاتل : تأكله النار كل يوم سبع مرات . الحسن : سبعين ألف مرة كلما أكلتهم قيل لهم : عودوا فعادوا كما كانوا . ابن عمر : إذا احترقوا بدلت لهم جلود بيض كالقراطيس . وقيل : عنى بالجلود السرابيل ؛ كما قال تعالى : وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران سميت جلودا للزومها جلودهم على المجاورة ؛ كما يقال للشيء الخاص بالإنسان : هو جلدة ما بين عينيه . وأنشد ابن عمر رضي الله عنه :
يلومونني في سالم وألومهم وجلدة بين العين والأنف سالم فكلما احترقت السرابيل أعيدت . قال الشاعر :
كسا اللؤم تيما خضرة في جلودها فويل لتيم من سرابيلها الخضر
[ ص: 220 ] فكنى عن الجلود بالسرابيل . وقيل : المعنى أعدنا الجلد الأول جديدا ؛ كما تقول للصائغ : صغ لي من هذا الخاتم خاتما غيره ؛ فيكسره ويصوغ لك منه خاتما . فالخاتم المصوغ هو الأول إلا أن الصياغة تغيرت والفضة واحدة . وهذا كالنفس إذا صارت ترابا وصارت لا شيء ثم أحياها الله تعالى . وكعهدك بأخ لك صحيح ثم تراه بعد ذلك سقيما مدنفا فتقول له : كيف أنت ؟ فيقول : أنا غير الذي عهدت . فهو هو ، ولكن حاله تغيرت . فقول القائل : أنا غير الذي عهدت ، وقوله تعالى : ( غيرها ) مجاز . ونظيره قوله تعالى : يوم تبدل الأرض غير الأرض وهي تلك الأرض بعينها إلا أنها تغير آكامها وجبالها وأنهارها وأشجارها ، ويزاد في سعتها ويسوى ذلك منها ؛ على ما يأتي بيانه في سورة " إبراهيم " عليه السلام . ومن هذا المعنى قول الشاعر :
فما الناس بالناس الذين عهدتهم ولا الدار بالدار التي كنت أعرف وقال الشعبي : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : ألا ترى ما صنعت عائشة . ذمت دهرها ، وأنشدت بيتي لبيد :
ذهب الذين يعاش في أكنافهم وبقيت في خلف كجلد الأجرب يتلذذون مجانة ومذلة ويعاب قائلهم وإن لم يشغب فقالت : رحم الله لبيدا فكيف لو أدرك زماننا هذا ! فقال ابن عباس : لئن ذمت عائشة دهرها لقد ذمت " عاد " دهرها ؛ لأنه وجد في خزانة " عاد " بعدما هلكوا بزمن طويل سهم كأطول ما يكون من رماح ذلك الزمن عليه مكتوب : بلاد بها كنا ونحن بأهلها إذ الناس ناس والبلاد بلاد البلاد باقية كما هي إلا أن أحوالها وأحوال أهلها تنكرت وتغيرت . إن الله كان عزيزا أي لا يعجزه شيء ولا يفوته . حكيما في إيعاده عباده . وقوله في صفة أهل الجنة وندخلهم ظلا ظليلا يعني كثيفا لا شمس فيه . الحسن : وصف بأنه ظليل ؛ لأنه لا يدخله ما يدخل ظل الدنيا من الحر والسموم ونحو ذلك . وقال الضحاك : يعني ظلال الأشجار وظلال قصورها الكلبي : ظلا ظليلا يعني دائما .
الجامع لأحكام القرآن »
سورة النساء »
قوله تعالى إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا 

.....................
فصل في أشجار الجنة » 
شجرة الخلد
قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر وحجاج ، قالا : حدثنا شعبة ، سمعت أبا الضحاك يحدث عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن في [ ص: 308 ] الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين - أو مائة - سنة هي شجرة الخلد

.......................................
[ ص: 578 ] أبو هريرة ( ع )
الإمام الفقيه المجتهد الحافظ ، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أبو هريرة الدوسي اليماني . سيد الحفاظ الأثبات .
اختلف في اسمه على أقوال جمة ، أرجحها : عبد الرحمن بن صخر . وقيل : ابن غنم . وقيل : كان اسمه : عبد شمس ، وعبد الله . وقيل : سكين . وقيل : عامر . وقيل : برير . وقيل : عبد بن غنم . وقيل : عمرو . وقيل : سعيد .
وكذا في اسم أبيه أقوال .
قال هشام بن الكلبي : هو عمير بن عامر بن ذي الشرى بن طريف بن عيان بن أبي صعب بن هنية بن سعد بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد
وهذا بعينه قاله خليفة بن خياط في نسبه ; لكنه قال : " عتاب " في " عيان " ، وقال : " منبه " في " هنية " . [ ص: 579 ]
ويقال : كان في الجاهلية اسمه : عبد شمس ، أبو الأسود ، فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عبد الله ، وكناه : أبا هريرة .
والمشهور عنه أنه كني بأولاد هرة برية . قال : وجدتها ، فأخذتها في كمي ; فكنيت بذلك .
قال الطبراني : وأمه - رضي الله عنها- هي : ميمونة بنت صبيح .
حمل عن النبي - صلى الله عليه وسلم- علما كثيرا طيبا مباركا فيه - لم يلحق في كثرته- وعن أبي ، وأبي بكر ، وعمر ، وأسامة ، وعائشة ، والفضل ، وبصرة بن أبي بصرة ، وكعب الحبر .
حدث عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين ، فقيل : بلغ عدد أصحابه ثمان مائة ، فاقتصر صاحب " التهذيب " ، فذكر من له رواية عنه في كتب الأئمة الستة ، وهم : إبراهيم بن إسماعيل ، وإبراهيم بن عبد الله بن حنين ، وإبراهيم بن عبد الله بن قارظ الزهري - ويقال : عبد الله بن إبراهيم - وإسحاق مولى زائدة ، وأسود بن هلال ، وأغر بن سليك ، والأغر أبو مسلم ، وأنس بن حكيم ، وأنس بن مالك ، وأوس بن خالد . وبسر بن سعيد ، وبشير بن نهيك ، وبشير بن كعب ، وبعجة بن عبد الله الجهني ، وبكير بن فيروز . وثابت بن عياض وثابت بن قيس الزرقي ، وثور بن عفير . وجابر بن عبد الله ، وجبر بن عبيدة ، وجعفر بن عياض ، وجمهان [ ص: 580 ] الأسلمي ، والجلاس . والحارث بن مخلد ، وحريث بن قبيصة ، والحسن البصري ، وحصين بن اللجلاج - ويقال : خالد ، ويقال : قعقاع - وحصين بن مصعب ، وحفص بن عاصم بن عمر ، وحفص بن عبد الله بن أنس ، والحكم بن ميناء ، وحكيم بن سعد ، وحميد بن عبد الرحمن الزهري ، وحميد بن عبد الرحمن ، وحميد بن مالك ، وحنظلة بن علي ، وحيان بن بسطام ، والد سليم . وخالد بن عبد الله ، وخالد بن غلاق ، وخباب صاحب المقصورة ، وخلاس ، وخيثمة بن عبد الرحمن . وذهيل بن عوف . وربيعة الجرشي ، ورميح الجذامي . وزرارة بن أوفى ، وزفر بن صعصعة - بخلف- وزياد بن ثويب ، وزياد بن رياح ، وزياد بن قيس ، وزياد الطائي ، وزيد بن أسلم - مرسل- وزيد بن أبي عتاب . وسالم العمري ، وسالم بن أبي الجعد ، وسالم أبو الغيث ، وسالم مولى النصريين وسحيم الزهري ، وسعد بن هشام ، وسعيد بن الحارث ، وسعيد بن أبي الحسن ، وسعيد بن حيان ، وسعيد المقبري ، وسعيد بن سمعان ، وسعيد بن عمرو بن الأشدق ، وسعيد ابن مرجانة ، وسعيد بن المسيب ، وسعيد بن أبي هند ، وسعيد بن يسار ، وسلمان [ ص: 581 ] الأغر ، وسلمة بن الأزرق ، وسلمة الليثي ، وسليمان بن حبيب المحاربي ، وسليمان بن سنان ، وسليمان بن يسار ، وسنان بن أبي سنان . وشتير - وقيل : سمير - بن نهار ، وشداد أبو عمار ، وشريح بن هانئ ، وشفي بن ماتع ، وشقيق بن سلمة ، وشهر بن حوشب . وصالح بن درهم ، وصالح بن أبي صالح ، وصالح مولى التوأمة ، وصعصعة بن مالك ، وصهيب العتواري . والضحاك بن شرحبيل ، والضحاك بن عبد الرحمن بن عرزم ، وضمضم بن جوس . وطارق بن محاسن وطاوس اليماني . وعامر بن سعد بن أبي وقاص ، وعامر بن سعد البجلي ، وعامر الشعبي ، وعباد أخو سعيد المقبري ، وعباس الجشمي ، وعبد الله بن ثعلبة بن صعير ، وأبو الوليد عبد الله بن الحارث ، وعبد الله بن رافع مولى أم سلمة ، وأبو سلمة عبد الله بن رافع الحضرمي ، وعبد الله بن رباح الأنصاري ، وعبد الله بن سعد مولى عائشة ، وعبد الله بن أبي سليمان ، وعبد الله بن شقيق ، وعبد الله بن ضمرة ، وابن عباس ، وابن ابن عمر عبيد الله - وقيل : عبد الله - وعبد الله بن عبد الرحمن الدوسي ، وعبد الله بن عتبة [ ص: 582 ] الهذلي ، وعبد الله بن عمرو بن عبد القاري ، وعبد الله بن فروخ ، وعبد الله بن يامين ، وعبد الحميد بن سالم ، وعبد الرحمن بن آدم ، وعبد الرحمن بن أذينة ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وعبد الرحمن بن حجيرة ، وعبد الرحمن بن أبي حدرد ، وعبد الرحمن بن خالد بن ميسرة ، وعبد الرحمن بن سعد مولى الأسود . وعبد الرحمن بن سعد المقعد ، وعبد الرحمن بن الصامت ، وابن الهضهاض ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب ، وعبد الرحمن بن أبي عمرة ، وعبد الرحمن بن غنم ، وعبد الرحمن بن أبي كريمة ، والد السدي ، وعبد الرحمن بن مهران ، مولى أبي هريرة ، وعبد الرحمن بن أبي نعم البجلي . وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، وعبد الرحمن بن يعقوب الحرقي ، وعبد العزيز بن مروان ، وعبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن - بخلف- وعبد الملك بن يسار ، وعبيد الله بن أبي رافع النبوي ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، وعبيد الله بن عبد الله بن موهب ، وعبيد بن حنين ، وعبيد بن سلمان ، وعبيد بن أبي عبيد ، وعبيد بن عمير الليثي ، وعبيدة بن سفيان ، وعثمان بن أبي سودة ، وعثمان بن شماس - بخلف - وعثمان بن عبد الله بن موهب ، وعجلان ، والد محمد ، وعجلان ، مولى المشمعل ، وعراك بن مالك ، وعروة بن الزبير ، وعروة بن تميم ، وعطاء بن أبي رباح ، وعطاء بن أبي علقمة ، وعطاء بن أبي مسلم الخراساني - ولم يدركه- وعطاء بن مينا ، وعطاء بن يزيد ، وعطاء بن يسار ، وعطاء مولى ابن أبي أحمد . وعطاء مولى أم صبية ، وعطاء الزيات - إن صح- وعكرمة بن خالد - وما أظنه لحقه- وعكرمة العباسي ، وعلقمة بن بجالة ، وعلي بن الحسين ، وعلي بن رباح ، وعلي بن شماخ - إن صح- وعمار بن أبي عمار مولى بني هاشم ، وعمارة - وقيل : عمرو- بن أكيمة الليثي ، وعمر بن الحكم بن ثوبان ، وعمر بن الحكم بن رافع ، [ ص: 583 ] وعمر بن خلدة قاضي المدينة ، وعمرو بن دينار ، وعمرو بن أبي سفيان ، وعمرو بن سليم الزرقي ، وعمرو بن عاصم بن سفيان بن عبد الله الثقفي ، وعمرو بن عمير ، وعمرو بن قهيد ، وعمرو بن ميمون الأودي ، وعمير بن الأسود العنسي ، وعمير بن هانئ العنسي ، وعنبسة بن سعيد بن العاص ، وعوف بن الحارث ، رضيع عائشة ، والعلاء بن زياد العدوي ، وعيسى بن طلحة . والقاسم بن محمد ، وقبيصة بن ذؤيب ، وقسامة بن زهير ، والقعقاع بن حكيم - ولم يلقه - وقيس بن أبي حازم . وكثير بن مرة ، وكعب المدني ، وكليب بن شهاب ، وكميل بن زياد ، وكنانة مولى صفية . ومالك بن أبي عامر الأصبحي ، ومجاهد ، والمحرر بن أبي هريرة ، ومحمد بن إياس بن البكير ، ومحمد بن ثابت ، ومحمد بن زياد ، ومحمد بن سيرين ، ومحمد بن شرحبيل ، ومحمد بن أبي عائشة ، ومحمد بن عباد بن جعفر ، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذباب ، ومحمد بن عمار القرظ . ومحمد بن عمرو بن عطاء - بخلف - ومحمد بن عمير ، ومحمد بن قيس بن مخرمة ، ومحمد بن كعب القرظي ، ومحمد بن مسلم الزهري - ولم يلحقه- ومحمد بن المنكدر ، ومروان بن الحكم ، ومضارب بن حزن ، والمطلب بن عبد الله بن حنطب ، والمطوس - ويقال : أبو المطوس - ومعبد بن عبد الله بن هشام والد زهرة . والمغيرة بن أبي بردة ، ومكحول - ولم يره - والمنذر أبو نضرة العبدي ، وموسى بن طلحة ، وموسى بن وردان ، وموسى بن يسار ، وميمون بن مهران ، ومينا مولى عبد الرحمن بن عوف . [ ص: 584 ] ونافع بن جبير ، ونافع بن عباس ، مولى أبي قتادة ، ونافع بن أبي نافع ، مولى أبي أحمد ، ونافع العمري ، والنضر بن سفيان ، ونعيم المجمر . وهمام بن منبه ، وهلال بن أبي هلال ، والهيثم بن أبي سنان ، وواثلة بن الأسقع ، والوليد بن رباح . ويحيى بن جعدة ، ويزيد بن الأصم ، ويحيى بن أبي صالح ، ويحيى بن النضر الأنصاري ، ويحيى بن يعمر ، ويزيد بن رومان - ولم يلحقه - ويزيد بن عبد الله بن الشخير ، ويزيد بن عبد الله بن قسيط ، ويزيد بن عبد الرحمن الأودي - والد إدريس ، ويزيد بن هرمز . ويزيد مولى المنبعث ، ويعلى بن عقبة ، ويعلى بن مرة ، ويوسف بن ماهك . وأبو إدريس الخولاني ، وأبو إسحاق مولى بني هاشم ، وأبو أمامة بن سهل ، وأبو أيوب المراغي ، وأبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة وأبو بكر بن عبد الرحمن ، وأبو تميمة الهجيمي ، وأبو ثور الأزدي ، وأبو جعفر المدني - فإن كان الباقر فمرسل- وأبو الجوزاء الربعي ، وأبو حازم الأشجعي ، وأبو الحكم البجلي ، وأبو الحكم مولى بني ليث ، وأبو حميد - فيقال : هو عبد الرحمن بن سعد المقعد - وأبو حي المؤذن . وأبو خالد البجلي ، والد إسماعيل ، وأبو خالد الوالبي ، وأبو خالد ، مولى آل جعدة ، وأبو رافع الصائغ ، وأبو الربيع المدني ، وأبو رزين الأسدي ، وأبو زرعة البجلي ، وأبو زيد ، وأبو السائب مولى هشام بن زهرة ، وأبو سعد الخير - حمصي ، ويقال : أبو سعيد - وأبو سعيد بن أبي المعلى ، وأبو سعيد الأزدي وأبو سعيد المقبري . وأبو سعيد مولى ابن عامر ، وأبو سفيان [ ص: 585 ] مولى ابن أبي أحمد ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وأبو السليل القيسي وأبو الشعثاء المحاربي ، وأبو صالح الأشعري ، وأبو صالح الحنفي ، وأبو صالح الخوزي ، وأبو صالح السمان ، وأبو صالح مولى ضباعة ، وأبو الصلت ، وأبو الضحاك ، وأبو العالية الرياحي ، وأبو عبد الله الدوسي ، وأبو عبد الله القراظ ، وأبو عبد الله مولى الجندعيين . وأبو عبد العزيز ، وأبو عبد الملك ، مولى أم مسكين . وأبو عبيد مولى ابن أزهر ، وأبو عثمان التبان ، وأبو عثمان النهدي ، وأبو عثمان الطنبذي ، وأبو عثمان آخر ، وأبو علقمة مولى بني هاشم ، وأبو عمر الغداني ، وأبو غطفان المري ، وأبو قلابة الجرمي - مرسل - وأبو كباش العيشي . وأبو كثير السحيمي ، وأبو المتوكل الناجي ، وأبو مدلة ، مولى عائشة ، وأبو مرة مولى عقيل ، وأبو مريم الأنصاري ، وأبو مزاحم - مدني - وأبو مزرد ، وأبو المهزم البصري ، وأبو ميمونة - مدني - وأبو هاشم الدوسي ، وأبو الوليد مولى عمرو بن حريث ، وأبو يحيى مولى آل جعدة ، وأبو يحيى الأسلمي ، هو وأبو يونس مولى أبي هريرة . وابن حسنة الجهني ، وابن سيلان ، وابن مكرز- شامي - وابن وثيمة النصري . وكريمة بنت الحسحاس ، وأم الدرداء الصغرى .
عرض في كتاب سير أعلام النبلاء
فصل في أشجار الجنة » 
شجرة طوبى
قال الإمام أحمد : حدثنا علي بن بحر ، حدثنا هشام بن يوسف ، حدثنا معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عامر بن زيد البكالي ، أنه سمع عتبة بن عبد السلمي يقول : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الحوض ، وذكر الجنة ، فقال الأعرابي : فيها فاكهة ؟ قال : " نعم ، وفيها شجرة تدعى طوبى " . فذكر شيئا لا أدري ما هو ، قال : أي شجر أرضنا تشبه ؟ قال : " ليست تشبه شيئا من شجر أرضك " . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أتيت الشام ؟ " قال : لا . قال : " تشبه شجرة بالشام تدعى الجوزة ، تنبت على ساق واحد ، وينفرش أعلاها " . قال : ما عظم أصلها ؟ قال : " لو ارتحلت جذعة من إبل أهلك ما أحطت بأصلها ، حتى تنكسر ترقوتها هرما " . قال : فيها عنب ؟ قال : " نعم " . قال : فما عظم العنقود ؟ قال : " مسيرة شهر للغراب الأبقع يطير ، ولا يفتر " . قال : فما عظم الحبة ؟ قال : " هل ذبح أبوك تيسا من غنمه قط عظيما ؟ " قال : نعم . قال : " فسلخ إهابه فأعطاه أمك ، قال : اتخذي لنا منه دلوا ؟ " قال : نعم . قال الأعرابي : فإن تلك الحبة لتشبعني وأهل بيتي ؟ قال : " نعم ، وعامة عشيرتك " .
[ ص: 309 ] وقال حرملة ، عن عبد الله بن وهب ، أخبرني عمرو ، أن دراجا حدثه أن أبا الهيثم حدثه ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال : يا رسول الله ، طوبى لمن رآك وآمن بك . قال : " طوبى لمن رآني وآمن بي " وطوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني " . قال رجل : يا رسول الله ، وما طوبى ؟ قال : " شجرة في الجنة مسيرة مائة سنة ، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها " . 

......................................
يحيى بن أبي كثير ( ع )
الإمام الحافظ ، أحد الأعلام أبو نصر الطائي ، مولاهم اليمامي ، واسم أبيه صالح ، وقيل يسار ، وقيل : نشيط .
روى عن أبي أمامة الباهلي ، وذلك في صحيح مسلم ، ولكنه مرسل ، وعن أنس بن مالك وذلك في كتاب النسائي . وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، وعبد الله بن أبي قتادة ، وأبي قلابة الجرمي ، وبعجة بن عبد الله الجهني ، وعمران بن حطان ، وهلال بن أبي ميمونة ، وعدة .
وروى عن جابر مرسلا ، ودينار ، والسائب بن يزيد ، وضمضم بن جوس ، وعقبة بن عبد الله الغافر ، وعبيد الله بن - مقسم ، وعكرمة ، وحية بن حابس ، ونافع ، ومحمد بن إبراهيم التيمي ، وأبي سلام الحبشي - وينزل إلى أن روى عن زيد بن سلام ، حفيد هذا ، وعن الأوزاعي ، وهو تلميذه .
وكان طلابة للعلم ، حجة .
روى عنه ابنه عبد الله ، ومعمر ، والأوزاعي ، وهشام بن أبي عبد الله ، وحرب بن شداد ، وعكرمة بن عمار ، وشيبان النحوي ، وهمام بن يحيى ، وأبان [ ص: 28 ] بن يزيد ، وأيوب بن عتبة ، ومحمد بن جابر ، وأيوب بن النجاد ، وجرير بن حازم ، وسليمان بن أرقم ، وأبو عامر الخزاز ، وعمران القطان ، وعلي بن المبارك ، وأبو إسماعيل القناد وخلق .
وقال حرب بن شداد : عن يحيى ، قال : كل شيء عندي عن أبي سلام الأسود ، إنما هو كتاب . وروى وهيب بن خالد ، عن أيوب ، قال : ما بقي على وجه الأرض مثل يحيى بن أبي كثير .
وقال شعبة : يحيى بن أبي كثير أحسن حديثا من الزهري .
وقال أحمد بن حنبل : إذا خالفه الزهري ، فالقول قول يحيى .
وقال أبو حاتم الرازي : هو إمام لا يروي إلا عن ثقة ، وقد نالته محنة ، وضرب لكلامه في ولاة الجور .
نقل جماعة أنه توفي سنة تسع وعشرين ومائة وبعضهم نقل أنه بقي إلى سنة اثنتين وثلاثين ومائة والأول أصح .
قال أحمد : هو من أثبت الناس ، إنما يعد مع الزهري ، ويحيى بن سعيد . وقال ابن حبان : كان من العباد ، إذا حضر جنازة ، لم يتعش تلك الليلة ، ولا يكلمه أحد .
وقال العقيلي : كان يذكر بالتدليس .
وقال أبو حاتم : قد رأى أنسا يصلي في الحرم .
وقال حسين المعلم : قال لي يحيى : كل شيء عن أبي سلام إنما هو كتاب . المعافى بن عمران ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير قال : قال [ ص: 29 ] سليمان -عليه السلام- : يا بني إياك والمراء ، فإنه ليس فيه منفعة ، وهو يورث العداوة بين الإخوان . عبد الله بن يحيى بن أبي كثير : سمعت أبي يقول : لا يستطاع العلم براحة الجسد . أبو إسحاق الفزاري ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، قال : إذا رأيت المبتدع في طريق ، فخذ في غيره . ابن وهب : أخبرني من سمع الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير ، أن سليمان بن داود قال لابنه : إن الأحلام تصدق قليلا ، وتكذب كثيرا ، فعليك بكتاب الله ، فالزمه ، وإياه فتأول . عبد الرزاق ، عن معمر قال : حدث يحيى بن أبي كثير بأحاديث ، فقال : اكتب لي حديث كذا ، وحديث كذا . فقلت : يا أبا نصر ، أما تكره كتب العلم ؟ قال : اكتبه لي ، فإنك إن لم تكتب فقد ضيعت أو عجزت .
أخبرنا أحمد بن سلامة ، وعلي بن أحمد كتابة عن المبارك بن المبارك ، أخبرنا أبو علي محمد بن محمد الخطيب ، أخبرنا عبيد الله بن عمر ، أخبرنا أبو بحر بن محمد بن الحسن ، حدثنا محمد بن سليمان الباغندي ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا حجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة ، حدثني حجاج بن عمر الأنصاري أنه سمع رسول الله يقول : من كسر أو عرج ، فقد حل ، وعليه [ ص: 30 ] الحج من قابل رواه أحمد في " مسنده " عن يحيى بن سعيد ، عن حجاج ورواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، عن أصحاب يحيى نحوه . ورواه الترمذي عن الكوسج ، عن روح ، والأنصاري عن حجاج وحسنه .
لكنه معلول بما رواه معمر ومعاوية بن سلام عن يحيى عن عكرمة ، فقال : عن عبد الله بن رافع عن الحجاج . قال البخاري : وهذا أصح . قال حسين المعلم : قلنا ليحيى بن أبي كثير : هذه المرسلات ، عمن ؟ قال : أترى رجلا أخذ مدادا وصحيفة ، فكتب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكذب ؟ .
قال : فقلت : إذا جاء مثل هذا فأخبرنا ، قال : إذا قلت : بلغني ، فإنه من كتاب .
وقال يحيى القطان : مرسلات يحيى بن أبي كثير شبه الريح .
وقال الفلاس : ما حدثنا يحيى القطان لقتادة ولا ليحيى بن أبي كثير بشيء مرسل ، إلا حديثا واحدا .
حدثنا عن الأوزاعي ، عن يحيى ، أن ابن عباس كان لا يرى طلاق المكره شيئا . قال يزيد بن هارون عن همام قال : ما رأيت أصلب وجها من يحيى [ ص: 31 ] بن أبي كثير . كنا نحدثه بالغداة ، فنروح بالعشي فيحدثناه .
ويروى أن يحيى بن أبي كثير ، أقام بالمدينة عشر سنين في طلب العلم .
قال الفلاس : مات سنة تسع وعشرين ومائة .
عرض في كتاب سير أعلام النبلاء
فصل في أشجار الجنة » 
شجرة طوبى
قال الإمام أحمد : حدثنا علي بن بحر ، حدثنا هشام بن يوسف ، حدثنا معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عامر بن زيد البكالي ، أنه سمع عتبة بن عبد السلمي يقول : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الحوض ، وذكر الجنة ، فقال الأعرابي : فيها فاكهة ؟ قال : " نعم ، وفيها شجرة تدعى طوبى " . فذكر شيئا لا أدري ما هو ، قال : أي شجر أرضنا تشبه ؟ قال : " ليست تشبه شيئا من شجر أرضك " . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أتيت الشام ؟ " قال : لا . قال : " تشبه شجرة بالشام تدعى الجوزة ، تنبت على ساق واحد ، وينفرش أعلاها " . قال : ما عظم أصلها ؟ قال : " لو ارتحلت جذعة من إبل أهلك ما أحطت بأصلها ، حتى تنكسر ترقوتها هرما " . قال : فيها عنب ؟ قال : " نعم " . قال : فما عظم العنقود ؟ قال : " مسيرة شهر للغراب الأبقع يطير ، ولا يفتر " . قال : فما عظم الحبة ؟ قال : " هل ذبح أبوك تيسا من غنمه قط عظيما ؟ " قال : نعم . قال : " فسلخ إهابه فأعطاه أمك ، قال : اتخذي لنا منه دلوا ؟ " قال : نعم . قال الأعرابي : فإن تلك الحبة لتشبعني وأهل بيتي ؟ قال : " نعم ، وعامة عشيرتك " .
[ ص: 309 ] وقال حرملة ، عن عبد الله بن وهب ، أخبرني عمرو ، أن دراجا حدثه أن أبا الهيثم حدثه ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال : يا رسول الله ، طوبى لمن رآك وآمن بك . قال : " طوبى لمن رآني وآمن بي " وطوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني " . قال رجل : يا رسول الله ، وما طوبى ؟ قال : " شجرة في الجنة مسيرة مائة سنة ، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها " . 

..................................
يحيى بن أبي كثير ( ع )
الإمام الحافظ ، أحد الأعلام أبو نصر الطائي ، مولاهم اليمامي ، واسم أبيه صالح ، وقيل يسار ، وقيل : نشيط .
روى عن أبي أمامة الباهلي ، وذلك في صحيح مسلم ، ولكنه مرسل ، وعن أنس بن مالك وذلك في كتاب النسائي . وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، وعبد الله بن أبي قتادة ، وأبي قلابة الجرمي ، وبعجة بن عبد الله الجهني ، وعمران بن حطان ، وهلال بن أبي ميمونة ، وعدة .
وروى عن جابر مرسلا ، ودينار ، والسائب بن يزيد ، وضمضم بن جوس ، وعقبة بن عبد الله الغافر ، وعبيد الله بن - مقسم ، وعكرمة ، وحية بن حابس ، ونافع ، ومحمد بن إبراهيم التيمي ، وأبي سلام الحبشي - وينزل إلى أن روى عن زيد بن سلام ، حفيد هذا ، وعن الأوزاعي ، وهو تلميذه .
وكان طلابة للعلم ، حجة .
روى عنه ابنه عبد الله ، ومعمر ، والأوزاعي ، وهشام بن أبي عبد الله ، وحرب بن شداد ، وعكرمة بن عمار ، وشيبان النحوي ، وهمام بن يحيى ، وأبان [ ص: 28 ] بن يزيد ، وأيوب بن عتبة ، ومحمد بن جابر ، وأيوب بن النجاد ، وجرير بن حازم ، وسليمان بن أرقم ، وأبو عامر الخزاز ، وعمران القطان ، وعلي بن المبارك ، وأبو إسماعيل القناد وخلق .
وقال حرب بن شداد : عن يحيى ، قال : كل شيء عندي عن أبي سلام الأسود ، إنما هو كتاب . وروى وهيب بن خالد ، عن أيوب ، قال : ما بقي على وجه الأرض مثل يحيى بن أبي كثير .
وقال شعبة : يحيى بن أبي كثير أحسن حديثا من الزهري .
وقال أحمد بن حنبل : إذا خالفه الزهري ، فالقول قول يحيى .
وقال أبو حاتم الرازي : هو إمام لا يروي إلا عن ثقة ، وقد نالته محنة ، وضرب لكلامه في ولاة الجور .
نقل جماعة أنه توفي سنة تسع وعشرين ومائة وبعضهم نقل أنه بقي إلى سنة اثنتين وثلاثين ومائة والأول أصح .
قال أحمد : هو من أثبت الناس ، إنما يعد مع الزهري ، ويحيى بن سعيد . وقال ابن حبان : كان من العباد ، إذا حضر جنازة ، لم يتعش تلك الليلة ، ولا يكلمه أحد .
وقال العقيلي : كان يذكر بالتدليس .
وقال أبو حاتم : قد رأى أنسا يصلي في الحرم .
وقال حسين المعلم : قال لي يحيى : كل شيء عن أبي سلام إنما هو كتاب . المعافى بن عمران ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير قال : قال [ ص: 29 ] سليمان -عليه السلام- : يا بني إياك والمراء ، فإنه ليس فيه منفعة ، وهو يورث العداوة بين الإخوان . عبد الله بن يحيى بن أبي كثير : سمعت أبي يقول : لا يستطاع العلم براحة الجسد . أبو إسحاق الفزاري ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، قال : إذا رأيت المبتدع في طريق ، فخذ في غيره . ابن وهب : أخبرني من سمع الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير ، أن سليمان بن داود قال لابنه : إن الأحلام تصدق قليلا ، وتكذب كثيرا ، فعليك بكتاب الله ، فالزمه ، وإياه فتأول . عبد الرزاق ، عن معمر قال : حدث يحيى بن أبي كثير بأحاديث ، فقال : اكتب لي حديث كذا ، وحديث كذا . فقلت : يا أبا نصر ، أما تكره كتب العلم ؟ قال : اكتبه لي ، فإنك إن لم تكتب فقد ضيعت أو عجزت .
أخبرنا أحمد بن سلامة ، وعلي بن أحمد كتابة عن المبارك بن المبارك ، أخبرنا أبو علي محمد بن محمد الخطيب ، أخبرنا عبيد الله بن عمر ، أخبرنا أبو بحر بن محمد بن الحسن ، حدثنا محمد بن سليمان الباغندي ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا حجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة ، حدثني حجاج بن عمر الأنصاري أنه سمع رسول الله يقول : من كسر أو عرج ، فقد حل ، وعليه [ ص: 30 ] الحج من قابل رواه أحمد في " مسنده " عن يحيى بن سعيد ، عن حجاج ورواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، عن أصحاب يحيى نحوه . ورواه الترمذي عن الكوسج ، عن روح ، والأنصاري عن حجاج وحسنه .
لكنه معلول بما رواه معمر ومعاوية بن سلام عن يحيى عن عكرمة ، فقال : عن عبد الله بن رافع عن الحجاج . قال البخاري : وهذا أصح . قال حسين المعلم : قلنا ليحيى بن أبي كثير : هذه المرسلات ، عمن ؟ قال : أترى رجلا أخذ مدادا وصحيفة ، فكتب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكذب ؟ .
قال : فقلت : إذا جاء مثل هذا فأخبرنا ، قال : إذا قلت : بلغني ، فإنه من كتاب .
وقال يحيى القطان : مرسلات يحيى بن أبي كثير شبه الريح .
وقال الفلاس : ما حدثنا يحيى القطان لقتادة ولا ليحيى بن أبي كثير بشيء مرسل ، إلا حديثا واحدا .
حدثنا عن الأوزاعي ، عن يحيى ، أن ابن عباس كان لا يرى طلاق المكره شيئا . قال يزيد بن هارون عن همام قال : ما رأيت أصلب وجها من يحيى [ ص: 31 ] بن أبي كثير . كنا نحدثه بالغداة ، فنروح بالعشي فيحدثناه .
ويروى أن يحيى بن أبي كثير ، أقام بالمدينة عشر سنين في طلب العلم .
قال الفلاس : مات سنة تسع وعشرين ومائة .
عرض في كتاب سير أعلام النبلاء
صفة الجنة وما فيها من النعيم المقيم الدائم على الأبد »
فصل في أشجار الجنة » 
         
قال تعالى : ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى [ النجم : 13 - 18 ] . وذكرنا في " التفسير " أنه غشيها نور الرب ، جل جلاله ، وأنه غشيتها الملائكة مثل الغربان ، يعني كثرة ، وأنه غشيها فراش من ذهب ، وغشيتها ألوان متعددة ; كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فغشيها ألوان لا أدري ما هي " ، " ما يستطيع أحد أن ينعتها " .
وفي " الصحيحين " عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في حديث المعراج : " ثم رفعت لي سدرة المنتهى في السماء السابعة ، فإذا نبقها مثل قلال هجر ، وورقها مثل آذان [ ص: 310 ] الفيلة ، وإذا يخرج من ساقها نهران ظاهران ، ونهران باطنان ، فقلت : يا جبريل ، ما هذا ؟ قال : أما الباطنان ففي الجنة ، وأما الظاهران فالنيل والفرات " .
وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر سدرة المنتهى ، فقال : " يسير في ظل الفنن منها الراكب مائة سنة " . أو قال : " يستظل في ظل الفنن منها مائة راكب ، فيها فراش الذهب ، كأن ثمرها القلال " .
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثني حمزة بن العباس ، حدثنا عبد الله بن عثمان ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا صفوان بن عمرو ، عن سليم بن عامر ، قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : إن الله تعالى لينفعنا بالأعراب ومسائلهم . قال : أقبل أعرابي يوما ، فقال : يا رسول الله ، ذكر الله تعالى في الجنة شجرة مؤذية ، وما كنت أرى في الجنة شجرة تؤذي صاحبها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وما هي ؟ " قال : السدر ، فإن له شوكا مؤذيا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الله تعالى يقول : في سدر مخضود [ الواقعة : 28 ] خضد الله تعالى شوكه ، فجعل مكان كل شوكة ثمرة ، فإنها [ ص: 311 ] لتنبت ثمرا تفتق الثمرة منها عن اثنين وسبعين لونا من طعام ، ما فيه لون يشبه الآخر " .
وقد روي هذا الحديث من وجه آخر بلفظ آخر ; فقال أبو بكر بن أبي داود : حدثنا محمد بن مصفى ، حدثنا محمد بن المبارك ، حدثنا يحيى بن حمزة ، حدثنا ثور بن يزيد ، حدثنا حبيب بن عبيد ، عن عتبة بن عبد السلمي قال : كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال : يا رسول الله ، أسمعك تذكر شجرة في الجنة لا أعلم شجرة أكثر شوكا منها - يعني الطلح - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خضد شوكه فجعل الله مكان كل شوكة منها ثمرة مثل خصوة التيس الملبود ، فيها سبعون لونا من الطعام ، لا يشبه لون آخر " . الملبود هو الذي قد تلبد صوفه بعضه على بعض

 

.............................
قوله تعالى : ما كذب الفؤاد ما رأى أفتمارونه على ما يرى ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى
[ ص: 86 ] قوله تعالى : ما كذب الفؤاد ما رأى أي لم يكذب قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج ; وذلك أن الله تعالى جعل بصره في فؤاده حتى رأى ربه تعالى وجعل الله تلك رؤية . وقيل : كانت رؤية حقيقة بالبصر . والأول مروي عن ابن عباس . وفي صحيح مسلم أنه رآه بقلبه . وهو قول أبي ذر وجماعة من الصحابة . والثاني قول أنس وجماعة . وروي عن ابن عباس أيضا أنه قال : أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم ، والكلام لموسى ، والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم . وروي عن ابن عباس أيضا أنه قال : أما نحن بني هاشم فنقول إن محمدا رأى ربه مرتين . وقد مضى القول في هذا في " الأنعام " عند قوله : لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار . وروى محمد بن كعب قال : قلنا يا رسول الله صلى الله عليك ، رأيت ربك ؟ قال : رأيته بفؤادي مرتين ثم قرأ : ما كذب الفؤاد ما رأى . وقول ثالث أنه رأى جلاله وعظمته ; قاله الحسن . وروى أبو العالية قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل رأيت ربك ؟ قال : رأيت نهرا ورأيت وراء النهر حجابا ورأيت وراء الحجاب نورا لم أر غير ذلك . وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك ؟ قال : نور أنى أراه المعنى غلبني من النور وبهرني منه ما منعني من رؤيته . ودل على هذا الرواية الأخرى رأيت نورا . وقال ابن [ ص: 87 ] مسعود : رأى جبريل على صورته مرتين . وقرأ هشام عن ابن عامر وأهل الشام " ما كذب " بالتشديد أي ما كذب قلب محمد ما رأى بعينه تلك الليلة بل صدقه . ف " ما " مفعوله بغير حرف مقدر ; لأنه يتعدى مشددا بغير حرف . ويجوز أن تكون " ما " بمعنى الذي والعائد محذوف ، ويجوز أن يكون مع الفعل مصدرا . الباقون مخففا ; أي ما كذب فؤاد محمد فيما رأى ; فأسقط حرف الصفة . قال حسان رضي الله عنه :
لو كنت صادقة الذي حدثتني لنجوت منجى الحارث بن هشام أي في الذي حدثتني . ويجوز أن يكون مع الفعل مصدرا . ويجوز أن يكون بمعنى الذي ; أي ما كذب فؤاد محمد صلى الله عليه وسلم الذي رأى .
قوله تعالى : أفتمارونه على ما يرى قرأ حمزة والكسائي " أفتمرونه " بفتح التاء من غير ألف على معنى أفتجحدونه . واختاره أبو عبيد ; لأنه قال : لم يماروه وإنما جحدوه . يقال : مراه حقه أي جحده ومريته أنا ; قال الشاعر :
لئن هجرت أخا صدق ومكرمة لقد مريت أخا ما كان يمريكا
أي جحدته . وقال المبرد : يقال مراه عن حقه وعلى حقه إذا منعه منه ودفعه عنه . قال : ومثل " على " بمعنى " عن " قول بني كعب بن ربيعة : رضي الله عليك ; أي رضي عنك . وقرأ الأعرج ومجاهد " أفتمرونه " بضم التاء من غير ألف من أمريت ; أي تريبونه وتشككونه . الباقون " أفتمارونه " بألف ، أي أتجادلونه وتدافعونه في أنه رأى الله ; والمعنيان متداخلان ; لأن مجادلتهم جحود . وقيل : إن الجحود كان دائما منهم وهذا جدال جديد ; قالوا : صف لنا بيت المقدس وأخبرنا عن عيرنا التي في طريق الشام . على ما تقدم .
قوله تعالى : ولقد رآه نزلة أخرى " نزلة " مصدر في موضع الحال كأنه قال : ولقد رآه نازلا نزلة أخرى . قال ابن عباس : رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه مرة أخرى بقلبه . روى مسلم عن أبي [ ص: 88 ] العالية عنه قال : ما كذب الفؤاد ما رأى ولقد رآه نزلة أخرى قال : رآه بفؤاده مرتين ; فقوله : نزلة أخرى يعود إلى محمد صلى الله عليه وسلم ; فإنه كان له صعود ونزول مرارا بحسب أعداد الصلوات المفروضة ، فلكل عرجة نزلة ، وعلى هذا قوله تعالى : عند سدرة المنتهى أي ومحمد صلى الله عليه وسلم عند سدرة المنتهى وفي بعض تلك النزلات . وقال ابن مسعود وأبو هريرة في تفسير قوله تعالى : ولقد رآه نزلة أخرى إنه جبريل . ثبت هذا أيضا في صحيح مسلم . وقال ابن مسعود : قال النبي صلى الله عليه وسلم : رأيت جبريل بالأفق الأعلى له ستمائة جناح يتناثر من ريشه الدر والياقوت ذكره المهدوي .
قوله تعالى : عند سدرة المنتهى " عند " من صلة " رآه " على ما بينا . والسدر شجر النبق وهي في السماء السادسة ، وجاء في السماء السابعة . والحديث بهذا في صحيح مسلم ; الأول ما رواه مرة عن عبد الله قال : لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهي به إلى سدرة المنتهى ، وهي في السماء السادسة ، إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض فيقبض منها ، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها ، قال : إذ يغشى السدرة ما يغشى قال : فراش من ذهب ، قال : فأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا : أعطي الصلوات الخمس ، وأعطي خواتيم سورة البقرة ، وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئا المقحمات . الحديث الثاني رواه قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لما رفعت إلى سدرة المنتهى في السماء السابعة نبقها مثل قلال هجر ، وورقها مثل آذان الفيلة ، يخرج من ساقها نهران ظاهران ونهران باطنان قلت يا جبريل ما هذا قال أما الباطنان ففي الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات لفظ الدارقطني . والنبق بكسر الباء : ثمر السدر الواحد نبقة . ويقال : نبق بفتح النون وسكون الباء ; ذكرهما يعقوب في الإصلاح وهي لغة المصريين ، والأولى أفصح وهي التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم . وروى الترمذي عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - وقد ذكر له سدرة المنتهى - قال : " يسير [ ص: 89 ] الراكب في ظل الغصن منها مائة سنة أو يستظل بظلها مائة راكب - شك يحيى - فيها فراش الذهب كأن ثمرها القلال " قال أبو عيسى : هذا حديث حسن .
قلت : وكذا لفظ مسلم من حديث ثابت عن أنس ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى وإذا ورقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشيها من أمر الله عز وجل ما غشي تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها .
واختلف لم سميت سدرة المنتهى على أقوال تسعة ؛ الأول : ما تقدم عن ابن مسعود أنه ينتهي إليها كل ما يهبط من فوقها ويصعد من تحتها . الثاني : أنه ينتهي علم الأنبياء إليها ويعزب علمهم عما وراءها ; قاله ابن عباس . الثالث : أن الأعمال تنتهي إليها وتقبض منها ; قاله الضحاك . الرابع : لانتهاء الملائكة والأنبياء إليها ووقوفهم عندها ; قاله كعب . الخامس : سميت سدرة المنتهى لأنها ينتهي إليها أرواح الشهداء ; قاله الربيع بن أنس . السادس : لأنه تنتهي إليها أرواح المؤمنين ; قاله قتادة . السابع : لأنه ينتهي إليها كل من كان على سنة محمد صلى الله عليه وسلم ومنهاجه ; قاله علي رضي الله عنه والربيع بن أنس أيضا . الثامن : هي شجرة على رءوس حملة العرش إليها ينتهي علم الخلائق ; قاله كعب أيضا .
قلت : يريد - والله أعلم - أن ارتفاعها وأعالي أغصانها قد جاوزت رءوس حملة العرش ; ودليله على ما تقدم من أن أصلها في السماء السادسة وأعلاها في السماء السابعة ، ثم علت فوق ذلك حتى جاوزت رءوس حملة العرش . والله أعلم .
التاسع : سميت بذلك لأن من رفع إليها فقد انتهى في الكرامة . وعن أبي هريرة لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى سدرة المنتهى فقيل له : هذه سدرة المنتهى ينتهي إليها كل أحد خلا من أمتك على سنتك ; فإذا هي شجرة يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى ، وإذا هي شجرة يسير الراكب المسرع في ظلها مائة عام لا يقطعها ، والورقة منها تغطي الأمة كلها ; ذكره الثعلبي .
قوله تعالى : عندها جنة المأوى تعريف بموضع جنة المأوى وأنها عند سدرة [ ص: 90 ] المنتهى . وقرأ علي وأبو هريرة وأنس وأبو سبرة الجهني وعبد الله بن الزبير ومجاهد " عندها جنة المأوى " يعني جنة المبيت . قال مجاهد : يريد أجنه . والهاء للنبي صلى الله عليه وسلم . وقال الأخفش : أدركه ، كما تقول جنه الليل أي ستره وأدركه . وقراءة العامة جنة المأوى قال الحسن : هي التي يصير إليها المتقون . وقيل : إنها الجنة التي يصير إليها أرواح الشهداء ; قاله ابن عباس . وهي عن يمين العرش . وقيل : هي الجنة التي آوى إليها آدم عليه الصلاة والسلام إلى أن أخرج منها وهي في السماء السابعة . وقيل : إن أرواح المؤمنين كلهم في جنة المأوى . وإنما قيل لها : جنة المأوى لأنها تأوي إليها أرواح المؤمنين وهي تحت العرش فيتنعمون بنعيمها ويتنسمون بطيب ريحها . وقيل : لأن جبريل وميكائيل عليهما السلام يأويان إليها ، والله أعلم .
قوله تعالى : إذ يغشى السدرة ما يغشى قال ابن عباس والضحاك وابن مسعود وأصحابه : فراش من ذهب . ورواه مرفوعا ابن مسعود وابن عباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم . وقد تقدم في صحيح مسلم عن ابن مسعود قوله . وقال الحسن : غشيها نور رب العالمين فاستنارت . قال القشيري : وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غشيها ؟ قال : فراش من ذهب . وفي خبر آخر : غشيها نور من الله حتى ما يستطيع أحد أن ينظر إليها . وقال الربيع بن أنس : غشيها نور الرب والملائكة تقع عليها كما يقع الغربان على الشجرة . وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال : رأيت السدرة يغشاها فراش من ذهب ورأيت على كل ورقة ملكا قائما يسبح الله تعالى وذلك قوله : إذ يغشى السدرة ما يغشى ؛ ذكره المهدوي والثعلبي . وقال أنس بن مالك : إذ يغشى السدرة ما يغشى قال : جراد من ذهب وقد رواه مرفوعا . وقال مجاهد : إنه رفرف أخضر . وعنه عليه السلام : يغشاها رفرف من طير خضر . وعن ابن عباس : يغشاها رب العزة ; أي أمره [ ص: 91 ] كما في صحيح مسلم مرفوعا : فلما غشيها من أمر الله ما غشي . وقيل : هو تعظيم الأمر ; كأنه قال : إذ يغشى السدرة ما أعلم الله به من دلائل ملكوته . وهكذا قوله تعالى :فأوحى إلى عبده ما أوحى والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى ومثله الحاقة ما الحاقة . وقال الماوردي في معاني القرآن له : فإن قيل : لم اختيرت السدرة لهذا الأمر دون غيرها من الشجر ؟ قيل : لأن السدرة تختص بثلاثة أوصاف : ظل مديد ، وطعم لذيذ ، ورائحة ذكية ; فشابهت الإيمان الذي يجمع قولا وعملا ونية ; فظلها من الإيمان بمنزلة العمل لتجاوزه ، وطعمها بمنزلة النية لكمونه ، ورائحتها بمنزلة القول لظهوره . وروى أبو داود في سننه قال : حدثنا نصر بن علي قال حدثنا أبو أسامة عن ابن جريج عن عثمان بن أبي سليمان عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم عن عبد الله بن حبشي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار وسئل أبو داود عن معنى هذا الحديث فقال : هذا الحديث مختصر يعني من قطع سدرة في فلاة يستظل بها ابن السبيل والبهائم عبثا وظلما بغير حق يكون له فيها صوب الله رأسه في النار .
قوله تعالى : ما زاغ البصر وما طغى قال ابن عباس : أي ما عدل يمينا ولا شمالا ، ولا تجاوز الحد الذي رأى . وقيل : ما جاوز ما أمر به . وقيل : لم يمد بصره إلى غير ما رأى من الآيات . وهذا وصف أدب للنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك المقام ; إذ لم يلتفت يمينا ولا شمالا .
قوله تعالى : لقد رأى من آيات ربه الكبرى قال ابن عباس : رأى رفرفا سد الأفق . وذكر البيهقي عن عبد الله قال : رأى من آيات ربه الكبرى قال ابن عباس : رأى رفرفا أخضر سد أفق السماء . وعنه قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في حلة رفرف أخضر ، قد ملأ ما بين السماء والأرض قال البيهقي : قوله في الحديث رأى رفرفا يريد جبريل عليه السلام في صورته في رفرف ، والرفرف البساط . ويقال : فراش . ويقال : بل هو ثوب كان لباسا له ; فقد روي أنه رآه في حلة رفرف .
[ ص: 92 ] قلت : خرجه الترمذي عن عبد الله قال : ما كذب الفؤاد ما رأى قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في حلة من رفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض ، قال : هذا حديث حسن صحيح . قلت : وقد روي عن ابن عباس في قوله تعالى : دنا فتدلى أنه على التقديم والتأخير ; أي تدلى الرفرف لمحمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج فجلس عليه ثم رفع فدنا من ربه . قال : فارقني جبريل وانقطعت عني الأصوات وسمعت كلام ربي فعلى هذا الرفرف ما يقعد ويجلس عليه كالبساط وغيره . وهو بالمعنى الأول جبريل . قال عبد الرحمن بن زيد ومقاتل بن حيان : رأى جبريل عليه السلام في صورته التي يكون فيها في السماوات ; وكذا في صحيح مسلم عن عبد الله قال : لقد رأى من آيات ربه الكبرى قال : رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح . ولا يبعد مع هذا أن يكون في حلة رفرف وعلى رفرف . والله أعلم . وقال الضحاك : رأى سدرة المنتهى . وعن ابن مسعود : رأى ما غشي السدرة من فراش الذهب ; حكاه الماوردي . وقيل : رأى المعراج . وقيل : هو ما رأى تلك الليلة في مسراه في عوده وبدئه ; وهو أحسن ; دليله : لنريه من آياتنا و " من " يجوز أن تكون للتبعيض ، وتكون الكبرى مفعولة ل " رأى " وهي في الأصل صفة الآيات ووحدت لرءوس الآيات . وأيضا يجوز نعت الجماعة بنعت الأنثى ; كقوله تعالى : ولي فيها مآرب أخرى وقيل : الكبرى نعت لمحذوف ; أي رأى من آيات ربه الكبرى . ويجوز أن تكون " من " زائدة ; أي رأى آيات ربه الكبرى . وقيل : فيه تقديم وتأخير ; أي رأى الكبرى من آيات ربه .
الجامع لأحكام القرآن »
سورة النجم »
قوله تعالى ما كذب الفؤاد ما رأى 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق