ذكر ما ورد في كلام الرب سبحانه مع العلماء يوم فصل القضاء
قال الطبراني : حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا العلاء بن مسلمة ، حدثنا [ ص: 492 ] إبراهيم الطالقاني ، حدثنا ابن المبارك ، عن سفيان ، عن سماك بن حرب ، عن ثعلبة بن الحكم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تعالى للعلماء إذا جلس على كرسيه لفصل القضاء : إني لم أجعل علمي وحكمتي فيكم ، إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان منكم ، ولا أبالي " .
قلت : ولا يصح ، ولو صح كان المراد به العلماء العاملون . والله أعلم .
قال الطبراني : حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا العلاء بن مسلمة ، حدثنا [ ص: 492 ] إبراهيم الطالقاني ، حدثنا ابن المبارك ، عن سفيان ، عن سماك بن حرب ، عن ثعلبة بن الحكم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تعالى للعلماء إذا جلس على كرسيه لفصل القضاء : إني لم أجعل علمي وحكمتي فيكم ، إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان منكم ، ولا أبالي " .
قلت : ولا يصح ، ولو صح كان المراد به العلماء العاملون . والله أعلم .
.................................................
الطبراني
الطبراني
هو الإمام الحافظ الثقة الرحال الجوال محدث الإسلام علم المعمرين أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي الطبراني ، صاحب المعاجم الثلاثة .
مولده بمدينة عكا في شهر صفر سنة ستين ومائتين وكانت أمه عكاوية .
وأول سماعه في سنة ثلاث وسبعين ، وارتحل به أبوه ، وحرص عليه ، فإنه كان صاحب حديث ، من أصحاب دحيم ، فأول ارتحاله كان في سنة خمس وسبعين ، فبقي في الارتحال ولقي الرجال ستة عشر عاما ، وكتب عمن أقبل وأدبر ، وبرع في هذا الشأن ، وجمع وصنف ، وعمر دهرا طويلا ، [ ص: 120 ] وازدحم عليه المحدثون ، ورحلوا إليه من الأقطار .
لقي أصحاب يزيد بن هارون ، وروح بن عبادة ، وأبي عاصم ، وحجاج بن محمد ، وعبد الرزاق ، ولم يزل يكتب حتى كتب عن أقرانه .
سمع من هاشم بن مرثد الطبراني ، وأحمد بن مسعود الخياط ، حدثه ببيت المقدس في سنة أربع وسبعين ، عن عمرو بن أبي سلمة التنيسي ، وسمع بطبرية من أحمد بن عبد الله اللحياني صاحب آدم ، وبقيسارية من عمرو بن ثور ، وإبراهيم بن أبي سفيان صاحبي الفريابي ، وسمع من نحو ألف شيخ أو يزيدون .
وروى عن أبي زرعة الدمشقي ، وإسحاق بن إبراهيم الدبري ، وإدريس بن جعفر العطار ، وبشر بن موسى ، وحفص بن عمر سنجة ، وعلي بن عبد العزيز البغوي المجاور ، ومقدام بن داود الرعيني ، ويحيى بن أيوب العلاف ، وعبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم ، وأحمد بن عبد الوهاب الحوطي ، وأحمد بن إبراهيم بن فيل البالسي ، وأحمد بن إبراهيم البسري ، وأحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط الأشجعي صاحب تلك النسخة الموضوعة ، وأحمد بن إسحاق الخشاب ، وأحمد بن داود البصري ثم المكي . وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة البتلهي ، وأحمد بن خليد الحلبي ، لقيه بها في سنة ثمان وسبعين ومائتين ، ومن أحمد بن زياد الرقي الحذاء صاحب حجاج الأعور ، وإبراهيم بن سويد الشبامي ، وإبراهيم بن محمد بن بزة الصنعاني ، والحسن بن عبد الأعلى البوسي أصحاب عبد الرزاق ، وبكر بن سهل الدمياطي ، وحبوش بن رزق الله المصري ، وأبي الزنباع روح بن الفرج القطان ، والعباس بن الفضل الأسفاطي . وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، وعبد الله بن الحسين المصيصي وعبد الرحيم بن عبد الله البرقي ، سمع منه السيرة لكنه وهم ، وسماه أحمد [ ص: 121 ] باسم أخيه ، وعلي بن عبد الصمد ماغمه ، وأبي مسلم الكجي ، وإسحاق بن إبراهيم المصري القطان ، وإدريس بن عبد الكريم الحداد ، وجعفر بن محمد الرملي القلانسي ، والحسن بن سهل المجوز ، وزكريا بن حمدويه الصفار ، وعثمان بن عمر الضبي ، ومحمد بن محمد التمار ، ومحمد بن يحيى بن المنذر القزاز صاحب سعيد بن عامر الضبعي ، ومحمد بن زكريا الغلابي . ومحمد بن علي الصائغ ، وأبي علاثة محمد بن عمرو بن خالد الحراني ، ومحمد بن أسد بن يزيد الأصبهاني ، حدثه عن أبي داود الطيالسي ، ومحمد بن معاذ دران ، وأبي عبد الرحمن النسائي ، وعبيد الله بن رماحس ، وهارون بن ملول . وسمع بالحرمين ، واليمن ، ومدائن الشام ومصر ، وبغداد ، والكوفة ، والبصرة ، وأصبهان ، وخوزستان ، وغير ذلك ، ثم استوطن أصبهان ، وأقام بها نحوا من ستين سنة ينشر العلم ويؤلفه ، وإنما وصل إلى العراق بعد فراغه من مصر والشام والحجاز واليمن ، وإلا فلو قصد العراق أولا لأدرك إسنادا عظيما .
مولده بمدينة عكا في شهر صفر سنة ستين ومائتين وكانت أمه عكاوية .
وأول سماعه في سنة ثلاث وسبعين ، وارتحل به أبوه ، وحرص عليه ، فإنه كان صاحب حديث ، من أصحاب دحيم ، فأول ارتحاله كان في سنة خمس وسبعين ، فبقي في الارتحال ولقي الرجال ستة عشر عاما ، وكتب عمن أقبل وأدبر ، وبرع في هذا الشأن ، وجمع وصنف ، وعمر دهرا طويلا ، [ ص: 120 ] وازدحم عليه المحدثون ، ورحلوا إليه من الأقطار .
لقي أصحاب يزيد بن هارون ، وروح بن عبادة ، وأبي عاصم ، وحجاج بن محمد ، وعبد الرزاق ، ولم يزل يكتب حتى كتب عن أقرانه .
سمع من هاشم بن مرثد الطبراني ، وأحمد بن مسعود الخياط ، حدثه ببيت المقدس في سنة أربع وسبعين ، عن عمرو بن أبي سلمة التنيسي ، وسمع بطبرية من أحمد بن عبد الله اللحياني صاحب آدم ، وبقيسارية من عمرو بن ثور ، وإبراهيم بن أبي سفيان صاحبي الفريابي ، وسمع من نحو ألف شيخ أو يزيدون .
وروى عن أبي زرعة الدمشقي ، وإسحاق بن إبراهيم الدبري ، وإدريس بن جعفر العطار ، وبشر بن موسى ، وحفص بن عمر سنجة ، وعلي بن عبد العزيز البغوي المجاور ، ومقدام بن داود الرعيني ، ويحيى بن أيوب العلاف ، وعبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم ، وأحمد بن عبد الوهاب الحوطي ، وأحمد بن إبراهيم بن فيل البالسي ، وأحمد بن إبراهيم البسري ، وأحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط الأشجعي صاحب تلك النسخة الموضوعة ، وأحمد بن إسحاق الخشاب ، وأحمد بن داود البصري ثم المكي . وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة البتلهي ، وأحمد بن خليد الحلبي ، لقيه بها في سنة ثمان وسبعين ومائتين ، ومن أحمد بن زياد الرقي الحذاء صاحب حجاج الأعور ، وإبراهيم بن سويد الشبامي ، وإبراهيم بن محمد بن بزة الصنعاني ، والحسن بن عبد الأعلى البوسي أصحاب عبد الرزاق ، وبكر بن سهل الدمياطي ، وحبوش بن رزق الله المصري ، وأبي الزنباع روح بن الفرج القطان ، والعباس بن الفضل الأسفاطي . وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، وعبد الله بن الحسين المصيصي وعبد الرحيم بن عبد الله البرقي ، سمع منه السيرة لكنه وهم ، وسماه أحمد [ ص: 121 ] باسم أخيه ، وعلي بن عبد الصمد ماغمه ، وأبي مسلم الكجي ، وإسحاق بن إبراهيم المصري القطان ، وإدريس بن عبد الكريم الحداد ، وجعفر بن محمد الرملي القلانسي ، والحسن بن سهل المجوز ، وزكريا بن حمدويه الصفار ، وعثمان بن عمر الضبي ، ومحمد بن محمد التمار ، ومحمد بن يحيى بن المنذر القزاز صاحب سعيد بن عامر الضبعي ، ومحمد بن زكريا الغلابي . ومحمد بن علي الصائغ ، وأبي علاثة محمد بن عمرو بن خالد الحراني ، ومحمد بن أسد بن يزيد الأصبهاني ، حدثه عن أبي داود الطيالسي ، ومحمد بن معاذ دران ، وأبي عبد الرحمن النسائي ، وعبيد الله بن رماحس ، وهارون بن ملول . وسمع بالحرمين ، واليمن ، ومدائن الشام ومصر ، وبغداد ، والكوفة ، والبصرة ، وأصبهان ، وخوزستان ، وغير ذلك ، ثم استوطن أصبهان ، وأقام بها نحوا من ستين سنة ينشر العلم ويؤلفه ، وإنما وصل إلى العراق بعد فراغه من مصر والشام والحجاز واليمن ، وإلا فلو قصد العراق أولا لأدرك إسنادا عظيما .
حدث عنه : أبو خليفة الجمحي ، والحافظ ابن عقدة وهما من شيوخه ، وأحمد بن محمد بن إبراهيم الصحاف ، وابن منده ، وأبو بكر بن مردويه ، وأبو عمر محمد بن الحسين البسطامي ، وأبو نعيم الأصبهاني ، وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي ، وأبو سعيد النقاش ، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني ، وأحمد بن عبد الرحمن الأزدي ، والحسين بن أحمد بن المرزبان ، وأبو الحسين بن فاذشاه . وأبو سعد عبد الرحمن بن أحمد الصفار ، ومعمر بن أحمد بن زياد ، وأبو بكر محمد بن عبد الله الرباطي ، والفضل بن عبيد الله بن شهريار ، وعبد الواحد بن أحمد الباطرقاني ، وأحمد بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني ، وعلي بن يحيى بن عبدكويه ، ومحمد بن عبد الله بن شمة ، وبشر بن محمد الميهني ، وخلق كثير ، آخرهم موتا أبو [ ص: 122 ] بكر محمد بن عبد الله بن ريذة التاجر ، ثم عاش بعده أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر الذكواني يروي عن الطبراني بالإجازة ، فمات سنة اثنتين أو ثلاث وأربعين وأربعمائة ومات ابن ريذة عام أربعين .
ومن تواليفه " المعجم الصغير " في مجلد ، عن كل شيخ حديث و " المعجم الكبير " وهو معجم أسماء الصحابة وتراجمهم وما رووه ، لكن ليس فيه مسند أبي هريرة ، ولا استوعب حديث الصحابة المكثرين , في ثمان مجلدات ، " والمعجم الأوسط " على مشايخه المكثرين ، وغرائب ما عنده عن كل واحد ، يكون خمس مجلدات . وكان الطبراني - فيما بلغنا - يقول عن " الأوسط " : هذا الكتاب روحي .
ومن تواليفه " المعجم الصغير " في مجلد ، عن كل شيخ حديث و " المعجم الكبير " وهو معجم أسماء الصحابة وتراجمهم وما رووه ، لكن ليس فيه مسند أبي هريرة ، ولا استوعب حديث الصحابة المكثرين , في ثمان مجلدات ، " والمعجم الأوسط " على مشايخه المكثرين ، وغرائب ما عنده عن كل واحد ، يكون خمس مجلدات . وكان الطبراني - فيما بلغنا - يقول عن " الأوسط " : هذا الكتاب روحي .
وقال أبو بكر بن أبي علي : سأل أبي أبا القاسم الطبراني عن كثرة حديثه ، فقال : كنت أنام على البواري ثلاثين سنة .
قال أبو نعيم : قدم الطبراني أصبهان سنة تسعين ومائتين ، ثم خرج ، ثم قدمها فأقام بها محدثا ستين سنة .
قال سليمان بن إبراهيم الحافظ : قال أبو أحمد العسال القاضي : إذا سمعت من الطبراني عشرين ألف حديث ، وسمع منه أبو إسحاق بن حمزة ثلاثين ألفا ، وسمع منه أبو الشيخ أربعين ألفا ، كملنا .
قلت : هؤلاء كانوا شيوخ أصبهان مع الطبراني .
قال أبو نعيم الحافظ : سمعت أحمد بن بندار يقول : دخلت العسكر سنة ثمان وثمانين ومائتين ، فحضرت مجلس عبدان ، وخرج ليملي ، فجعل [ ص: 123 ] المستملي يقول له : إن رأيت أن تملي ؟ فيقول : حتى يحضر الطبراني .
قال : فأقبل أبو القاسم بعد ساعة متزرا بإزار مرتديا بآخر ، ومعه أجزاء ، وقد تبعه نحو من عشرين نفسا من الغرباء من بلدان شتى حتى يفيدهم الحديث .
قال أبو بكر بن مردويه في " تاريخه " : لما قدم الطبراني قدمته الثانية سنة عشر وثلاثمائة إلى أصبهان قبله أبو علي أحمد بن محمد بن رستم العامل ، وضمه إليه ، وأنزله المدينة ، وأحسن معونته ، وجعل له معلوما من دار الخراج فكان يقبضه إلى أن مات . وقد كنى ولده محمدا أبا ذر ، وهي كنية والده أحمد .
قال أبو زكريا يحيى بن منده : سمعت مشايخنا ممن يعتمد عليهم يقولون : أملى أبو القاسم الطبراني حديث عكرمة في الرؤية فأنكر عليه ابن طباطبا العلوي ، ورماه بدواة كانت بين يديه ، فلما رأى الطبراني ذلك واجهه بكلام اختصرته ، وقال في أثناء كلامه : ما تسكتون وتشتغلون بما أنتم فيه حتى لا يذكر ما جرى يوم الحرة . فلما سمع ذلك ابن طباطبا ، قام واعتذر إليه وندم ، ثم قال ابن منده : وبلغني أن الطبراني كان حسن المشاهدة ، طيب المحاضرة ، قرأ عليه يوما أبو طاهر بن لوقا حديث : " كان يغسل حصى جماره " فصحفه وقال : خصى حماره ، فقال : ما أراد بذلك يا أبا طاهر قال : التواضع ، وكان هذا كالمغفل . قال له الطبراني يوما : أنت ولدي ، قال : [ ص: 124 ] وإياك يا أبا القاسم ، يعني : وأنت .
قال ابن منده : ووجدت عن أحمد بن جعفر الفقيه ، أخبرنا أبو عمر بن عبد الوهاب السلمي قال : سمعت الطبراني يقول : لما قدم أبو علي بن رستم بن فارس ، دخلت عليه ، فدخل عليه بعض الكتاب ، فصب على رجله خمسمائة درهم ، فلما خرج الكاتب أعطانيها ، فلما دخلت بنته أم عدنان ، صبت على رجله خمسمائة ، فقمت ، فقال : إلى أين ؟ قلت : قمت لئلا يقول : جلست لهذا ، فقال : ارفع هذه أيضا ، فلما كان آخر أمره تكلم في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ببعض الشيء ، فخرجت ولم أعد إليه بعد .
قال أحمد بن جعفر الفقيه : سمعت أبا عبد الله بن حمدان ، وأبا الحسن المديني ، وغيرهما ، يقولون : سمعنا الطبراني يقول : هذا الكتاب روحي يعني : " المعجم الأوسط " .
قال أبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي : سمعت الأستاذ ابن العميد يقول : ما كنت أظن أن في الدنيا حلاوة ألذ من الرئاسة والوزارة التي أنا فيها ، حتى شاهدت مذاكرة أبي القاسم الطبراني وأبي بكر الجعابي بحضرتي ، فكان الطبراني يغلب أبا بكر بكثرة حفظه ، وكان أبو بكر يغلب بفطنته وذكائه حتى ارتفعت أصواتهما ، ولا يكاد أحدهما يغلب صاحبه ، فقال الجعابي : عندي حديث ليس في الدنيا إلا عندي ، فقال : هات ، فقال : حدثنا أبو خليفة الجمحي ، حدثنا سليمان بن أيوب ، وحدث بحديث ، فقال الطبراني : أخبرنا سليمان بن أيوب ، ومني سمعه أبو خليفة ، فاسمع مني حتى يعلو فيه إسنادك ، فخجل الجعابي ، فوددت أن الوزارة لم تكن ، وكنت أنا الطبراني ، وفرحت كفرحه ، أو كما قال . [ ص: 125 ] أنبئونا عن أبي المكارم اللبان ، عن غانم البرجي ، أنه سمع عمر بن محمد بن الهيثم يقول : سمعت أبا جعفر بن أبي السري قال : لقيت ابن عقدة بالكوفة ، فسألته يوما أن يعيد لي فوتا فامتنع ، فشددت عليه ، فقال : من أي بلد أنت ؟ قلت : من أصبهان ، فقال : ناصبة ينصبون العداوة لأهل البيت ، فقلت : لا تقل هذا فإن فيهم متفقهة وفضلاء ومتشيعة ، فقال : شيعة معاوية ؟ قلت : لا والله ، بل شيعة علي ، وما فيهم أحد إلا وعلي أعز عليه من عينه وأهله ، فأعاد علي ما فاتني . ثم قال لي : سمعت من سليمان بن أحمد اللخمي ؟ فقلت : لا ، لا أعرفه ، فقال : يا سبحان الله ! ! أبو القاسم ببلدكم وأنت لا تسمع منه ، وتؤذيني هذا الأذى ، بالكوفة ما أعرف لأبي القاسم نظيرا ، قد سمعت منه ، وسمع مني . ثم قال : أسمعت " مسند " أبي داود الطيالسي ؟ فقلت : لا ، قال : ضيعت الحزم ؛ لأن منبعه من أصبهان . وقال : أتعرف إبراهيم بن محمد بن حمزة ؟ قلت : نعم . قال : قل ما رأيت مثله في الحفظ .
قال أبو زكريا يحيى بن منده : سمعت مشايخنا ممن يعتمد عليهم يقولون : أملى أبو القاسم الطبراني حديث عكرمة في الرؤية فأنكر عليه ابن طباطبا العلوي ، ورماه بدواة كانت بين يديه ، فلما رأى الطبراني ذلك واجهه بكلام اختصرته ، وقال في أثناء كلامه : ما تسكتون وتشتغلون بما أنتم فيه حتى لا يذكر ما جرى يوم الحرة . فلما سمع ذلك ابن طباطبا ، قام واعتذر إليه وندم ، ثم قال ابن منده : وبلغني أن الطبراني كان حسن المشاهدة ، طيب المحاضرة ، قرأ عليه يوما أبو طاهر بن لوقا حديث : " كان يغسل حصى جماره " فصحفه وقال : خصى حماره ، فقال : ما أراد بذلك يا أبا طاهر قال : التواضع ، وكان هذا كالمغفل . قال له الطبراني يوما : أنت ولدي ، قال : [ ص: 124 ] وإياك يا أبا القاسم ، يعني : وأنت .
قال ابن منده : ووجدت عن أحمد بن جعفر الفقيه ، أخبرنا أبو عمر بن عبد الوهاب السلمي قال : سمعت الطبراني يقول : لما قدم أبو علي بن رستم بن فارس ، دخلت عليه ، فدخل عليه بعض الكتاب ، فصب على رجله خمسمائة درهم ، فلما خرج الكاتب أعطانيها ، فلما دخلت بنته أم عدنان ، صبت على رجله خمسمائة ، فقمت ، فقال : إلى أين ؟ قلت : قمت لئلا يقول : جلست لهذا ، فقال : ارفع هذه أيضا ، فلما كان آخر أمره تكلم في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ببعض الشيء ، فخرجت ولم أعد إليه بعد .
قال أحمد بن جعفر الفقيه : سمعت أبا عبد الله بن حمدان ، وأبا الحسن المديني ، وغيرهما ، يقولون : سمعنا الطبراني يقول : هذا الكتاب روحي يعني : " المعجم الأوسط " .
قال أبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي : سمعت الأستاذ ابن العميد يقول : ما كنت أظن أن في الدنيا حلاوة ألذ من الرئاسة والوزارة التي أنا فيها ، حتى شاهدت مذاكرة أبي القاسم الطبراني وأبي بكر الجعابي بحضرتي ، فكان الطبراني يغلب أبا بكر بكثرة حفظه ، وكان أبو بكر يغلب بفطنته وذكائه حتى ارتفعت أصواتهما ، ولا يكاد أحدهما يغلب صاحبه ، فقال الجعابي : عندي حديث ليس في الدنيا إلا عندي ، فقال : هات ، فقال : حدثنا أبو خليفة الجمحي ، حدثنا سليمان بن أيوب ، وحدث بحديث ، فقال الطبراني : أخبرنا سليمان بن أيوب ، ومني سمعه أبو خليفة ، فاسمع مني حتى يعلو فيه إسنادك ، فخجل الجعابي ، فوددت أن الوزارة لم تكن ، وكنت أنا الطبراني ، وفرحت كفرحه ، أو كما قال . [ ص: 125 ] أنبئونا عن أبي المكارم اللبان ، عن غانم البرجي ، أنه سمع عمر بن محمد بن الهيثم يقول : سمعت أبا جعفر بن أبي السري قال : لقيت ابن عقدة بالكوفة ، فسألته يوما أن يعيد لي فوتا فامتنع ، فشددت عليه ، فقال : من أي بلد أنت ؟ قلت : من أصبهان ، فقال : ناصبة ينصبون العداوة لأهل البيت ، فقلت : لا تقل هذا فإن فيهم متفقهة وفضلاء ومتشيعة ، فقال : شيعة معاوية ؟ قلت : لا والله ، بل شيعة علي ، وما فيهم أحد إلا وعلي أعز عليه من عينه وأهله ، فأعاد علي ما فاتني . ثم قال لي : سمعت من سليمان بن أحمد اللخمي ؟ فقلت : لا ، لا أعرفه ، فقال : يا سبحان الله ! ! أبو القاسم ببلدكم وأنت لا تسمع منه ، وتؤذيني هذا الأذى ، بالكوفة ما أعرف لأبي القاسم نظيرا ، قد سمعت منه ، وسمع مني . ثم قال : أسمعت " مسند " أبي داود الطيالسي ؟ فقلت : لا ، قال : ضيعت الحزم ؛ لأن منبعه من أصبهان . وقال : أتعرف إبراهيم بن محمد بن حمزة ؟ قلت : نعم . قال : قل ما رأيت مثله في الحفظ .
قال الحافظ أبو عبد الله بن منده : أبو القاسم الطبراني أحد الحفاظ المذكورين ، حدث عن أحمد بن عبد الرحيم البرقي ، ولم يحتمل سنه لقيه ، توفي أحمد بمصر سنة ست وستين ومائتين . قلت : قد مر أن الطبرانى وهم في اسم شيخه عبد الرحيم فسماه أحمد ، واستمر . وقد أرخ الحافظ أبو سعيد بن يونس وفاة أحمد بن البرقي هكذا في موضع ، وأرخها في موضع آخر سنة سبعين في شهر رمضان منها ، وعلى الحالين فما لقيه ولا قارب ، وإنما وهم في الاسم ، وحمل عنه السيرة النبوية بسماعه من عبد الملك بن هشام السدوسي ، وقد كان أحمد بن البرقي يروي عن عمرو بن أبي سلمة [ ص: 126 ] التنيسي والكبار الذين لم يدركهم أخوه عبد الرحيم ، ثم إننا رأينا الطبراني لم يذكر عبد الرحيم باسمه هذا في " معجمه " ، بل تمادى على الوهم ، وسماه بأحمد في حرف الألف ، ولهذين أخ ثالث وهو محمد بن البرقي الحافظ ، له مؤلف في الضعفاء ، وهو أسن الثلاثة ، توفي سنة تسع وأربعين ومائتين ، ومات عبد الرحيم بن عبد الله بن البرقي الذي لقيه الطبراني وزل في تسميته بأحمد في سنة ست وثمانين ومائتين . وقد سمعنا السيرة من طريقه ، وقد سئل الحافظ أبو العباس أحمد بن منصور الشيرازي عن الطبراني ، فقال : كتبت عنه ثلاث مائة ألف حديث ، ثم قال : وهو ثقة ، إلا أنه كتب عن شيخ بمصر ، وكانا أخوين ، وغلط في اسمه ، يعني : ابني البرقي .
قال أبو عبد الله الحاكم : وجدت أبا علي النيسابوري الحافظ سيئ الرأي في أبي القاسم اللخمي ، فسألته عن السبب ، فقال : اجتمعنا على باب أبي خليفة ، فذكرت له طرق حديث : أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء فقلت له : يحفظ شعبة عن عبد الملك بن ميسرة ، عن طاوس ، عن ابن عباس ؟ قال : بلى رواه غندر ، وابن أبي عدي ، قلت : من عنهما ؟ قال : حدثناه عبد الله بن أحمد ، عن أبيه ، عنهما ، فاتهمته إذ ذاك ، فإنه ما حدث به غير عثمان بن عمر عن شعبة . قلت : هذا تعنت على حافظ حجة .
قال الحافظ ضياء الدين المقدسي : هذا وهم فيه الطبراني في المذاكرة ، فأما في جمعه حديث شعبة فلم يروه إلا من حديث عثمان بن عمر ، [ ص: 127 ] ولو كان كل من وهم في حديث واحد اتهم لكان هذا لا يسلم منه أحد .
قال الحافظ أبو بكر بن مردويه : دخلت بغداد ، وتطلبت حديث إدريس بن جعفر العطار ، عن يزيد بن هارون ، وروح ، فلم أجد إلا أحاديث معدودة ، وقد روى الطبراني ، عن إدريس ، عن يزيد كثيرا . قلت : هذا لا يدل على شيء ، فإن البغاددة كاثروا عن إدريس للينه ، وظفر به الطبراني فاغتنم علو إسناده ، وأكثر عنه ، واعتنى بأمره .
وقال أحمد الباطرقاني : دخل ابن مردويه بيت الطبراني وأنا معه - وذلك بعد وفاة ابنه أبي ذر - لبيع كتب الطبراني ، فرأى أجزاء الأوائل بها فاغتم لذلك ، وسب الطبراني ، وكان سيئ الرأي فيه .
وقال سليمان بن إبراهيم الحافظ : كان ابن مردويه في قلبه شيء على الطبراني ، فتلفظ بكلام ، فقال له أبو نعيم : كم كتبت يا أبا بكر عنه ؟ فأشار إلى حزم ، فقال : ومن رأيت مثله ؟ فلم يقل شيئا .
قال الحافظ الضياء : ذكر ابن مردويه في تأريخه لأصبهان جماعة ، وضعفهم ، وذكر الطبراني فلم يضعفه ، فلو كان عنده ضعيفا لضعفه . قال أبو بكر بن أبي علي المعدل : الطبراني أشهر من أن يدل على فضله وعلمه ، كان واسع العلم كثير التصانيف ، وقيل : ذهبت عيناه في آخر أيامه ، فكان يقول : الزنادقة سحرتني . فقال له يوما حسن العطار - تلميذه يمتحن بصره : كم عدد الجذوع التي في السقف ؟ فقال : لا أدري ، لكن نقش خاتمي سليمان بن أحمد .
قلت : هذا قاله على سبيل الدعابة . قال : وقال له مرة : من هذا الآتي - يعني : ابنه - ؟ فقال : أبو ذر ، وليس بالغفاري . [ ص: 128 ] ولأبي القاسم من التصانيف : كتاب " السنة " مجلد ، كتاب " الدعاء " مجلد ، كتاب " الطوالات " مجيليد ، كتاب " مسند شعبة " كبير ، " مسند سفيان " ، كتاب " مسانيد الشاميين " ، كتاب " التفسير " كبير جدا ، كتاب " الأوائل " ، كتاب " الرمي " ، كتاب " المناسك " ، كتاب " النوادر " ، كتاب " دلائل النبوة " مجلد ، كتاب " عشرة النساء " وأشياء سوى ذلك لم نقف عليها ، منها " مسند عائشة " ، " مسند أبي هريرة " ، " مسند أبي ذر " ، " معرفة الصحابة " ، " العلم " ، " الرؤية " ، " فضل العرب " ، " الجود " ، " الفرائض " ، " مناقب أحمد " ، " كتاب الأشربة " ، " كتاب الألوية في خلافة أبي بكر وعمر " ، وغير ذلك ، وقد سماها على الولاء الحافظ يحيى بن منده . وأكثرها مسانيد حفاظ وأعيان ، ولم نرها .
ولم يزل حديث الطبراني رائجا ، نافقا ، مرغوبا فيه ، ولا سيما في زمان صاحبه ابن زيدة ، فقد سمع منه خلائق ، وكتب السلفي عن نحو مائة نفس منهم ومن أصحاب ابن فاذشاه ، وكتب أبو موسى المديني ، وأبو العلاء الهمذاني عن عدة من بقاياهم . وازدحم الخلق على خاتمتهم فاطمة الجوزدانية الميتة في سنة أربع وعشرين وخمسمائة ، وارتحل ابن خليل والضياء ، وأولاد الحافظ عبد الغني وعدة من المحدثين في طلب حديث الطبراني ، واستجازوا من بقايا المشيخة لأقاربهم وصغارهم ، وجلبوه إلى الشام ، ورووه ، ونشروه ، ثم سمعه بالإجازة العالية ابن جعوان ، والحارثي ، والمزي ، وابن سامة ، والبرزالي ، وأقرانهم ، ورووه في هذا العصر ، وأعلى ما بقي من ذلك بالاتصال " معجمه الصغير " ، فلا تفوتوه رحمكم الله .
وقد عاش الطبراني مائة عام وعشرة أشهر .
قال أبو نعيم الحافظ : توفي الطبراني لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة [ ص: 129 ] ستين وثلاثمائة بأصبهان ، ومات ابنه أبو ذر في سنة تسع وتسعين وثلاثمائة عن نيف وستين سنة .
أخبرنا عبد الملك بن عبد الرحمن العطار ، أخبرنا يوسف بن خليل ، أخبرنا علي بن سعيد بن فاذشاه ، ومحمد بن أبي زيد قالا : أخبرنا محمود بن إسماعيل ، أخبرنا أحمد بن محمد بن فاذشاه ، حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا أبو مسلم الكشي ، حدثنا أبو عاصم ، عن ابن عجلان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسيرة ، ومعه رجل ، إذ لعن ناقته ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أين اللاعن ناقته ؟ قال : ها أنذا ، قال : أخرها فقد أجبت فيها .
أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ ، أخبرنا ابن خليل ، أخبرنا مسعود بن أبي منصور ، أخبرنا الحسن بن أحمد ، أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن مهرة سنة خمس وعشرين وأربعمائة ، أخبرنا سليمان الطبراني ، حدثنا محمد بن حيان المازني ، وأبو خليفة قالا : حدثنا أبو الوليد ، حدثنا شعبة ، عن علي ابن بذيمة ، عن أبي عبيدة عن أبيه عبد الله قال : " من قرأ القرآن في أقل من ثلاث فهو راجز " . [ ص: 130 ] قرأت على سليمان بن قدامة القاضي ، أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ ، أخبرنا محمد بن أحمد ، أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله ، أخبرنا ابن ريذة ، أخبرنا الطبراني ، حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا هشيم ، حدثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن أبيه ، أن خالد بن الوليد فقد قلنسوة له يوم اليرموك ، فقال : اطلبوها ، فلم يجدوها ، فقال : اطلبوها ، فوجدوها ، فإذا هي قلنسوة خلقة ، فقال خالد : اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحلق رأسه ، فابتدر الناس جوانب شعره فسبقتهم إلى ناصيته ، فجعلتها في هذه القلنسوة ، فلم أشهد قتالا وهي معي إلا رزقت النصر .
ومات في سنة ستين الآجري وسيأتي ، والمعمر أبو علي عيسى بن محمد بن أحمد الجريجي الطوماري عن تسع وتسعين سنة ، وإمام جامع همذان أبو العباس الفضل بن الفضل الكندي ، ومسند بغداد أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن الهيثم الأنباري ، والبندار ، وأبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن كنانة المؤدب ، والمحدث القدوة أبو عمرو محمد بن جعفر بن محمد بن مطر النيسابوري ، والوزير أبو الفضل محمد بن الحسين بن محمد بن العميد صاحب الترسل الفائق ، والمعمر أبو طاهر محمد بن سليمان بن ذكوان البعلبكي المقرئ ، وشيخ الزهاد أبو بكر محمد بن داود الدقي الدينوري ، والذي تملك دمشق أبو القاسم بن أبي يعلى الهاشمي ثم أسر وبعث إلى مصر .
عرض في كتاب سير أعلام النبلاء
============
ذكر أول كلامه عز وجل ، للمؤمنين
قال أبو داود الطيالسي : حدثنا عبد الله بن المبارك ، حدثني يحيى بن أيوب ، عن عبيد الله بن زحر ، عن خالد بن أبي عمران ، عن أبي عياش ، عن معاذ بن جبل ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن شئتم أنبأتكم بأول ما يقول الله عز وجل للمؤمنين يوم القيامة ، وبأول ما يقولون له " . قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : " فإن الله تعالى يقول للمؤمنين : هل أحببتم لقائي؟ فيقولون : نعم يا ربنا . فيقول : وما حملكم على ذلك؟ فيقولون : عفوك ورحمتك [ ص: 493 ] ورضوانك . فيقول؟ فإني قد أوجبت لكم رحمتي .
.............................................
الطيالسي ( م ، 4 )
سليمان بن داود بن الجارود ، الحافظ الكبير ، صاحب المسند ، أبو داود الفارسي ، ثم الأسدي ، ثم الزبيري ، مولى آل الزبير بن العوام ، الحافظ البصري .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد وطائفة ، سمعوا عمر بن محمد ، [ ص: 379 ] أخبرنا أحمد بن الحسن ، أخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ، حدثنا محمد بن يونس القرشي ، حدثنا أبو داود الطيالسي ، حدثنا عمارة بن مهران ، عن ثابت ، قال : صلى بنا أنس بن مالك صلاة ، فأوجز فيها ، فقال : هكذا كانت صلاة نبيكم - صلى الله عليه وسلم .
أخبرنا سنقر بن عبد الله بحلب ، أخبرنا يوسف بن خليل ، أخبرنا خليل بن بدر وغيره قالوا : أخبرنا أبو علي الحداد ، أخبرنا أبو نعيم ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا أحمد بن عصام ، حدثنا أبو داود ، حدثنا عبد الملك بن ميسرة ، عن عطاء ، عن أبي هريرة قال : وصاني خليلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثلاث لا أدعهن - إن شاء الله - : صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، وركعتي الضحى ، وألا أنام إلا على وتر . [ ص: 380 ]
أنبأنا به أحمد بن سلامة عن خليل .
سمع أيمن بن نابل ، وهو تابعي ، ومعروف بن خربوذ ، وطلحة بن عمرو ، وهشام بن أبي عبد الله ، وشعبة بن الحجاج ، وسفيان الثوري ، وبسطام بن مسلم ، وأبا خلدة خالد بن دينار ، وقرة بن خالد ، وصالح بن أبي الأخضر ، وأبا عامر الخزاز ، والحمادين ، وداود بن أبي الفرات ، وزمعة بن صالح ، وجرير بن حازم ، وفليح بن سليمان ، والمسعودي ، وحرب بن شداد ، وابن أبي ذئب ، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، وزائدة ، وإسرائيل ، وهمام بن يحيى ، ومحمد بن أبي حميد ، وخلقا كثيرا . وينزل إلى ابن المبارك ، وابن عيينة . وقيل : إنه لقي ابن عون ، وما ذاك ببعيد .
روى عنه جرير بن عبد الحميد أحد شيوخه ، وأحمد بن حنبل ، وعمرو بن علي الفلاس ، ومحمد بن بشار ، ويعقوب الدورقي ، ومحمد بن سعد الكاتب ، وعباس الدوري ، وأحمد بن إبراهيم الدورقي ، وأحمد بن الفرات ، والكديمي ، وهارون بن سليمان ، وخلق ، آخرهم موتا محمد بن أسد المديني شيخ أبي الشيخ ، له عنه مجلس ليس عنده سواه .
وعمر إلى سنة ثلاث وتسعين ومائتين ، ولقيه الطبراني ، فعاش بعد أبي داود تسعين عاما ، وهذا نادر جدا ، لم يتهيأ مثله إلا للبغوي ، وأبي علي الحداد ، وابن كليب ، وأناس نحو بضعة عشر شيخا ، خاتمتهم أبو العباس الحجار . قال الفلاس : ما رأيت أحدا أحفظ من أبي داود . [ ص: 381 ]
قلت : قال مثل هذا ، وقد صحب يحيى القطان ، وابن مهدي ، ورافق ابن المديني .
قال عبد الرحمن بن مهدي : أبو داود هو أصدق الناس .
قلت : كانا رفيقين في الطلب بالبصرة . فاستعملا البلاذر ، فجذم أبو داود ، وبرص الآخر .
قال أحمد بن عبد الله العجلي : رحلت - يعني من الكوفة - إلى أبي داود ، فأصبته قد مات قبل قدومي بيوم . قال : وكان قد شرب البلاذر ، فجذم .
قال عامر بن إبراهيم الأصبهاني : سمعت أبا داود يقول : كتبت عن ألف شيخ .
وورد عن أبي داود أنه كان يسرد من حفظه ثلاثين ألف حديث .
قال سليمان بن حرب : كان شعبة يحدث ، فإذا قام ، قعد أبو داود الطيالسي ، وأملى من حفظه ما مر في المجلس .
وروى عبد الرحمن بن أبي حاتم ، عن يونس بن حبيب قال : قال أبو داود : كنا ببغداد وكان شعبة وابن إدريس يجتمعون يتذاكرون ، فذكروا باب المجذوم ، فقلت : حدثنا ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن خارجة بن زيد ، قال : كان معيقيب يحضر طعام عمر بن الخطاب ، فقال له : يا معيقيب : كل مما يليك . فقال شعبة : يا أبا داود لم تجئ [ ص: 382 ] بشيء أحسن مما جئت به .
قال وكيع : ما بقي أحد أحفظ لحديث طويل من أبي داود ، قال : فذكر ذلك لأبي داود ، فقال : قل له : ولا قصير .
قال علي بن أحمد بن النضر : سمعت ابن المديني يقول : ما رأيت أحفظ من أبي داود الطيالسي .
وقال عمر بن شبة : كتبوا عن أبي داود بأصبهان أربعين ألف حديث ، وليس كان معه كتاب .
قلت : سمع يونس بن حبيب عدة مجالس مفرقة ، فهي " المسند " الذي وقع لنا .
وقال أبو بكر الخطيب : قال لنا أبو نعيم : صنف أبو مسعود الرازي ليونس بن حبيب مسند أبي داود .
وقال حفص بن عمر المهرقاني كان وكيع يقول : أبو داود جبل العلم .
وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري : أخطأ أبو داود في ألف حديث .
قلت : هذا قاله إبراهيم على سبيل المبالغة ، ولو أخطأ في سبع هذا ، لضعفوه . [ ص: 383 ]
وقد تكلم فيه محمد بن المنهال الضرير ، وقال : كنت أتهمه ، قال لي : لم أسمع من عبد الله بن عون ، ثم سألته بعد : أسمعت من ابن عون ؟ قال : نعم نحو عشرين حديثا .
قلت : الجمع بين القولين أنه سمع منه شيئا ما ضبطه ، ولا حفظه ، فصدق أن يقول : ما سمعت منه ، وإلا فأبو داود أمين صادق ، وقد أخطأ في عدة أحاديث لكونه كان يتكل على حفظه ، ولا يروي من أصله ، فالورع أن المحدث لا يحدث إلا من كتاب كما كان يفعل ويوصي به إمام المحدثين أحمد بن حنبل ، ولم يخرج البخاري لأبي داود شيئا لأنه سمع من عدة من أقرانه ، فما احتاج إليه .
قال الفلاس : سمعت أبا داود يقول : أسرد ثلاثين ألف حديث ، ولا فخر ، وفي صدري اثنا عشر ألفا لعثمان البري ، ما سألني عنها أحد من أهل البصرة ، فخرجت إلى أصبهان ، فبثثتها فيهم .
قال حجاج بن يوسف بن قتيبة : سئل النعمان بن عبد السلام ، وأنا حاضر عن أبي داود الطيالسي ، فقال : ثقة مأمون . عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني ، عن إبراهيم الأصبهاني ، سمعت بندارا يقول : ما بكيت على أحد من المحدثين ما بكيت على أبي داود ، قلت له : كيف ؟ قال : لما كان من حفظه ومعرفته وحسن مذاكرته . [ ص: 384 ]
وقال أحمد بن الفرات : ما رأيت أحدا أكثر في شعبة من أبي داود ، وسألت أحمد بن حنبل عنه ، فقال : ثقة صدوق ، قلت : إنه يخطئ ، قال : يحتمل له .
وقال عثمان بن سعيد : سألت ابن معين عن أصحاب شعبة ، قلت : أبو داود أحب إليك أو عبد الرحمن بن مهدي ؟ فقال : أبو داود أعلم به ، ثم قال عثمان الدارمي : عبد الرحمن أحب إلينا في كل شيء ، وأبو داود أكثر رواية عن شعبة .
وقال العجلي : أبو داود ثقة ، كثير الحفظ ، رحلت إليه ، فأصبته مات قبل قدومي بيوم .
وقال النسائي : ثقة من أصدق الناس لهجة .
وقال ابن عدي : ثقة يخطئ ، ثم قال : وما هو عندي وعند غيري إلا متيقظ ثبت .
وقال ابن سعد : ثقة كثير الحديث ، ربما غلط ، توفي بالبصرة سنة ثلاث ومائتين . وهو يومئذ ابن اثنتين وسبعين سنة .
وقال خليفة : مات في ربيع الأول سنة أربع ومائتين .
قلت : استشهد به البخاري في " صحيحه " .
عرض في كتاب سير أعلام النبلاء
===========3.
الطيالسي ( م ، 4 )
سليمان بن داود بن الجارود ، الحافظ الكبير ، صاحب المسند ، أبو داود الفارسي ، ثم الأسدي ، ثم الزبيري ، مولى آل الزبير بن العوام ، الحافظ البصري .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد وطائفة ، سمعوا عمر بن محمد ، [ ص: 379 ] أخبرنا أحمد بن الحسن ، أخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ، حدثنا محمد بن يونس القرشي ، حدثنا أبو داود الطيالسي ، حدثنا عمارة بن مهران ، عن ثابت ، قال : صلى بنا أنس بن مالك صلاة ، فأوجز فيها ، فقال : هكذا كانت صلاة نبيكم - صلى الله عليه وسلم .
أخبرنا سنقر بن عبد الله بحلب ، أخبرنا يوسف بن خليل ، أخبرنا خليل بن بدر وغيره قالوا : أخبرنا أبو علي الحداد ، أخبرنا أبو نعيم ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا أحمد بن عصام ، حدثنا أبو داود ، حدثنا عبد الملك بن ميسرة ، عن عطاء ، عن أبي هريرة قال : وصاني خليلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثلاث لا أدعهن - إن شاء الله - : صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، وركعتي الضحى ، وألا أنام إلا على وتر . [ ص: 380 ]
أنبأنا به أحمد بن سلامة عن خليل .
سمع أيمن بن نابل ، وهو تابعي ، ومعروف بن خربوذ ، وطلحة بن عمرو ، وهشام بن أبي عبد الله ، وشعبة بن الحجاج ، وسفيان الثوري ، وبسطام بن مسلم ، وأبا خلدة خالد بن دينار ، وقرة بن خالد ، وصالح بن أبي الأخضر ، وأبا عامر الخزاز ، والحمادين ، وداود بن أبي الفرات ، وزمعة بن صالح ، وجرير بن حازم ، وفليح بن سليمان ، والمسعودي ، وحرب بن شداد ، وابن أبي ذئب ، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، وزائدة ، وإسرائيل ، وهمام بن يحيى ، ومحمد بن أبي حميد ، وخلقا كثيرا . وينزل إلى ابن المبارك ، وابن عيينة . وقيل : إنه لقي ابن عون ، وما ذاك ببعيد .
روى عنه جرير بن عبد الحميد أحد شيوخه ، وأحمد بن حنبل ، وعمرو بن علي الفلاس ، ومحمد بن بشار ، ويعقوب الدورقي ، ومحمد بن سعد الكاتب ، وعباس الدوري ، وأحمد بن إبراهيم الدورقي ، وأحمد بن الفرات ، والكديمي ، وهارون بن سليمان ، وخلق ، آخرهم موتا محمد بن أسد المديني شيخ أبي الشيخ ، له عنه مجلس ليس عنده سواه .
وعمر إلى سنة ثلاث وتسعين ومائتين ، ولقيه الطبراني ، فعاش بعد أبي داود تسعين عاما ، وهذا نادر جدا ، لم يتهيأ مثله إلا للبغوي ، وأبي علي الحداد ، وابن كليب ، وأناس نحو بضعة عشر شيخا ، خاتمتهم أبو العباس الحجار . قال الفلاس : ما رأيت أحدا أحفظ من أبي داود . [ ص: 381 ]
قلت : قال مثل هذا ، وقد صحب يحيى القطان ، وابن مهدي ، ورافق ابن المديني .
قال عبد الرحمن بن مهدي : أبو داود هو أصدق الناس .
قلت : كانا رفيقين في الطلب بالبصرة . فاستعملا البلاذر ، فجذم أبو داود ، وبرص الآخر .
قال أحمد بن عبد الله العجلي : رحلت - يعني من الكوفة - إلى أبي داود ، فأصبته قد مات قبل قدومي بيوم . قال : وكان قد شرب البلاذر ، فجذم .
قال عامر بن إبراهيم الأصبهاني : سمعت أبا داود يقول : كتبت عن ألف شيخ .
وورد عن أبي داود أنه كان يسرد من حفظه ثلاثين ألف حديث .
قال سليمان بن حرب : كان شعبة يحدث ، فإذا قام ، قعد أبو داود الطيالسي ، وأملى من حفظه ما مر في المجلس .
وروى عبد الرحمن بن أبي حاتم ، عن يونس بن حبيب قال : قال أبو داود : كنا ببغداد وكان شعبة وابن إدريس يجتمعون يتذاكرون ، فذكروا باب المجذوم ، فقلت : حدثنا ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن خارجة بن زيد ، قال : كان معيقيب يحضر طعام عمر بن الخطاب ، فقال له : يا معيقيب : كل مما يليك . فقال شعبة : يا أبا داود لم تجئ [ ص: 382 ] بشيء أحسن مما جئت به .
قال وكيع : ما بقي أحد أحفظ لحديث طويل من أبي داود ، قال : فذكر ذلك لأبي داود ، فقال : قل له : ولا قصير .
قال علي بن أحمد بن النضر : سمعت ابن المديني يقول : ما رأيت أحفظ من أبي داود الطيالسي .
وقال عمر بن شبة : كتبوا عن أبي داود بأصبهان أربعين ألف حديث ، وليس كان معه كتاب .
قلت : سمع يونس بن حبيب عدة مجالس مفرقة ، فهي " المسند " الذي وقع لنا .
وقال أبو بكر الخطيب : قال لنا أبو نعيم : صنف أبو مسعود الرازي ليونس بن حبيب مسند أبي داود .
وقال حفص بن عمر المهرقاني كان وكيع يقول : أبو داود جبل العلم .
وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري : أخطأ أبو داود في ألف حديث .
قلت : هذا قاله إبراهيم على سبيل المبالغة ، ولو أخطأ في سبع هذا ، لضعفوه . [ ص: 383 ]
وقد تكلم فيه محمد بن المنهال الضرير ، وقال : كنت أتهمه ، قال لي : لم أسمع من عبد الله بن عون ، ثم سألته بعد : أسمعت من ابن عون ؟ قال : نعم نحو عشرين حديثا .
قلت : الجمع بين القولين أنه سمع منه شيئا ما ضبطه ، ولا حفظه ، فصدق أن يقول : ما سمعت منه ، وإلا فأبو داود أمين صادق ، وقد أخطأ في عدة أحاديث لكونه كان يتكل على حفظه ، ولا يروي من أصله ، فالورع أن المحدث لا يحدث إلا من كتاب كما كان يفعل ويوصي به إمام المحدثين أحمد بن حنبل ، ولم يخرج البخاري لأبي داود شيئا لأنه سمع من عدة من أقرانه ، فما احتاج إليه .
قال الفلاس : سمعت أبا داود يقول : أسرد ثلاثين ألف حديث ، ولا فخر ، وفي صدري اثنا عشر ألفا لعثمان البري ، ما سألني عنها أحد من أهل البصرة ، فخرجت إلى أصبهان ، فبثثتها فيهم .
قال حجاج بن يوسف بن قتيبة : سئل النعمان بن عبد السلام ، وأنا حاضر عن أبي داود الطيالسي ، فقال : ثقة مأمون . عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني ، عن إبراهيم الأصبهاني ، سمعت بندارا يقول : ما بكيت على أحد من المحدثين ما بكيت على أبي داود ، قلت له : كيف ؟ قال : لما كان من حفظه ومعرفته وحسن مذاكرته . [ ص: 384 ]
وقال أحمد بن الفرات : ما رأيت أحدا أكثر في شعبة من أبي داود ، وسألت أحمد بن حنبل عنه ، فقال : ثقة صدوق ، قلت : إنه يخطئ ، قال : يحتمل له .
وقال عثمان بن سعيد : سألت ابن معين عن أصحاب شعبة ، قلت : أبو داود أحب إليك أو عبد الرحمن بن مهدي ؟ فقال : أبو داود أعلم به ، ثم قال عثمان الدارمي : عبد الرحمن أحب إلينا في كل شيء ، وأبو داود أكثر رواية عن شعبة .
وقال العجلي : أبو داود ثقة ، كثير الحفظ ، رحلت إليه ، فأصبته مات قبل قدومي بيوم .
وقال النسائي : ثقة من أصدق الناس لهجة .
وقال ابن عدي : ثقة يخطئ ، ثم قال : وما هو عندي وعند غيري إلا متيقظ ثبت .
وقال ابن سعد : ثقة كثير الحديث ، ربما غلط ، توفي بالبصرة سنة ثلاث ومائتين . وهو يومئذ ابن اثنتين وسبعين سنة .
وقال خليفة : مات في ربيع الأول سنة أربع ومائتين .
قلت : استشهد به البخاري في " صحيحه " .
عرض في كتاب سير أعلام النبلاء
===========3.
فصل ( مخاطبة الله عز وجل لعبده الكافر يوم القيامة )
وأما الكفار فقد قال الله تعالى : إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم [ آل عمران : 77 ] .
وقال تعالى : إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم [ البقرة : 174 ، 1175 ] والمراد من هذا أنه لا يكلمهم ولا ينظر إليهم كلاما ينتفعون به ونظرا يرحمهم به . كما أنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون; لقوله تعالى : ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم [ الأنعام : 128 ] . وقال تعالى : هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين فإن كان لكم كيد فكيدون ويل يومئذ للمكذبين [ المرسلات : 38 - 40 ] . وقال تعالى : يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون [ المجادلة : 18 ] [ ص: 494 ] ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون [ القصص : 62 - 66 ] . وقال بعده ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون [ القصص : 74 ، 75 ] . والآيات في هذا كثيرة جدا .
وثبت في " الصحيحين " - كما سيأتي - من طريق خيثمة ، عن عدي بن حاتم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان " . " فيلقى الرجل فيقول : ألم أكرمك؟ ألم أزوجك؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل ، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول : بلى . فيقول : أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول : لا . فيقول : فاليوم أنساك كما نسيتني " . فهذا فيه تصريح بمخاطبة الله لعبده الكافر .
وأما العصاة ففي حديث ابن عمر الذي في " الصحيحين " حديث النجوى - كما سيأتي - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يدني الله العبد يوم القيامة [ ص: 495 ] حتى يضع عليه كنفه ، ثم يقرره بذنوبه ، فيقول : عملت في يوم كذا كذا وكذا ، وفي يوم كذا كذا وكذا . فيقول : نعم يا رب . حتى إذا ظن أنه قد هلك ، قال الله تعالى : إني سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم " .
وأما الكفار فقد قال الله تعالى : إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم [ آل عمران : 77 ] .
وقال تعالى : إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم [ البقرة : 174 ، 1175 ] والمراد من هذا أنه لا يكلمهم ولا ينظر إليهم كلاما ينتفعون به ونظرا يرحمهم به . كما أنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون; لقوله تعالى : ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم [ الأنعام : 128 ] . وقال تعالى : هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين فإن كان لكم كيد فكيدون ويل يومئذ للمكذبين [ المرسلات : 38 - 40 ] . وقال تعالى : يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون [ المجادلة : 18 ] [ ص: 494 ] ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون [ القصص : 62 - 66 ] . وقال بعده ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون [ القصص : 74 ، 75 ] . والآيات في هذا كثيرة جدا .
وثبت في " الصحيحين " - كما سيأتي - من طريق خيثمة ، عن عدي بن حاتم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان " . " فيلقى الرجل فيقول : ألم أكرمك؟ ألم أزوجك؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل ، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول : بلى . فيقول : أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول : لا . فيقول : فاليوم أنساك كما نسيتني " . فهذا فيه تصريح بمخاطبة الله لعبده الكافر .
وأما العصاة ففي حديث ابن عمر الذي في " الصحيحين " حديث النجوى - كما سيأتي - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يدني الله العبد يوم القيامة [ ص: 495 ] حتى يضع عليه كنفه ، ثم يقرره بذنوبه ، فيقول : عملت في يوم كذا كذا وكذا ، وفي يوم كذا كذا وكذا . فيقول : نعم يا رب . حتى إذا ظن أنه قد هلك ، قال الله تعالى : إني سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم " .
.......................................
قوله تعالى : إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم
فيه مسألتان :
الأولى روى الأئمة عن الأشعث بن قيس قال : كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( هل لك بينة ) ؟ قلت لا ، قال لليهودي : ( احلف ) قلت : إذا يحلف فيذهب بمالي ; فأنزل الله تعالى : [ ص: 113 ] إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا إلى آخر الآية . وروى الأئمة أيضا عن أبي أمامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة . فقال له رجل : وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله ؟ قال : ( وإن كان قضيبا من أراك ) . وقد مضى في البقرة معنى لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم .
الثانية : ودلت هذه الآية والأحاديث أن حكم الحاكم لا يحل المال في الباطن بقضاء الظاهر إذا علم المحكوم له بطلانه ; وقد روى الأئمة عن أم سلمة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع منكم فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة . وهذا لا خلاف فيه بين الأئمة ، وإنما ناقض أبو حنيفة وغلا وقال : إن حكم الحاكم المبني على الشهادة الباطلة يحل الفرج لمن كان محرما عليه ; كما تقدم في البقرة . وزعم أنه لو شهد شاهدا زور على رجل بطلاق زوجته وحكم الحاكم بشهادتهما فإن فرجها يحل لمتزوجها ممن يعلم أن القضية باطل . وقد شنع عليه بإعراضه عن هذا الحديث الصحيح الصريح ، وبأنه صان الأموال ولم ير استباحتها بالأحكام الفاسدة ، ولم يصن الفروج عن ذلك ، والفروج أحق أن يحتاط لها وتصان . وسيأتي بطلان قوله في آية اللعان إن شاء الله تعالى .
فيه مسألتان :
الأولى روى الأئمة عن الأشعث بن قيس قال : كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( هل لك بينة ) ؟ قلت لا ، قال لليهودي : ( احلف ) قلت : إذا يحلف فيذهب بمالي ; فأنزل الله تعالى : [ ص: 113 ] إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا إلى آخر الآية . وروى الأئمة أيضا عن أبي أمامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة . فقال له رجل : وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله ؟ قال : ( وإن كان قضيبا من أراك ) . وقد مضى في البقرة معنى لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم .
الثانية : ودلت هذه الآية والأحاديث أن حكم الحاكم لا يحل المال في الباطن بقضاء الظاهر إذا علم المحكوم له بطلانه ; وقد روى الأئمة عن أم سلمة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع منكم فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة . وهذا لا خلاف فيه بين الأئمة ، وإنما ناقض أبو حنيفة وغلا وقال : إن حكم الحاكم المبني على الشهادة الباطلة يحل الفرج لمن كان محرما عليه ; كما تقدم في البقرة . وزعم أنه لو شهد شاهدا زور على رجل بطلاق زوجته وحكم الحاكم بشهادتهما فإن فرجها يحل لمتزوجها ممن يعلم أن القضية باطل . وقد شنع عليه بإعراضه عن هذا الحديث الصحيح الصريح ، وبأنه صان الأموال ولم ير استباحتها بالأحكام الفاسدة ، ولم يصن الفروج عن ذلك ، والفروج أحق أن يحتاط لها وتصان . وسيأتي بطلان قوله في آية اللعان إن شاء الله تعالى .
الجامع لأحكام القرآن »
سورة آل عمران »
قوله تعالى إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق