ما ورد من غناء الحور العين في الجنة
روى الترمذي وغيره من حديث عبد الرحمن بن إسحاق ، عن
النعمان بن سعد ، عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في
الجنة لمجتمعا للحور العين [ ص: 346 ] يرفعن أصواتا لم يسمع الخلائق بمثلها يقلن :
نحن الخالدات فلا نبيد ، ونحن الناعمات فلا نبأس ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، طوبى
لمن كان لنا وكنا له " .
قال الترمذي : وفي الباب عن أبي هريرة ، وأبي سعيد ،
وأنس ، وحديث علي غريب .
وروى ابن أبي ذئب ، عن عون بن الخطاب بن عبد الله بن
رافع ، عن ابن لأنس بن مالك ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إن الحور يغنين في الجنة : نحن الجوار الحسان ، خلقنا لأزواج كرام " .
وقال الطبراني : حدثنا أبو رفاعة عمارة بن وثيمة بن موسى
بن الفرات المصري ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير ، عن
زيد بن أسلم ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن
أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات سمعها أحد قط ، إن مما يغنين به : نحن
الخيرات الحسان ، أزواج قوم كرام ، ينظرن بقرة أعيان ، وإن مما يغنين به : نحن [ ص: 347 ]
الخالدات فلا نمتنه ، نحن الآمنات فلا نخفنه ، نحن المقيمات فلا نظعنه .
وقال الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن الوليد بن
عبدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل : " قف بي على الحور العين
" . فأوقفه عليهن ، فقال : " من أنتن " ؟ قلن : نحن جواري قوم حلوا
فلم يظعنوا ، وشبوا فلم يهرموا ، ونقوا فلم يدرنوا .
وقال القرطبي بعدما أورد الحديث المتقدم في غناء الحور
العين : وقالت عائشة : إن الحور العين إذا قلن هذه المقالة أجابهن المؤمنات من
نساء أهل الدنيا : نحن المصليات وما صليتن ، ونحن الصائمات وما صمتن ، ونحن
المتوضئات وما توضأتن ، ونحن المتصدقات وما تصدقتن . قالت عائشة : فغلبنهن . والله
أعلم . هكذا ذكره في " التذكرة " ، ولم يعزه إلى كتاب . والله أعلم .
وروى ابن أبي الدنيا عن الزهري : إن في الجنة لشجرا [ ص:
348 ] حمله اللؤلؤ والزبرجد ، تحته جوار ناهدات يتغنين بالقرآن ، يقلن : نحن
الناعمات فلا نبؤس ، ونحن الخالدات فلا نموت ، ونحن المقيمات فلا نظعن . فإذا سمع
ذلك الشجر صفق بعضه بعضا فأجبن الجواري . فلا يدرى أأصوات الجواري أحسن أم أصوات
تصفيق الشجر ؟ ! وفي حديث خالد بن يزيد : في صدر إحداهن مكتوب : أنت حبي وأنا
حبك ، انتهت نفسي عندك ، فلا ترى عيناي مثلك . وعن يحيى بن أبي كثير قال : إن الحور
العين يتلقين أزواجهن عند أبواب الجنة فيقلن : طال ما انتظرناكم ، فنحن الراضيات
فلا نسخط ، والمقيمات فلا نظعن ، والخالدات فلا نموت . بأحسن أصوات .
.....................................
[ ص: 578 ] أبو هريرة ( ع )
الإمام الفقيه المجتهد الحافظ ، صاحب رسول الله - صلى
الله عليه وسلم- أبو هريرة الدوسي اليماني . سيد الحفاظ الأثبات .
اختلف في اسمه على أقوال جمة ، أرجحها : عبد الرحمن بن
صخر . وقيل : ابن غنم . وقيل : كان اسمه : عبد شمس ، وعبد الله . وقيل : سكين .
وقيل : عامر . وقيل : برير . وقيل : عبد بن غنم . وقيل : عمرو . وقيل : سعيد .
وكذا في اسم أبيه أقوال .
قال هشام بن الكلبي : هو عمير بن عامر بن ذي الشرى بن
طريف بن عيان بن أبي صعب بن هنية بن سعد بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس بن
عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر
بن الأزد
وهذا بعينه قاله خليفة بن خياط في نسبه ; لكنه قال :
" عتاب " في " عيان " ، وقال : " منبه " في "
هنية " . [ ص: 579 ]
ويقال : كان في الجاهلية اسمه : عبد شمس ، أبو الأسود ،
فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عبد الله ، وكناه : أبا هريرة .
والمشهور عنه أنه كني بأولاد هرة برية . قال : وجدتها ،
فأخذتها في كمي ; فكنيت بذلك .
قال الطبراني : وأمه - رضي الله عنها- هي : ميمونة بنت
صبيح .
حمل عن النبي - صلى الله عليه وسلم- علما كثيرا طيبا
مباركا فيه - لم يلحق في كثرته- وعن أبي ، وأبي بكر ، وعمر ، وأسامة ، وعائشة ،
والفضل ، وبصرة بن أبي بصرة ، وكعب الحبر .
حدث عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين ، فقيل : بلغ عدد
أصحابه ثمان مائة ، فاقتصر صاحب " التهذيب " ، فذكر من له رواية عنه في
كتب الأئمة الستة ، وهم : إبراهيم بن إسماعيل ، وإبراهيم بن عبد الله بن حنين ،
وإبراهيم بن عبد الله بن قارظ الزهري - ويقال : عبد الله بن إبراهيم - وإسحاق مولى
زائدة ، وأسود بن هلال ، وأغر بن سليك ، والأغر أبو مسلم ، وأنس بن حكيم ، وأنس بن
مالك ، وأوس بن خالد . وبسر بن سعيد ، وبشير بن نهيك ، وبشير بن كعب ، وبعجة بن
عبد الله الجهني ، وبكير بن فيروز . وثابت بن عياض وثابت بن قيس الزرقي ، وثور بن
عفير . وجابر بن عبد الله ، وجبر بن عبيدة ، وجعفر بن عياض ، وجمهان [ ص: 580 ]
الأسلمي ، والجلاس . والحارث بن مخلد ، وحريث بن قبيصة ، والحسن البصري ، وحصين بن
اللجلاج - ويقال : خالد ، ويقال : قعقاع - وحصين بن مصعب ، وحفص بن عاصم بن عمر ،
وحفص بن عبد الله بن أنس ، والحكم بن ميناء ، وحكيم بن سعد ، وحميد بن عبد الرحمن
الزهري ، وحميد بن عبد الرحمن ، وحميد بن مالك ، وحنظلة بن علي ، وحيان بن بسطام ،
والد سليم . وخالد بن عبد الله ، وخالد بن غلاق ، وخباب صاحب المقصورة ، وخلاس ،
وخيثمة بن عبد الرحمن . وذهيل بن عوف
. وربيعة الجرشي ، ورميح الجذامي . وزرارة بن أوفى ،
وزفر بن صعصعة - بخلف- وزياد بن ثويب ، وزياد بن رياح ، وزياد بن قيس ، وزياد الطائي
، وزيد بن أسلم - مرسل- وزيد بن أبي عتاب . وسالم العمري ، وسالم بن أبي الجعد ، وسالم
أبو الغيث ، وسالم مولى النصريين وسحيم الزهري ، وسعد بن هشام ، وسعيد بن الحارث ،
وسعيد بن أبي الحسن ، وسعيد بن حيان ، وسعيد المقبري ، وسعيد بن سمعان ، وسعيد بن
عمرو بن الأشدق ، وسعيد ابن مرجانة ، وسعيد بن المسيب ، وسعيد بن أبي هند ، وسعيد
بن يسار ، وسلمان [ ص: 581 ] الأغر ، وسلمة بن الأزرق ، وسلمة الليثي ، وسليمان بن
حبيب المحاربي ، وسليمان بن سنان ، وسليمان بن يسار ، وسنان بن أبي سنان . وشتير -
وقيل : سمير - بن نهار ، وشداد أبو عمار ، وشريح بن هانئ ، وشفي بن ماتع ، وشقيق
بن سلمة ، وشهر بن حوشب . وصالح بن درهم ، وصالح بن أبي صالح ، وصالح مولى التوأمة
، وصعصعة بن مالك ، وصهيب العتواري . والضحاك بن شرحبيل ، والضحاك بن عبد الرحمن
بن عرزم ، وضمضم بن جوس . وطارق بن محاسن وطاوس اليماني . وعامر بن سعد بن أبي
وقاص ، وعامر بن سعد البجلي ، وعامر الشعبي ، وعباد أخو سعيد المقبري ، وعباس
الجشمي ، وعبد الله بن ثعلبة بن صعير ، وأبو الوليد عبد الله بن الحارث ، وعبد
الله بن رافع مولى أم سلمة ، وأبو سلمة عبد الله بن رافع الحضرمي ، وعبد الله بن
رباح الأنصاري ، وعبد الله بن سعد مولى عائشة ، وعبد الله بن أبي سليمان ، وعبد الله
بن شقيق ، وعبد الله بن ضمرة ، وابن عباس ، وابن ابن عمر عبيد الله - وقيل : عبد
الله - وعبد الله بن عبد الرحمن الدوسي ، وعبد الله بن عتبة [ ص: 582 ] الهذلي ،
وعبد الله بن عمرو بن عبد القاري ، وعبد الله بن فروخ ، وعبد الله بن يامين ، وعبد
الحميد بن سالم ، وعبد الرحمن بن آدم ، وعبد الرحمن بن أذينة ، وعبد الرحمن بن
الحارث بن هشام ، وعبد الرحمن بن حجيرة ، وعبد الرحمن بن أبي حدرد ، وعبد الرحمن بن
خالد بن ميسرة ، وعبد الرحمن بن سعد مولى الأسود . وعبد الرحمن بن سعد المقعد ،
وعبد الرحمن بن الصامت ، وابن الهضهاض ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب ، وعبد
الرحمن بن أبي عمرة ، وعبد الرحمن بن غنم ، وعبد الرحمن بن أبي كريمة ، والد السدي
، وعبد الرحمن بن مهران ، مولى أبي هريرة ، وعبد الرحمن بن أبي نعم البجلي . وعبد
الرحمن بن هرمز الأعرج ، وعبد الرحمن بن يعقوب الحرقي ، وعبد العزيز بن مروان ،
وعبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن - بخلف- وعبد الملك بن يسار ، وعبيد الله بن
أبي رافع النبوي ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، وعبيد الله بن عبد الله بن
موهب ، وعبيد بن حنين ، وعبيد بن سلمان ، وعبيد بن أبي عبيد ، وعبيد بن عمير
الليثي ، وعبيدة بن سفيان ، وعثمان بن أبي سودة ، وعثمان بن شماس - بخلف - وعثمان
بن عبد الله بن موهب ، وعجلان ، والد محمد ، وعجلان ، مولى المشمعل ، وعراك بن
مالك ، وعروة بن الزبير ، وعروة بن تميم ، وعطاء بن أبي رباح ، وعطاء بن أبي علقمة
، وعطاء بن أبي مسلم الخراساني - ولم يدركه- وعطاء بن مينا ، وعطاء بن يزيد ،
وعطاء بن يسار ، وعطاء مولى ابن أبي أحمد . وعطاء مولى أم صبية ، وعطاء الزيات -
إن صح- وعكرمة بن خالد - وما أظنه لحقه- وعكرمة العباسي ، وعلقمة بن بجالة ، وعلي
بن الحسين ، وعلي بن رباح ، وعلي بن شماخ - إن صح- وعمار بن أبي عمار مولى بني
هاشم ، وعمارة - وقيل : عمرو- بن أكيمة الليثي ، وعمر بن الحكم بن ثوبان ، وعمر بن
الحكم بن رافع ، [ ص: 583 ] وعمر بن خلدة قاضي المدينة ، وعمرو بن دينار ، وعمرو بن أبي
سفيان ، وعمرو بن سليم الزرقي ، وعمرو بن عاصم بن سفيان بن عبد الله الثقفي ،
وعمرو بن عمير ، وعمرو بن قهيد ، وعمرو بن ميمون الأودي ، وعمير بن الأسود العنسي
، وعمير بن هانئ العنسي ، وعنبسة بن سعيد بن العاص ، وعوف بن الحارث ، رضيع عائشة
، والعلاء بن زياد العدوي ، وعيسى بن طلحة . والقاسم بن محمد ، وقبيصة بن ذؤيب ،
وقسامة بن زهير ، والقعقاع بن حكيم - ولم يلقه - وقيس بن أبي حازم . وكثير بن مرة
، وكعب المدني ، وكليب بن شهاب ، وكميل بن زياد ، وكنانة مولى صفية . ومالك بن أبي
عامر الأصبحي ، ومجاهد ، والمحرر بن أبي هريرة ، ومحمد بن إياس بن البكير ، ومحمد
بن ثابت ، ومحمد بن زياد ، ومحمد بن سيرين ، ومحمد بن شرحبيل ، ومحمد بن أبي عائشة
، ومحمد بن عباد بن جعفر ، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، ومحمد بن عبد الرحمن بن
أبي ذباب ، ومحمد بن عمار القرظ . ومحمد بن عمرو بن عطاء - بخلف - ومحمد بن عمير ،
ومحمد بن قيس بن مخرمة ، ومحمد بن كعب القرظي ، ومحمد بن مسلم الزهري - ولم يلحقه-
ومحمد بن المنكدر ، ومروان بن الحكم ، ومضارب بن حزن ، والمطلب بن عبد الله بن
حنطب ، والمطوس - ويقال : أبو المطوس - ومعبد بن عبد الله بن هشام والد زهرة .
والمغيرة بن أبي بردة ، ومكحول - ولم يره - والمنذر أبو نضرة العبدي ، وموسى بن
طلحة ، وموسى بن وردان ، وموسى بن يسار ، وميمون بن مهران ، ومينا مولى عبد الرحمن
بن عوف . [ ص: 584 ] ونافع بن جبير ، ونافع بن عباس ، مولى أبي قتادة ، ونافع بن
أبي نافع ، مولى أبي أحمد ، ونافع العمري ، والنضر بن سفيان ، ونعيم المجمر .
وهمام بن منبه ، وهلال بن أبي هلال ، والهيثم بن أبي سنان ، وواثلة بن الأسقع ،
والوليد بن رباح . ويحيى بن جعدة ، ويزيد بن الأصم ، ويحيى بن أبي صالح ، ويحيى بن
النضر الأنصاري ، ويحيى بن يعمر ، ويزيد بن رومان - ولم يلحقه - ويزيد بن عبد الله
بن الشخير ، ويزيد بن عبد الله بن قسيط ، ويزيد بن عبد الرحمن الأودي - والد إدريس
، ويزيد بن هرمز . ويزيد مولى المنبعث ، ويعلى بن عقبة ، ويعلى بن مرة ، ويوسف بن
ماهك . وأبو إدريس الخولاني ، وأبو إسحاق مولى بني هاشم ، وأبو أمامة بن سهل ،
وأبو أيوب المراغي ، وأبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة وأبو بكر بن عبد الرحمن ،
وأبو تميمة الهجيمي ، وأبو ثور الأزدي ، وأبو جعفر المدني - فإن كان الباقر فمرسل-
وأبو الجوزاء الربعي ، وأبو حازم الأشجعي ، وأبو الحكم البجلي ، وأبو الحكم مولى
بني ليث ، وأبو حميد - فيقال : هو عبد الرحمن بن سعد المقعد - وأبو حي المؤذن . وأبو
خالد البجلي ، والد إسماعيل ، وأبو خالد الوالبي ، وأبو خالد ، مولى آل جعدة ،
وأبو رافع الصائغ ، وأبو الربيع المدني ، وأبو رزين الأسدي ، وأبو زرعة البجلي ، وأبو
زيد ، وأبو السائب مولى هشام بن زهرة ، وأبو سعد الخير - حمصي ، ويقال : أبو سعيد - وأبو
سعيد بن أبي المعلى ، وأبو سعيد الأزدي وأبو سعيد المقبري . وأبو سعيد مولى ابن
عامر ، وأبو سفيان [ ص: 585 ] مولى ابن أبي أحمد ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وأبو
السليل القيسي وأبو الشعثاء المحاربي ، وأبو صالح الأشعري ، وأبو صالح الحنفي ،
وأبو صالح الخوزي ، وأبو صالح السمان ، وأبو صالح مولى ضباعة ، وأبو الصلت ، وأبو
الضحاك ، وأبو العالية الرياحي ، وأبو عبد الله الدوسي ، وأبو عبد الله القراظ ، وأبو
عبد الله مولى الجندعيين . وأبو عبد العزيز ، وأبو عبد الملك ، مولى أم مسكين .
وأبو عبيد مولى ابن أزهر ، وأبو عثمان التبان ، وأبو عثمان النهدي ، وأبو عثمان
الطنبذي ، وأبو عثمان آخر ، وأبو علقمة مولى بني هاشم ، وأبو عمر الغداني ، وأبو
غطفان المري ، وأبو قلابة الجرمي - مرسل - وأبو كباش العيشي . وأبو كثير السحيمي ،
وأبو المتوكل الناجي ، وأبو مدلة ، مولى عائشة ، وأبو مرة مولى عقيل ، وأبو مريم
الأنصاري ، وأبو مزاحم - مدني -
وأبو مزرد ، وأبو المهزم البصري ، وأبو ميمونة - مدني -
وأبو هاشم الدوسي ، وأبو الوليد مولى عمرو بن حريث ، وأبو يحيى مولى آل جعدة ،
وأبو يحيى الأسلمي ، هو وأبو يونس مولى أبي هريرة . وابن حسنة الجهني ، وابن سيلان
، وابن مكرز- شامي - وابن وثيمة النصري . وكريمة بنت الحسحاس ، وأم الدرداء الصغرى .
عرض في كتاب سير
أعلام النبلاء
======== ذكر جماع أهل الجنة لنسائهم من غير مني ولا
أولاد إلا إن شاء أحدهم الولد
قال الله تعالى إن أصحاب الجنة اليوم في شغل
فاكهون هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون [ يس : 55 ، 56 ] .
قال ابن مسعود وابن عباس ، وغير واحد : شغلهم افتضاض
الأبكار . وقال تعالى : وزوجناهم بحور عين [ الدخان : 54 ] .
[ ص: 349 ] وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا عمران - هو
ابن داور القطان - عن قتادة ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" يعطى الرجل في الجنة قوة كذا وكذا من النساء " . قلت : يا رسول الله ،
ويطيق ذلك ؟ قال : " يعطى قوة مائة " . ورواه الترمذي من حديث أبي داود ، وقال
: صحيح غريب .
وروى الطبراني من حديث الحسين بن علي الجعفي ، عن زائدة
، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة قال : قيل : يا رسول الله
أنصل ، وفي رواية : هل نفضي في الجنة إلى نسائنا ؟ فقال : " والذي نفسي بيده
، إن الرجل ليفضي في الغداة الواحدة إلى مائة عذراء " . قال الحافظ الضياء : هذا عندي على
شرط الصحيح .
وقال البزار : حدثنا محمد بن معمر ، حدثنا أبو عبد
الرحمن عبد الله بن يزيد ، عن عبد الرحمن بن زياد ، عن عمارة بن راشد ، عن أبي
هريرة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل يمس أهل الجنة أزواجهم ؟ فقال
: " نعم ، بذكر لا يمل ، وشهوة لا تنقطع " .
[ ص: 350 ] ثم قال البزار : لا نعلم رواه عن عمارة بن
راشد سوى عبد الرحمن بن زياد ، وقد كان عبد الرحمن هذا حسن العقل ، ولكن وقع على
شيوخ مجاهيل ، فحدث عنهم بأحاديث مناكير ، فضعف حديثه ، وهذا مما أنكر عليه .
وقال حرملة ، عن ابن وهب : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن
دراج ، عن عبد الرحمن بن حجيرة ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه قيل له : أنطأ في الجنة ؟ قال : " نعم ، والذي نفسي بيده دحما دحما ،
فإذا قام عنها رجعت مطهرة بكرا
" .
وقال الطبراني : حدثنا إبراهيم بن جابر الفقيه البغدادي
، حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي الواسطي ، حدثنا معلى بن عبد الرحمن الواسطي ،
حدثنا شريك ، عن عاصم بن سليمان الأحول ، عن أبي المتوكل ، عن أبي سعيد قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عدن أبكارا
" . ثم قال : تفرد به معلى
.
وقال الطبراني : حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني ، حدثنا
سويد بن سعيد ، حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك ، عن أبيه ، عن خالد بن معدان ، عن
أبي أمامة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : أيجامع أهل الجنة ؟ قال :
" دحما دحما " ، [ ص:
351 ] ولكن لا مني ولا منية " . ولما كان المني
يقطع لذة الجماع ، والمنية تقطع لذة الحياة كانا منفيين عن أهل الجنة .
وقال الطبراني : حدثنا عبدان بن أحمد ، حدثنا محمد بن
عبد الرحيم البرقي ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، حدثنا صدقة ، عن هاشم بن زيد ، عن
سليم أبي يحيى أنه سمع أبا أمامة يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وسئل : يتناكح أهل الجنة ؟ قال
: " نعم ، بذكر لا يمل وشهوة لا تنقطع ، دحما دحما " .
فأما إذا أراد أحدهم ، أن يولد له ، كما كان في الدنيا ،
وأحب الأولاد ، فقد قال الإمام أحمد : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا معاذ بن هشام
، حدثني أبي ، عن عامر الأحول ، عن أبي الصديق ، عن أبي سعيد الخدري ، أن نبي الله
صلى الله عليه وسلم قال : " إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة كان حمله ووضعه
وسنه في ساعة واحدة ، كما يشتهي " . وكذا رواه الترمذي وابن ماجه جميعا ، عن
محمد بن بشار ، عن معاذ بن هشام ، به . وقال الترمذي : حسن غريب .
وقال الحافظ الضياء المقدسي : وهو عندي على شرط مسلم .
والله أعلم .
وقد رواه الحاكم ، عن الأصم ، عن محمد بن عيسى ، عن سلام
بن [ ص: 352 ] سليمان ، أنبأنا سلام الطويل ، عن زيد العمي ، عن أبي الصديق
الناجي ، به وضعفه البيهقي بمرة
.
وقال سفيان الثوري عن أبان ، عن أبي الصديق الناجي عن
أبي سعيد قال : قيل : يا رسول الله ، أيولد لأهل الجنة ؟ فإن الولد من تمام السرور
؟ فقال : " نعم ، والذي نفسي بيده ، ما هو إلا كقدر ما يتمنى أحدكم فيكون
حمله ، ورضاعه ، وشبابه " . وهذا السياق يدل على أن هذا أمر يقع لأهل الجنة ،
خلافا لما حكاه البخاري والترمذي ، عن إسحاق بن راهويه ، أن ذلك محمول على أنه لو
أراد ذلك كان ، ولكنه لا يريده
.
ونقل عن جماعة من التابعين كطاوس ، ومجاهد ، وإبراهيم
النخعي ، وغيرهم أن الجنة لا توالد فيها . وهذا صحيح ، وذلك أن جماعهم لا يقتضي
ولدا كما هو الواقع في الدنيا ، فإن الدنيا دار يراد فيها بقاء النسل لتعمر ، وأما
الجنة فالمراد فيها بقاء اللذة ، ولهذا لا يكون في جماعهم مني يقطع لذة جماعهم ،
ولكن إذا أحب أحدهم الولد يقع ذلك كما يريد ، قال الله تعالى : لهم فيها ما يشاءون [ النحل : 31 ] .
وقال : وفيها ما تشتهيه
الأنفس وتلذ الأعين [ الزخرف : 71
] .
قوله تعالى
: إن أصحاب الجنة
اليوم في شغل فاكهون هم وأزواجهم في ظلال
على الأرائك متكئون لهم فيها فاكهة ولهم
ما يدعون سلام قولا من رب
رحيم وامتازوا اليوم أيها
المجرمون
قوله تعالى
: إن أصحاب الجنة
اليوم في شغل فاكهون قال ابن مسعود وابن عباس
وقتادة ومجاهد : شغلهم افتضاض العذارى . وذكر الترمذي الحكيم في كتاب مشكل القرآن
له : حدثنا محمد بن حميد الرازي ، حدثنا يعقوب القمي ، عن حفص بن حميد ، عن شمر بن
عطية ، عن شقيق بن سلمة ، عن عبد الله بن مسعود في قوله : إن أصحاب الجنة
اليوم في شغل فاكهون قال : شغلهم افتضاض
العذارى . حدثنا محمد بن حميد ، حدثنا هارون بن المغيرة ، عن نهشل ، عن الضحاك ،
عن ابن عباس بمثله . وقال أبو قلابة : بينما الرجل من أهل الجنة مع أهله إذ قيل له
: تحول إلى أهلك ، فيقول : أنا مع أهلي مشغول ، فيقال : تحول أيضا إلى أهلك . وقيل
: أصحاب الجنة في شغل بما هم فيه من اللذات والنعيم عن الاهتمام بأهل المعاصي
ومصيرهم إلى النار ، وما هم فيه من أليم العذاب ، وإن كان فيهم أقرباؤهم وأهلوهم ،
قاله سعيد بن المسيب وغيره . وقال وكيع : يعني في السماع . وقال ابن كيسان :
" في شغل " أي : في زيارة بعضهم بعضا . وقيل : في ضيافة الله تعالى . وروي
أنه إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين عبادي الذين أطاعوني وحفظوا عهدي بالغيب
؟ فيقومون كأنما وجوههم البدر والكوكب الدري ، ركبانا على نجب من نور ، أزمتها من
الياقوت ، تطير بهم على رءوس الخلائق ، حتى يقوموا بين يدي العرش ، فيقول الله -
جل وعز - لهم : السلام على عبادي الذين أطاعوني وحفظوا عهدي بالغيب ، أنا اصطفيتكم
وأنا أجتبيتكم وأنا اخترتكم ، اذهبوا فادخلوا الجنة بغير حساب ف لا خوف عليكم
اليوم ولا أنتم تحزنون . فيمرون على الصراط [ ص: 42 ] كالبرق الخاطف فتفتح لهم
أبوابها . ثم إن الخلق في المحشر موقوفون فيقول بعضهم لبعض : يا قوم أين فلان
وفلان ؟ وذلك حين يسأل بعضهم بعضا فينادي مناد إن أصحاب الجنة اليوم في شغل
فاكهون . و " شغل " و " شغل " لغتان قرئ بهما ، مثل
الرعب والرعب ، والسحت والسحت ، وقد تقدم . " فاكهون " قال الحسن :
مسرورون . وقال ابن عباس : فرحون
. مجاهد والضحاك : معجبون . السدي : ناعمون . والمعنى
متقارب . والفكاهة المزاح والكلام الطيب . وقرأ أبو جعفر وشيبة والأعرج : "
فكهون " بغير ألف ، وهما لغتان كالفاره والفره ، والحاذر والحذر ، قاله
الفراء . وقال الكسائي وأبو عبيدة : الفاكه ذو الفاكهة ، مثل شاحم ولاحم وتامر
ولابن ، والفكه : المتفكه والمتنعم . و " فكهون " بغير ألف في قول
قتادة : معجبون . وقال أبو زيد : يقال رجل فكه إذا كان طيب النفس ضحوكا . وقرأ
طلحة بن مصرف : " فاكهين " نصبه على الحال .
هم وأزواجهم في ظلال
على الأرائك متكئون مبتدأ وخبره . ويجوز أن
يكون " هم " توكيدا " وأزواجهم " عطف على المضمر ، و " متكئون
" نعت لقوله فاكهون . وقراءة العامة : " في ظلال " بكسر الظاء والألف
. وقرأ ابن مسعود وعبيد بن عمير والأعمش ويحيى وحمزة والكسائي وخلف : " في ظلل
" بضم الظاء من غير ألف ، فالظلال جمع ظل ، وظلل جمع ظلة . " على الأرائك
" يعني السرر في الحجال واحدها أريكة ، مثل سفينة وسفائن ، قال الشاعر :
كأن احمرار الورد فوق غصونه بوقت الضحى في روضة المتضاحك
خدود عذارى قد خجلن من الحيا
تهادين بالريحان فوق الأرائك
وفي الخبر عن أبي سعيد الخدري قال النبي - صلى الله عليه
وسلم - : إن أهل الجنة كلما جامعوا نساءهم عدن أبكارا . وقال ابن عباس : إن الرجل
من أهل الجنة ليعانق الحوراء سبعين سنة ، لا يملها ولا تمله ، كلما أتاها وجدها بكرا
، وكلما رجع إليها عادت إليه شهوته ، فيجامعها بقوة سبعين رجلا ، لا يكون بينهما
مني ، يأتي من غير مني منه ولا منها
.
الجامع لأحكام
القرآن »
سورة يس »
قوله تعالى إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون
[ عرض الكتاب
]
===========
ذكر أن أهل الجنة لا يموتون فيها لكمال حياتهم
[ ص: 353 ] ذكر أن أهل الجنة لا يموتون فيها لكمال
حياتهم ، بل كل ما لهم في ازدياد ، من قوة الشباب ، ونضرة الوجوه ، وحسن الهيئة ،
وطيب العيش
ولهذا جاء في بعض الأحاديث أنهم لا ينامون لئلا يشتغلوا
به عن الملاذ والمسرات والعيش الهنيء الطيب ، ولئلا يشتغل بالنوم عن ألذ ما في
الجنة من ذكر الرب ، وحمده ، والثناء عليه ، سبحانه لا نحصي ثناء عليه ، نسأل الله
الدرجات العلا من الجنة .
قال الله تعالى : لا يذوقون فيها
الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم [ الدخان : 56 ، 57
] . وقال تعالى : لا يمسهم فيها نصب
وما هم منها بمخرجين [ الحجر : 48 ] . وقال تعالى : إن الذين آمنوا
وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا [ الكهف : 107 ،
108 ] . أي لا يختارون غيرها ، بل هم أرغب شيء فيها ، فلا يختارون بها بدلا ، ولا
عنها تحولا ، وليس يعتريهم فيها ملل ، ولا ضجر ، كما قد يسأم أهل الدنيا بعض
أحوالهم اللذيذة ، ومساكنهم الأنيقة ، وأزواجهم الحسان ، بل أهل الجنة كما قيل :
فحلت سواد القلب لا أنا باغيا سواها ولا عن حبها أتحول [
ص: 354 ] وقد تقدم حديث ذبح الموت بين الجنة والنار ، وأنه ينادي مناد : يا أهل
الجنة ، خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت ، كل خالد فيما هو فيه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا حمزة ،
حدثنا أبو إسحاق ، عن الأغر أبي مسلم ، عن أبي هريرة وأبي سعيد ، عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : " فينادى مع ذلك : إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا ،
وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا ، وإن لكم
أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا " . قال : " فينادى بهذه الأربع " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق قال : قال الثوري :
فحدثني أبو إسحاق ، أن الأغر حدثه عن أبي سعيد وأبي هريرة ، أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : " ينادي مناد : إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم
أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا ، وإن لكم أن تنعموا
فلا تبأسوا أبدا " . قال : " فذلك قوله تعالى : ونودوا أن تلكم
الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون [
الأعراف : 43 ] ، ورواه مسلم ، عن إسحاق بن راهويه وعبد
بن حميد ، كلاهما عن عبد الرزاق ، بنحوه .
[ ص: 355 ] وقال البزار : حدثنا الفضل بن يعقوب ، حدثنا
محمد بن يوسف الفريابي ، عن سفيان ، هو الثوري ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر قال
: قيل : يا رسول الله ، هل ينام أهل الجنة ؟ قال : " لا ، النوم أخو الموت " . ثم قال
البزار : لا نعلم أحدا أسنده عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ، إلا الثوري ، ولا عنه
سوى الفريابي . كذا قال .
وقد قال الحافظ أبو بكر بن مردويه : حدثنا أحمد بن
القاسم بن صدقة المصري ، حدثنا المقدام بن داود ، حدثنا عبد الله بن محمد بن
المغيرة ، حدثنا سفيان الثوري ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " النوم أخو الموت ، وأهل الجنة لا ينامون " .
ورواه الطبراني ، من حديث مصعب بن إبراهيم ، عن عمران بن
الربيع الكوفي ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ، قال :
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أينام أهل الجنة ؟ فقال : " النوم أخو
الموت ، وأهل الجنة لا ينامون
" .
ورواه البيهقي من حديث عبد الله بن جبلة بن أبي رواد ،
عن سفيان [ ص: 356 ] الثوري ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ، فذكره .
ثم روى البيهقي ، عن الحاكم ، عن الأصم ، عن عباس الدوري
، عن يونس بن محمد ، عن سعيد بن زربي ، عن نفيع بن الحارث ، عن عبد الله بن أبي
أوفى قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : النوم مما يقر الله به أعيننا
في الدنيا ، أننام في الجنة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الموت
شريك النوم ، وليس في الجنة موت " . قالوا : يا رسول الله ، فما راحتهم ؟ قال
: " إنه ليس فيها لغوب ، كل أمرهم راحة " . فأنزل الله تعالى : لا يمسنا فيها نصب
ولا يمسنا فيها لغوب [ فاطر : 35 ] . ضعيف الإسناد .
..................................
قوله تعالى
: لا يذوقون فيها
الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم .
قوله تعالى
: لا يذوقون فيها
الموت إلا الموتة الأولى أي لا يذوقون فيها
الموت البتة [ ص: 144 ] لأنهم خالدون فيها . ثم قال : إلا الموتة الأولى على
الاستثناء المنقطع ، أي : لكن الموتة الأولى قد ذاقوها في الدنيا . وأنشد سيبويه :
من كان أسرع في تفرق فالج فلبونه جربت معا وأغدت
ثم استثنى بما ليس من الأول فقال :
إلا كناشرة الذي ضيعتم كالغصن في غلوائه المتنبت
وقيل : إن ( إلا ) بمعنى بعد ، كقولك : ما كلمت رجلا
اليوم إلا رجلا عندك ، أي : بعد رجل عندك . وقيل : ( إلا ) بمعنى سوى ، أي : سوى
الموتة التي ماتوها في الدنيا ، كقوله تعالى : ولا تنكحوا ما نكح
آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف .
وهو كما تقول : ما ذقت اليوم طعاما سوى ما أكلت أمس .
وقال القتبي : إلا الموتة الأولى معناه أن المؤمن إذا أشرف على الموت استقبلته ملائكة الرحمة
ويلقى الروح والريحان ، وكان موته في الجنة لاتصافه بأسبابها ، فهو استثناء صحيح . والموت عرض لا
يذاق ، ولكن جعل كالطعام الذي يكره ذوقه ، فاستعير فيه لفظ الذوق . ووقاهم عذاب الجحيم
فضلا من ربك أي : فعل ذلك بهم تفضلا منه عليهم . ف (
فضلا ) مصدر عمل فيه ( يدعون )
. وقيل : العامل فيه ( ووقاهم ) . وقيل : فعل مضمر .
وقيل : معنى الكلام الذي قبله ، لأنه تفضل منه عليهم ، إذ وفقهم في الدنيا إلى
أعمال يدخلون بها الجنة . ( ذلك هو الفوز العظيم ) أي السعادة والربح العظيم
والنجاة العظيمة . وقيل : هو من قولك فاز بكذا ، أي : ناله وظفر به .
الجامع لأحكام
القرآن »
سورة الدخان »
قوله تعالى لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى
ووقاهم عذاب الجحيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق