الأحد، 25 يوليو 2021

غرف الجنة وارتفاعها وعظمها ، نسأل الله من فضله المبسوط وأعلى منزلة في الجنة وهي الوسيلة ; مقام الرسول صلى الله عليه وسلم

 

ذكر غرف الجنة وارتفاعها وعظمها ، نسأل الله من فضله المبسوط على خلقه في الدنيا والآخرة

قال الله تعالى لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد [ الزمر : 20 ] . وقال تعالى وهم في الغرفات آمنون [ سبأ : 37 ] وقال والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين [ ص: 275 ] [ العنكبوت : 58 ] . وقال : أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما [ الفرقان : 75 ] .

وثبت في " الصحيحين " - واللفظ لمسلم - من حديث مالك ، عن صفوان بن سليم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر من الأفق من المشرق أو المغرب ; لتفاضل ما بينهم " . قالوا : يا رسول الله ، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم ؟ قال : " بلى ، والذي نفسي بيده ، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين " .

وفي " الصحيحين " أيضا من حديث أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أهل الجنة ليتراءون الغرفة في الجنة كما تتراءون الكوكب في أفق السماء " .

وقال أحمد : حدثنا فزارة ، أخبرني فليح ، عن هلال - يعني ابن علي - عن عطاء ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أهل الجنة ليتراءون في [ ص: 276 ] الجنة كما تراءون - أو ترون - الكوكب الدري الغابر في الأفق ، الطالع ، في تفاضل الدرجات " . قالوا : يا رسول الله ، أولئك النبيون ؟ قال : " بلى ، والذي نفسي بيده ، وأقوام آمنوا بالله وصدقوا المرسلين " . قال الحافظ الضياء : وهذا على شرط البخاري .

وقال أحمد : حدثنا علي بن عياش ، حدثنا محمد بن مطرف ، حدثنا أبو حازم ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن المتحابين لترى غرفهم في الجنة كالكوكب الطالع الشرقي أو الغربي ، فيقال : من هؤلاء ؟ فيقال : هؤلاء المتحابون في الله ، عز وجل " .

وفي حديث عطية ، عن أبي سعيد مرفوعا : " إن أهل عليين ليراهم من سواهم كما ترون الكوكب في أفق السماء ، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما " .

  قوله تعالى : لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد .

قوله تعالى : لكن الذين اتقوا ربهم لما بين أن للكفار ظللا من النار من فوقهم ومن تحتهم بين أن للمتقين غرفا فوقها غرف ; لأن الجنة درجات يعلو بعضها بعضا ، و " لكن " ليس للاستدراك ; لأنه لم يأت نفي كقوله : ما رأيت زيدا لكن عمرا ، بل هو لترك قصة إلى قصة مخالفة للأولى ، كقولك : جاءني زيد لكن عمرو لم يأت .

" غرف مبنية " قال ابن عباس : من زبرجد وياقوت . " تجري من تحتها الأنهار " أي هي جامعة لأسباب النزهة . " وعد الله " [ ص: 219 ] نصب على المصدر ; لأن معنى لهم غرف : وعدهم الله ذلك وعدا . ويجوز الرفع بمعنى : ذلك وعد الله . " لا يخلف الله الميعاد " أي ما وعد الفريقين .

الجامع لأحكام القرآن »

سورة الزمر »

قوله تعالى لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار 

ذكر أعلى منزلة في الجنة وهي الوسيلة ; مقام الرسول صلى الله عليه وسلم
ثبت في " صحيح البخاري " ، عن علي بن عياش ، عن شعيب بن أبي حمزة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، آت محمدا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ، حلت له شفاعتي يوم القيامة " .

وفي " صحيح مسلم " عن محمد بن سلمة ، عن ابن وهب ، عن حيوة وسعيد بن أبي أيوب ، عن كعب بن علقمة ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا علي ، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا ، ثم سلوا لي الوسيلة ، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل الوسيلة حلت له الشفاعة " .

[ ص: 278 ] وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا سفيان ، عن ليث ، عن كعب ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا صليتم علي ، فاسألوا الله لي الوسيلة " . قيل : يا رسول الله ، وما الوسيلة ؟ قال : " أعلى درجة في الجنة لا ينالها إلا رجل واحد ، وأرجو أن أكون أنا هو " .

وقال أحمد : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا ابن لهيعة ، عن موسى بن وردان ، سمعت أبا سعيد الخدري يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الوسيلة درجة عند الله ليس فوقها درجة ، فاسألوا الله أن يؤتيني الوسيلة " .

وقال الطبراني : حدثنا أحمد بن علي الأبار ، حدثنا الوليد بن عبد الملك الحراني ، حدثنا موسى بن أعين ، عن ابن أبي ذئب ، عن محمد بن عمرو بن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سلوا الله لي الوسيلة ، فإنه لم يسألها لي عبد في الدنيا إلا كنت له شفيعا - أو شهيدا - يوم القيامة " . قال الطبراني : لم يروه عن ابن أبي ذئب إلا موسى بن أعين .

أبو عبد الله البخاري ( ت ، س )
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه ، وقيل بذدزبه ، وهي لفظة بخارية ، معناها الزراع . [ ص: 392 ] أسلم المغيرة على يدي اليمان الجعفي والي بخارى ، وكان مجوسيا ، وطلب إسماعيل بن إبراهيم العلم .

فأخبرنا الحسن بن علي ، أخبرنا جعفر الهمداني ، أخبرنا أبو طاهر بن سلفة ، أخبرنا أبو علي البرداني ، أخبرنا هناد بن إبراهيم ، أخبرنا محمد بن أحمد الحافظ ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد ، ومحمد بن الحسين ، قالا : حدثنا إسحاق بن أحمد بن خلف ، أنه سمع البخاري يقول : سمع أبي من مالك بن أنس ، ورأى حماد بن زيد ، وصافح ابن المبارك بكلتا يديه .

قلت : وولد أبو عبد الله في شوال سنة أربع وتسعين ومائة قاله أبو جعفر محمد بن أبي حاتم البخاري ، وراق أبي عبد الله في كتاب : " شمائل البخاري " ، جمعه ، وهو جزء ضخم . أنبأني به أحمد بن أبي الخير ، عن محمد بن إسماعيل الطرسوسي ، أن محمد بن طاهر الحافظ أجاز له ، قال : أخبرنا أحمد بن علي بن خلف ، أخبرنا أبو طاهر أحمد بن عبد الله بن مهرويه الفارسي المؤدب ، قدم علينا من مرو لزيارة أبي عبد الله السلمي ، أخبرنا أبو محمد أحمد بن عبد الله بن محمد بن يوسف بن مطر الفربري ، حدثنا جدي ، قال : سمعت محمد بن أبي حاتم ، فذكر الكتاب فما أنقله عنه ، فبهذا السند .

ثم إن أبا عبد الله فيما أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن ، أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه سنة ست عشرة وستمائة أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي ، أخبرنا هبة الله بن الحسن الحافظ ، أخبرنا [ ص: 393 ] أحمد بن محمد بن حفص ، أخبرنا محمد بن أحمد بن سليمان ، أخبرنا خلف بن محمد ، حدثنا محمد بن أحمد بن الفضل البلخي ، سمعت أبي يقول : ذهبت عينا محمد بن إسماعيل في صغره ، فرأت والدته في المنام إبراهيم الخليل -عليه السلام- ، فقال لها : يا هذه ، قد رد الله على ابنك بصره لكثرة بكائك ، أو كثرة دعائك -شك البلخي - فأصبحنا وقد رد الله عليه بصره .

وبالسند ، الماضي إلى محمد بن أبي حاتم ، قال : قلت لأبي عبد الله : كيف كان بدء أمرك ؟ قال : ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب . فقلت : كم كان سنك؟ فقال : عشر سنين ، أو أقل . ثم خرجت من الكتاب بعد العشر ، فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره . فقال يوما فيما كان يقرأ للناس : سفيان ، عن أبي الزبير ، عن إبراهيم ، فقلت له : إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم . فانتهرني ، فقلت له : ارجع إلى الأصل . فدخل فنظر فيه ، ثم خرج ، فقال لي : كيف هو يا غلام ؟ قلت : هو الزبير بن عدي ، عن إبراهيم ، فأخذ القلم مني ، وأحكم كتابه ، وقال : صدقت . فقيل للبخاري : ابن كم كنت حين رددت عليه ؟ قال ابن إحدى عشرة سنة . فلما طعنت في ست عشرة سنة ، كنت قد حفظت كتب ابن المبارك ووكيع ، وعرفت كلام هؤلاء ، ثم خرجت مع أمي وأخي أحمد إلى مكة ، فلما حججت رجع أخي بها ، وتخلفت في طلب الحديث

عرض في كتاب سير أعلام النبلاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق