فصل
( دركات جهنم )
قال القرطبي :
قال العلماء : أعلى
الدركات جهنم ، وهي مختصة بالعصاة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وهي التي تخلو
من أهلها ، فتصفق الرياح أبوابها ، ثم لظى ، ثم الحطمة ، ثم السعير ، ثم سقر ، ثم
الجحيم ، ثم الهاوية .
وقال الضحاك :
في الدرك الأعلى
المحمديون ، وفي الثاني النصارى ، وفي الثالث اليهود ، وفي الرابع الصابئون ، وفي
الخامس المجوس ، وفي السادس مشركو العرب ، وفي السابع المنافقون .
قلت : هذه المراتب
والمنازل ، وتخصيصها بهؤلاء ، مما يحتاج إثباته إلى سند صحيح إلى المعصوم الذي لا
ينطق عن الهوى ، أو قرآن ناطق بذلك ، ولكن معلوم أن هؤلاء كلهم يدخلون النار ،
وكونهم يكونون على هذه الصفة في الأخبار ، وعلى هذا الترتيب ، فالله أعلم بذلك ،
فأما المنافقون ففي الدرك الأسفل من النار بنص القرآن لا محالة
.
[ ص:
177 ] قال القرطبي :
فمن هذه الأسماء ما
هو علم للنار كلها بجملتها ، نحو جهنم ، وسعير ، ولظى ، فهذه أعلام ليست لباب دون
باب . وصدق فيما قال .
وقال حرملة ، عن ابن
وهب ، أخبرني عمرو أن دراجا أبا السمح حدثه ، أنه سمع عبد الله بن الحارث بن جزء
الزبيدي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
: " إن في النار لحيات
أمثال أعناق البخت " . وقد تقدم هذا الحديث
.
وقال الطبراني :
حدثنا أبو يزيد
القراطيسي ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن الربيع ، عن البراء
بن عازب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قول الله تعالى
: زدناهم عذابا فوق
العذاب [ النحل : 88 ] . قال : " عقارب أمثال النخل
الطوال ، تنهشهم في جهنم " .
وقد رواه الثوري ، عن
الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، عن ابن مسعود ، قوله ، وتقدم
.
وقال ابن أبي
الدنيا : حدثنا شجاع بن الأشرس ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن محمد
بن عجلان ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن [
ص:
178 ] كعب الأحبار ، قال :
حيات جهنم أمثال
الأودية ، وعقاربها أمثال القلال ، وإن لها لأذنابا كأمثال الرماح ، تلقى إحداهن
الكافر فتلسعه ، فيتناثر لحمه على قدميه
.
………….
قوله تعالى : الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون [
ص: 149 ] قوله تعالى : الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب قال ابن
مسعود : عقارب أنيابها كالنخل الطوال ، وحيات مثل أعناق الإبل ، وأفاعي كأنها
البخاتي تضربهم ، فتلك الزيادة وقيل : المعنى يخرجون من النار إلى الزمهرير
فيبادرون من شدة برده إلى النار . وقيل : المعنى زدنا القادة عذابا فوق السفلة ،
فأحد العذابين على كفرهم والعذاب الآخر على صدهم .
بما كانوا يفسدون في الدنيا من الكفر والمعصية .
قوله تعالى الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق