البداية والنهاية
فصل ( النفخ في الصور )
وحديث عجب الذنب ، وأنه لا يبلى ، وأن الخلق يبدأ منه ومنه يركب يوم القيامة - ثابت من رواية أحمد ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام ، عن [ ص: 325 ] أبي هريرة . ورواه مسلم ، عن محمد بن رافع ، عن عبد الرزاق . ورواه أحمد أيضا ، عن يحيى القطان ، عن محمد بن عجلان ، ثنا أبو الزناد ، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل ابن آدم يبلى ، ويأكله التراب إلا عجب الذنب ، منه خلق ، وفيه يركب " . انفرد به أحمد ، وهو على شرط مسلم . ورواه أحمد أيضا ، من حديث إبراهيم الهجري ، عن أبي عياض ، عن أبي هريرة ، مرفوعا بنحوه .
وقال أحمد : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يأكل التراب كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه " . قيل : ومثل ما هو يا رسول الله؟ قال : " مثل حبة خردل ، منه تنبتون " .
[ ص: 326 ] وقد ذكر في حديث الصور أنه يكون فيها أمور عظام ، من ذلك زلزلة الأرض وارتجاجها ، وميدانها بأهلها ، وتكفيها يمينا وشمالا ، قال الله تعالى : إذا زلزلت الأرض زلزالها [ الزلزلة : 1 ] . وقال تعالى : يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم [ الحج : 1 ] . وقال تعالى : إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة إذا رجت الأرض رجا وبست الجبال بسا الآيات كلها إلى قوله : هذا نزلهم يوم الدين [ الواقعة : 1 - 56 ] .
ولما كانت هذه النفخة - أعني نفخة الفزع - أول مبادئ القيامة ، كان اسم يوم القيامة صادقا على ذلك كله ، كما ثبت في " صحيح البخاري " ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه ، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها " . وهذا إنما يتجه على ما قبل نفخة الفزع ، وعبر عن نفخة الفزع بأنها الساعة لما كانت أول مبادئها ، وتقدم في الحديث في صفة أهل آخر الزمان أنهم شرار الناس ، وعليهم تقوم الساعة .
وقد ذكر في حديث ابن رافع في حديث الصور المتقدم ، أن السماء تنشق فيما بين نفختي الفزع والصعق ، وأن نجومها تتناثر ، ويخسف شمسها وقمرها . والظاهر ، والله أعلم ، أن هذا إنما يكون بعد نفخة الصعق حين : [ ص: 327 ] تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار [ إبراهيم : 48 - 50 ] . وقال تعالى : إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت الآيات [ الانشقاق : 1 ، 2 ] . وقال تعالى : فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر إلى قوله : ولو ألقى معاذيره [ القيامة : 7 - 15 ] .
وقد تقدم الحديث في مسند أحمد ، وصحيح مسلم ، والسنن الأربعة ، عن أبي سريحة حذيفة بن أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الساعة لن تقوم حتى تروا عشر آيات " . فذكرهن ، إلى أن قال : " وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن ، تسوق الناس إلى المحشر " . وهذه النار تسوق الموجودين في آخر الزمان في سائر أقطار الأرض إلى أرض الشام منها ، وهي بقعة المحشر والمنشر .
..................................................
[ ص: 130 ] سورة الزلزلة
مدنية في قول ابن عباس وقتادة
ومكية في قول ابن مسعود وعطاء وجابر . وهي تسع آيات
وروي عن علي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قرأ إذا زلزلت أربع مرات ، كان كمن قرأ القرآن كله .
وروى عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لما نزلت إذا زلزلت بكى أبو بكر ; فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لولا أنكم تخطئون وتذنبون ويغفر الله لكم ، لخلق أمة يخطئون ويذنبون ويغفر لهم ، إنه هو الغفور الرحيم " .
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا زلزلت الأرض زلزالها أي حركت من أصلها . كذا روى عكرمة عن ابن عباس ، وكان يقول : في النفخة الأولى يزلزلها - وقاله مجاهد - ; لقوله تعالى : يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة ثم تزلزل [ ص: 131 ] ثانية ، فتخرج موتاها وهي الأثقال . وذكر المصدر للتأكيد ، ثم أضيف إلى الأرض ; كقولك : لأعطينك عطيتك ; أي عطيتي لك . وحسن ذلك لموافقة رءوس الآي بعدها . وقراءة العامة بكسر الزاي من الزلزال . وقرأ الجحدري وعيسى بن عمر بفتحها ، وهو مصدر أيضا ، كالوسواس والقلقال والجرجار . وقيل : الكسر المصدر . والفتح الاسم .
الجامع لأحكام القرآن »
سورة الزلزلة »
قوله تعالى إذا زلزلت الأرض زلزالها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق