الله أكبر كبيرا

كتاب جواهر القرآن أبو حامد الغزالي مكتبة العلوم الشاملة /مكتبة العلوم الشاملة /https://sluntt.blogspot.com/

الأحد، 25 يوليو 2021

أثر آخر من أغرب الآثار عن كعب الأحبار

 

أثر آخر من أغرب الآثار عن كعب الأحبار
قال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن الحسين البغدادي ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد ، حدثنا عبيد الله بن محمد ابن عائشة ، حدثنا سلم الخواص ، عن فرات بن السائب ، عن زاذان ، قال : سمعت كعب الأحبار يقول : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ، فنزلت الملائكة ، فصاروا صفوفا ، فيقول الله تعالى : يا جبريل [ ص: 184 ] ائتني بجهنم . فيأتي بها جبريل تقاد بسبعين ألف زمام ، حتى إذا كانت من الخلائق على قدر مائة عام زفرت زفرة طارت لها أفئدة الخلائق ، ثم زفرت ثانية ، فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثا لركبتيه ، ثم زفرت الثالثة ، فتبلغ القلوب الحناجر ، وتذهل العقول ، فيفزع كل امرئ إلى عمله ، حتى إن إبراهيم الخليل ، عليه السلام ، يقول : بخلتي لا أسألك إلا نفسي . ويقول موسى عليه السلام : بمناجاتي لا أسألك إلا نفسي . وإن عيسى ، عليه السلام ، ليقول : بما أكرمتني لا أسألك إلا نفسي ، لا أسألك مريم التي ولدتني . ومحمد صلى الله عليه وسلم يقول : أمتي أمتي ، لا أسألك اليوم نفسي ، إنما أسألك أمتي . قال : فيجيبه الجليل جل جلاله : أوليائي من أمتك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، فوعزتي وجلالي لأقرن عينك في أمتك . ثم تقف الملائكة بين يدي الله عز وجل ، ينتظرون ما يؤمرون به ، فيقول لهم الرب تعالى وتقدس : معاشر الزبانية ، انطلقوا بالمصرين من أهل الكبائر من أمة محمد إلى النار ، فقد اشتد غضبي عليهم بتهاونهم بأمري في دار الدنيا ، واستخفافهم بحقي ، وانتهاكهم حرمتي ، يستخفون من الناس ، ويبارزوني بالمعاصي مع كرامتي لهم ، وتفضيلي إياهم على الأمم ، ولم يعرفوا فضلي ، وعظم نعمتي . فعندها تأخذ الزبانية بلحى الرجال ، وذوائب النساء ، فينطلقون بهم إلى النار ، وما من عبد يساق إلى النار من غير هذه الأمة إلا مسودا وجهه ، وقد وضعت الأنكال في قدميه ، والأغلال في عنقه إلا ما كان من هذه الأمة ، فإنهم يساقون بألوانهم ، فإذا وردوا على مالك قال [ ص: 185 ] لهم : معاشر الأشقياء ، من أي أمة أنتم ؟ فما ورد علي أحسن وجوها منكم . فيقولون : يا مالك ، نحن من أمة القرآن . فيقول لهم : معاشر الأشقياء ، أوليس القرآن أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : فيرفعون أصواتهم بالنحيب والبكاء : وامحمداه ، يا محمد ، اشفع لمن آمن بك ممن أمر به إلى النار من أمتك . قال : فينادى مالك ، بتهدد وانتهار : يا مالك ، من أمرك بمعاتبة الأشقياء ومحادثتهم ، والتوقف عن إدخالهم العذاب ؟ يا مالك ، لا تسود وجوههم ، فقد كانوا يسجدون لي بها في دار الدنيا ، يا مالك لا تغلهم بالأغلال ؟ فقد كانوا يغتسلون من الجنابة ، يا مالك ، لا تقيدهم بالأنكال ، فقد طافوا حول بيتي الحرام ، يا مالك لا تلبسهم القطران ؟ فقد خلعوا ثيابهم للإحرام ، يا مالك ، مر النار لا تحرق ألسنتهم ; فقد كانوا يقرءون القرآن ، يا مالك ، قل للنار تأخذهم على قدر أعمالهم ، فالنار أعرف بهم وبمقادير استحقاقهم من العذاب من الوالدة بولدها . فمنهم من تأخذه النار إلى كعبيه ، ومنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه ، ومنهم من تأخذه النار إلى سرته ، ومنهم من تأخذه النار إلى صدره . قال : فإذا انتقم الله منهم على قدر كبائرهم وعتوهم وإصرارهم فتح بينهم وبين المشركين بابا ، وهم في الطبق الأعلى من النار ، لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا ، يبكون ويقولون : يا محمداه ، ارحم من أمتك الأشقياء ، واشفع لهم ؟ فقد أكلت النار لحومهم وعظامهم ودماءهم . ثم ينادون : يا رباه ، يا [ ص: 186 ] سيداه ، ارحم من لم يشرك بك في دار الدنيا ، وإن كان قد أساء وأخطأ وتعدى . فعندها يقول المشركون لهم : ما أغنى عنكم إيمانكم بالله وبمحمد ؟ ! فيغضب الله لذلك ، فيقول : يا جبريل ، انطلق ، فأخرج من في النار من أمة محمد صلى الله عليه وسلم . فيخرجهم ضبائر ، قد امتحشوا ، فيلقيهم في نهر على باب الجنة ، يقال له : نهر الحياة . فيمكثون حتى يعودوا أنضر ما كانوا ، ثم يأمر الله ، عز وجل ، بإدخالهم الجنة ، مكتوب على جباههم : هؤلاء الجهنميون ، عتقاء الرحمن من أمة محمد صلى الله عليه وسلم . فيعرفون من بين أهل الجنة بذلك ، فيتضرعون إلى الله تعالى أن يمحو عنهم تلك السمة ، فيمحوها الله عنهم ، فلا يعرفون بها بعد ذلك من بين أهل الجنة .

لبعض هذا الأثر شواهد من الأحاديث ، والله أعلم . وسيأتي بعد ذكر أحاديث الشفاعة ذكر آخر من يخرج من النار ، ويدخل الجنة ، إن شاء الله تعالى  

العيشي ( د ، ت ، س 
الإمام العلامة الثقة أبو عبد الرحمن ، عبيد الله بن محمد بن حفص بن عمر بن موسى بن عبيد الله بن معمر القرشي التيمي البصري الأخباري الصادق ، ويعرف بابن عائشة ، وبالعيشي ، لأنه من ولد عائشة بنت طلحة بن عبيد الله .

ولد بعد الأربعين ومائة .

وسمع حماد بن سلمة ، وجويرية ابن أسماء ، ومهدي بن ميمون ، وأبا [ ص: 565 ] هلال الراسبي ، ووهيب بن خالد ، وأبا عوانة ، وعبد الواحد بن زياد ، وعبد العزيز بن مسلم ، وهشام بن زياد ، وابن المبارك .

حدث عنه : أبو داود ، وبواسطة الترمذي ، والنسائي ، وأحمد بن حنبل ، وأبو زرعة ، وابن أبي الدنيا ، وعثمان بن خرزاذ ، وإبراهيم الحربي ، وأبو عبد الله البوشنجي ، وأبو القاسم البغوي ، وخلق كثير .

قال أبو حاتم وغيره : صدوق في الحديث وكان عنده عن حماد بن سلمة تسعة آلاف حديث .

وقال أبو داود : كان طلابا للحديث ، عالما بالعربية وأيام الناس لولا ما أفسد نفسه ، وهو صدوق .

وقال زكريا الساجي : قرف بالقدر وكان بريئا منه ، وكان من سادات أهل البصرة ، غير مدافع ، كريما سخيا .

قلت : سمعنا نسخة العيشي بالإجازة ، ووقع لنا بالاتصال من عواليه .

أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي ، أخبرنا الفتح بن عبد الله ، أخبرنا هبة الله بن أبي شريك ، أخبرنا أبو الحسين بن النقور ، أخبرنا عيسى بن علي ، حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا عبد الأعلى بن حماد ، وعلي بن الجعد ، وأبو نصر التمار ، وكامل بن طلحة ، وعبيد الله العيشي ، قالوا : حدثنا حماد [ ص: 566 ] بن سلمة ، عن أبي العشراء ، عن أبيه ، قال : قلت : يا رسول الله ، أما تكون الذكاة إلا من اللبة والحلق ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك " .

أنبأنا المؤمل بن محمد ، أخبرنا الكندي ، أخبرنا القزاز ، أخبرنا الخطيب ، أخبرنا عمر بن إبراهيم ، أخبرنا مقاتل بن محمد العكي : سمعت إبراهيم بن إسحاق المروزي المعروف بالحربي يقول : ما رأيت مثل ابن عائشة ، فقيل له : رأيت أحمد وابن معين وإسحاق تقول هذا ! قال : نعم ، بلغ الرشيد سنا أخلاقه ، فأحضره ، فعدد محاسنه ، ويقول : هو بفضل الله وفضل أمير المؤمنين ، فلما أن صمت الرشيد قال : وما هو أحسن من هذا ؟ قال : ما هو يا عم ؟ قال : المعرفة بقدري ، والقصد في أمري ، قال : أحسنت . أحمد بن كامل : حدثنا أسد بن الحسن ، قال : سأل رجل في المسجد ، فأعطاه العيشي مطرفا ، وقال : ثمنه أربعون دينارا ، فلا تخدع عنه ، فباعه ، فعرف أنه مطرف العيشي ، فاشتراه ابن عم له ، ورده إليه . [ ص: 567 ] قال يعقوب بن شيبة : أنفق العيشي على إخوانه أربعمائة ألف دينار في الله حتى التجأ إلى بيع سقف بيته .

قال إبراهيم نفطويه : قيل : إن العيشي كان يمسك بيمينه شاة ، وبيساره شاة إلى أن تسلخا ، ثم قال نفطويه : وكان من سراة الناس جودا ، وحفظا ومحادثة .
قال البغوي : مات في شهر رمضان سنة ثمان وعشرين ومائتين

عرض في كتاب سير أعلام النبلاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

روابط مهمة من بريد مامي مم.

الرابط https://drive.google.com/file/d/1an6C1lKT__N6qnbEPA0jFXK3YbIcoEp5/view?usp=sharing       2.الرابط https://drive.google.com/file/d...