روى الدارقطني في كتابه " الرواة عن مالك " ،
والخطيب البغدادي ، من طريق غريبة ، عن عبد الملك بن الحكم ، حدثنا مالك ، عن نافع
، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن آخر من يدخل
الجنة رجل من جهينة ، يقال له : جهينة . فيقول أهل الجنة : عند جهينة الخبر اليقين
، سلوه : هل بقي في النار أحد من الخلائق ؟ " . وهذا الحديث لا تصح نسبته إلى
الإمام مالك ; لجهالة رواته عنه ، ولو كان محفوظا من حديثه لكان في كتبه المشهورة
عنه ، ك " الموطأ " وغيره مما رواه عنه الثقات . والعجيب أن القرطبي
ذكره في " التذكرة " ، وجزم به ، فقال : قال ابن عمر : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة ، يقال له : جهينة .
فيقول أهل الجنة : وعند جهينة الخبر اليقين " . وكذلك ذكره السهيلي ، ولم
يضعفه ، وحكى السهيلي قولا آخر أن اسمه هناد . فالله أعلم .
[ ص: 251 ] وقال مسلم : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير
، حدثنا أبي ، حدثنا الأعمش ، عن المعرور بن سويد ، عن أبي ذر قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة ، وآخر أهل
النار خروجا منها ، رجل يؤتى به يوم القيامة ، فيقال : اعرضوا عليه صغار ذنوبه ،
وارفعوا عنه كبارها ، فتعرض عليه صغار ذنوبه ، فيقال : عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا
، وعملت يوم كذا وكذا كذا وكذا ، فيقول : نعم . لا يستطيع أن ينكر ، وهو مشفق من
كبار ذنوبه أن تعرض عليه ، فيقال له : فإن لك مكان كل سيئة حسنة . فيقول : رب ، قد
عملت أشياء لا أراها ههنا " . فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك
حتى بدت نواجذه .
وقال الطبراني : حدثنا عبد الله بن سعد بن يحيى الرقي ،
حدثنا أبو فروة يزيد بن محمد بن سنان الرهاوي ، حدثني أبي عن أبيه ، حدثني أبو يحيى
الكلاعي ، عن أبي أمامة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن آخر
رجل يدخل الجنة رجل يتقلب على الصراط ظهرا لبطن ، كالغلام يضربه أبوه ، وهو يفر
منه يعجز عنه عمله أن يسعى ، فيقول : يا رب بلغ بي الجنة ونجني من النار ، فيوحي
الله إليه : عبدي ، إن أنا نجيتك من النار ، وأدخلتك الجنة أتعترف لي بذنوبك
وخطاياك ؟ فيقول العبد : نعم يا رب ، وعزتك وجلالك لئن نجيتني من النار لأعترفن لك
بذنوبي وخطاياي . فيجوز الجسر ، ويقول العبد فيما بينه وبين [ ص: 252 ] نفسه : لئن
اعترفت له بذنوبي وخطاياي ليردني إلى النار . فيوحي الله إليه : عبدي ، اعترف لي
بذنوبك وخطاياك أغفرها لك ، وأدخلك الجنة . فيقول العبد : لا وعزتك وجلالك ، ما أذنبت
ذنبا قط ، ولا أخطأت خطيئة قط . فيوحي الله إليه : إن لي عليك بينة . فيلتفت يمينا
وشمالا فلا يرى أحدا فيقول : يا رب ، أرني بينتك ، فيستنطق الله جلده بالمحقرات ،
فإذا رأى العبد ذلك يقول : يا رب ، عندي وعزتك العظائم . فيوحي الله إليه : عبدي
أنا أعرف بها منك ، اعترف لي بها أغفرها لك وأدخلك الجنة . فيعترف العبد بذنوبه ،
فيدخله الجنة " . ثم ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ، يقول
: " هذا أدنى أهل الجنة منزلة ، فكيف بالذي فوقه ؟ ! " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا سلام -
يعني ابن مسكين - عن أبي ظلال ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ،
قال : " إن عبدا في جهنم لينادي ألف سنة : يا حنان ، يا منان " . قال :
" فيقول الله لجبريل : اذهب فائتني بعبدي هذا . فينطلق جبريل فيجد أهل النار منكبين
يبكون ، فيرجع إلى ربه ، فيخبره ، فيقول : اذهب فائتني به ، فإنه في مكان كذا وكذا
. فيجيء به ، فيوقفه على ربه ، فيقول له : يا عبدي ، كيف وجدت مكانك ومقيلك ؟
فيقول : يا رب ، شر مكان وشر مقيل . فيقول : ردوا عبدي . فيقول : يا رب ، ما كنت
أرجو إذ أخرجتني منها أن تردني فيها . فيقول : دعوا عبدي " . انفرد به أحمد .
[ ص: 253 ] وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد
بن سلمة ، أخبرنا ثابت وأبو عمران الجوني ، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : " يخرج أربعة من النار - قال أبو عمران : أربعة . وقال
ثابت : رجلان - فيعرضون على الله ، عز وجل ، ثم يؤمر بهم إلى النار ، فيلتفت
أحدهم فيقول : أي رب ، قد كنت أرجو إذ أخرجتني منها أن لا تعيدني فيها . فينجيه الله
سبحانه منها " . وهكذا رواه مسلم من حديث حماد بن سلمة ، به .
وقال عبد الله بن المبارك : حدثني رشدين بن سعد ، حدثني
ابن أنعم ، عن أبي عثمان ، أنه حدثه عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : " إن رجلين ممن دخل النار يشتد صياحهما ، فقال الرب جل جلاله :
أخرجوهما . فأخرجا ، فقال لهما : لأي شيء اشتد صياحكما ؟ قالا : فعلنا ذلك لترحمنا . قال : رحمتي
لكما أن تنطلقا فتلقيا أنفسكما حيث كنتما من النار . قال : فينطلقان ، فيلقي أحدهما نفسه ،
فيجعلها الله عليه بردا وسلاما ، ويقوم الآخر ، فلا يلقي نفسه ، فيقول له الرب
تعالى : ما منعك أن تلقي نفسك ، كما ألقى صاحبك ؟ فيقول : رب ، إني أرجوك أن لا
تعيدني فيها بعد ما أخرجتني منها . فيقول الرب : لك رجاؤك . فيدخلان جميعا الجنة
برحمة الله ، عز وجل " .
وذكر بلال بن سعد في خطبته أن الله تعالى إذا أمرهما
بالرجوع إلى النار [ ص: 254 ] ينطلق أحدهما في أغلاله وسلاسله حتى يقتحمها ،
ويتلكأ الآخر ، فيقول الله تعالى للأول : ما حملك على ما صنعت ؟ فيقول : إني خبرت من
وبال معصيتك ما لم أكن أتعرض لسخطك ثانيا . ويقول للآخر : ما حملك على أن تلكأت ؟
فيقول : حسن ظني بك إذ أخرجتني منها أن لا تعيدني فيها . فيرحمهما الله ، عز وجل ، ويدخلهما
الجنة .
________________
الدارقطني
الإمام الحافظ المجود ، شيخ الإسلام ، علم الجهابذة أبو
الحسن ، علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن دينار بن عبد الله
البغدادي المقرئ المحدث ، من أهل محلة دار القطن ببغداد .
ولد سنة ست وثلاثمائة هو أخبر بذلك .
وسمع وهو صبي من أبي القاسم البغوي ، ويحيى بن محمد بن
صاعد ، وأبي بكر بن أبي داود ، ومحمد بن نيروز الأنماطي ، وأبي حامد محمد بن هارون
الحضرمي ، وعلي بن عبد الله بن مبشر الواسطي ، وأبي علي محمد بن سليمان المالكي ، ومحمد
بن القاسم بن زكريا المحاربي ، وأبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب القاضي ، وأبي بكر
بن زياد النيسابوري ، والحسن بن علي العدوي البصري ، ويوسف بن يعقوب النيسابوري ،
وأبي بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي ، وعمر بن أحمد بن علي الديربي ، [ ص:
450 ] وإسحاق بن محمد الزيات ، وجعفر بن أبي بكر ، وإسماعيل بن العباس الوراق ،
والحسين بن إسماعيل المحاملي ، وأخيه أبي عبيد القاسم ، وأبي العباس بن عقدة ،
ومحمد بن مخلد العطار ، وأبي صالح عبد الرحمن بن سعيد الأصبهاني ، ومحمد بن
إبراهيم بن حفص ، وجعفر بن محمد بن يعقوب الصيدلي ، وأبي طالب أحمد بن نصر الحافظ
، والحسين بن يحيى بن عياش ، ومحمد بن سهل بن الفضيل ، وأحمد بن عبد الله وكيل أبي
صخرة . وأحمد بن محمد بن أبي بكر الواسطي ، والحسين بن محمد المطبقي ، وأبي جعفر بن
البختري ، وإسماعيل الصفار ، وخلق كثير ، وينزل إلى أبي بكر الشافعي ، وإلى ابن
المظفر ، وارتحل في الكهولة إلى الشام ومصر ، وسمع من ابن حيويه النيسابوري ، وأبي
الطاهر الذهلي ، وأبي أحمد بن الناصح ، وخلق كثير .
وكان من بحور العلم ، ومن أئمة الدنيا ، انتهى إليه
الحفظ ومعرفة علل الحديث ورجاله ، مع التقدم في القراءات وطرقها ، وقوة المشاركة
في الفقه ، والاختلاف ، والمغازي ، وأيام الناس ، وغير ذلك .
قال أبو عبد الله الحاكم في كتاب " مزكي الأخبار
" : أبو الحسن صار واحد عصره في الحفظ والفهم والورع . وإماما في القراء
والنحويين ، أول ما دخلت بغداد ، كان يحضر المجالس وسنه دون الثلاثين ، وكان أحد
الحفاظ .
قلت : وهم الحاكم ، فإن الحاكم إنما دخل بغداد سنة إحدى
وأربعين وثلاثمائة ، وسن أبي الحسن خمس وثلاثون سنة .
صنف التصانيف ، وسار ذكره في الدنيا ، وهو أول من صنف
القراءات ، وعقد لها أبوابا قبل فرش الحروف . [ ص: 451 ] تلا على أبي الحسين أحمد
بن بويان ، وأبي بكر النقاش ، وأحمد بن محمد الديباجي ، وعلي بن ذؤابة القزاز
وغيرهم ، وسمع حروف السبعة من أبي بكر بن مجاهد ، وتصدر في آخر أيامه للإقراء ،
لكن لم يبلغنا ذكر من قرأ عليه ، وسأفحص عن ذلك إن شاء الله تعالى .
قال ابن طاهر : له مذهب في التدليس ، يقول فيما لم يسمعه
من البغوي : قرئ على أبي القاسم البغوي حدثكم فلان .
حدث عنه : الحافظ أبو عبد الله الحاكم ، والحافظ عبد
الغني ، وتمام بن محمد الرازي ، والفقيه أبو حامد الإسفراييني ، وأبو نصر بن
الجندي ، وأحمد بن الحسن الطيان ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، وأبو مسعود الدمشقي ،
وأبو نعيم الأصبهاني ، وأبو بكر البرقاني ، وأبو الحسن العتيقي ، وأحمد بن محمد بن
الحارث الأصبهاني النحوي ، والقاضي أبو الطيب الطبري ، وعبد العزيز بن علي الأزجي
، وأبو بكر محمد بن عبد الملك بن بشران . وأبو الحسن بن السمسار الدمشقي ، وأبو
حازم بن الفراء أخو القاضي أبي يعلى ، وأبو النعمان تراب بن عمر المصري ، وأبو
الغنائم عبد الصمد بن المأمون ، وأبو الحسين بن المهتدي بالله ، وأبو الحسين بن
الآبنوسي محمد بن أحمد بن محمد ، وأبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن حسنون
النرسي ، وحمزة بن يوسف السهمي ، وخلق سواهم من البغاددة والدماشقة والمصريين
والرحالين .
قال الحاكم : حج شيخنا أبو عبد الله بن أبي ذهل فكان يصف
حفظه [ ص: 452 ] وتفرده بالتقدم في سنة ثلاث وخمسين ، حتى استنكرت وصفه إلى أن
حججت في سنة سبع وستين فجئت بغداد ، وأقمت بها أزيد من أربعة أشهر ، وكثر اجتماعنا
بالليل والنهار فصادفته فوق ما وصفه ابن أبي ذهل ، وسألته عن العلل والشيوخ ، وله
مصنفات يطول ذكرها .
قال أبو بكر الخطيب : كان الدارقطني فريد عصره ، وقريع
دهره ، ونسيج وحده ، وإمام وقته ، انتهى إليه علو الأثر والمعرفة بعلل الحديث
وأسماء الرجال ، مع الصدق والثقة ، وصحة الاعتقاد ، والاضطلاع من علوم سوى الحديث
، منها القراءات ، فإنه له فيها كتاب مختصر ، جمع الأصول في أبواب عقدها في أول
الكتاب ، وسمعت بعض من يعتني بالقراءات ، يقول : لم يسبق أبو الحسن إلى طريقته في
هذا ، وصار القراء بعده يسلكون ذلك ، قال : ومنها المعرفة بمذاهب الفقهاء ، فإن
كتابه " السنن " يدل على ذلك ، وبلغني أنه درس فقه الشافعي على أبي سعيد
الإصطخري ، وقيل : على غيره ، ومنها المعرفة بالأدب والشعر ، حدثني حمزة بن محمد
بن طاهر : أن الدارقطني كان يحفظ ديوان السيد الحميري ، فنسب لذا إلى التشيع .
قال أبو الفتح بن أبي الفوارس : كنا نمر إلى البغوي ،
والدارقطني صبي يمشي خلفنا بيده رغيف عليه كامخ . [ ص: 453 ] قال الخطيب : حدثنا
الأزهري قال : بلغني أن الدارقطني حضر في حداثته مجلس إسماعيل الصفار ، فجعل
ينسخ جزءا كان معه ، وإسماعيل يملي ، فقال رجل : لا يصح سماعك وأنت تنسخ ، فقال الدارقطني
: فهمي للإملاء خلاف فهمك ، كم تحفظ أملى الشيخ ؟ فقال : لا أحفظ ، فقال الدارقطني
: أملى ثمانية عشر حديثا ، الأول عن فلان عن فلان ومتنه كذا وكذا ، والحديث الثاني
عن فلان عن فلان ، ومتنه كذا وكذا . ومر في ذلك حتى أتى على الأحاديث ، فتعجب
الناس منه أو كما قال .
قال الحافظ أبو ذر الهروي : سمعت أن الدارقطني قرأ كتاب
" النسب " على مسلم العلوي ، فقال له المعيطي الأديب بعد القراءة : يا
أبا الحسن ، أنت أجرأ من خاصي الأسد ، تقرأ مثل هذا الكتاب مع ما فيه من الشعر
والأدب ، فلا يؤخذ فيه عليك لحنة ! وتعجب منه ، هذه حكاها الخطيب عن الأزهري ،
فقال مسلم بن عبيد الله : وإنه كان يروي كتاب " النسب " عن الخضر بن
داود عن الزبير .
قال رجاء بن محمد المعدل : قلت للدارقطني : رأيت مثل
نفسك ؟ فقال : قال الله : فلا تزكوا أنفسكم فألححت عليه ، فقال : لم أر أحدا جمع
ما جمعت ، رواها أبو ذر ، والصوري ، عن رجاء المصري ، وقال أبو ذر : قلت لأبي عبد الله
الحاكم : هل رأيت مثل الدارقطني ؟ فقال : هو ما رأى مثل نفسه ، فكيف أنا ؟ ! .
وكان الحافظ عبد الغني الأزدي ، إذا حكى عن الدارقطني ،
يقول : [ ص: 454 ] قال أستاذي .
وقال الصوري : سمعت الحافظ عبد الغني ، يقول : أحسن
الناس كلاما على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة : ابن المديني في وقته ،
وموسى بن هارون -يعني : ابن الحمال - في وقته ، والدارقطني في وقته .
وقال القاضي أبو الطيب الطبري : كان الدارقطني أمير
المؤمنين في الحديث .
وقال الأزهري : كان الدارقطني ذكيا ، إذا ذكر شيئا من
العلم أي نوع كان ، وجد عنده منه نصيب وافر ، لقد حدثني محمد بن طلحة النعالي أنه
حضر مع أبي الحسن دعوة عند بعض الناس ليلة ، فجرى شيء من ذكر الأكلة ، فاندفع أبو الحسن
يورد أخبار الأكلة وحكاياتهم ونوادرهم ، حتى قطع أكثر ليلته بذلك ، قال الأزهري :
ورأيت ابن أبي الفوارس سأل الدارقطني عن علة حديث أو اسم ، فأجاب ، ثم قال : يا
أبا الفتح ليس بين الشرق والغرب من يعرف هذا غيري .
قال القاضي أبو الطيب الطبري : حضرت الدارقطني وقد قرئت
الأحاديث التي جمعها في مس الذكر عليه ، فقال : لو كان أحمد بن حنبل [ ص: 455 ]
حاضرا لاستفاد هذه الأحاديث .
وقال أبو بكر البرقاني : كان الدارقطني يملي علي العلل
من حفظه .
قلت : إن كان كتاب " العلل " الموجود ، قد
أملاه الدارقطني من حفظه ، كما دلت عليه هذه الحكاية ، فهذا أمر عظيم ، يقضى به
للدارقطني أنه أحفظ أهل الدنيا ، وإن كان قد أملى بعضه من حفظه فهذا ممكن ، وقد
جمع قبله كتاب " العلل " علي بن المديني حافظ زمانه .
قال رجاء بن محمد المعدل : كنا عند الدارقطني يوما والقارئ يقرأ
عليه وهو يتنفل فمر حديث فيه نسير بن ذعلوق ، فقال القارئ : بشير ، فسبح الدارقطني
، فقال : بشير ، فسبح فقال : يسير . فتلا الدارقطني : ن والقلم .
وقال حمزة بن محمد بن طاهر : كنت عند الدارقطني وهو قائم يتنفل ،
فقرأ عليه أبو عبد الله بن الكاتب
: عمرو بن شعيب ، فقال : عمرو بن سعيد ، فسبح الدارقطني
، فأعاد ، وقال : ابن سعيد ووقف ، فتلا الدارقطني : يا شعيب أصلاتك تأمرك فقال ابن
الكاتب : شعيب . [ ص: 456 ] قال أبو الحسن العتيقي : حضرت أبا الحسن ، وجاءه أبو الحسين
البيضاوي بغريب ليقرأ له شيئا ، فامتنع واعتل ببعض العلل ، فقال : هذا غريب ،
وسأله أن يملي عليه أحاديث ، فأملى عليه أبو الحسن من حفظه مجلسا تزيد أحاديثه على
العشرين ، متن جميعها : " نعم الشيء الهدية أمام الحاجة " قال : فانصرف
الرجل ، ثم جاءه بعد ، وقد أهدى له شيئا ، فقربه وأملى عليه من حفظه سبعة عشر
حديثا ، متون جميعها : إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه .
قلت : هذه حكاية صحيحة ، رواها الخطيب عن العتيقي ، وهي دالة
على سعة حفظ هذا الإمام ، وعلى أنه لوح بطلب شيء ، وهذا مذهب لبعض العلماء ، ولعل
الدارقطني كان إذ ذاك محتاجا ، وكان يقبل جوائز دعلج السجزي وطائفة ، وكذا وصله
الوزير ابن حنزابة بجملة من الذهب لما خرج له المسند . [ ص: 457 ] قال الحاكم : دخل
الدارقطني الشام ومصر على كبر السن ، وحج واستفاد وأفاد ، ومصنفاته يطول ذكرها .
وقال أبو عبد الرحمن السلمي فيما نقله عنه الحاكم : وقال
: شهدت بالله إن شيخنا الدارقطني لم يخلف على أديم الأرض مثله في معرفة حديث رسول
الله صلى الله عليه وسلم وكذلك الصحابة والتابعين وأتباعهم ، قال : وتوفي يوم
الخميس لثمان خلون من ذي القعدة من سنة خمس وثمانين وثلاثمائة وكذا أرخ الخطيب
وفاته .
وقال الخطيب في ترجمته : حدثني أبو نصر علي بن هبة الله
بن ماكولا ، قال : رأيت كأني أسأل عن حال الدارقطني في الآخرة ، فقيل لي : ذاك
يدعى في الجنة الإمام .
وصح عن الدارقطني أنه قال : ما شيء أبغض إلي من علم
الكلام .
قلت : لم يدخل الرجل أبدا في علم الكلام ولا الجدال ،
ولا خاض في ذلك ، بل كان سلفيا ، سمع هذا القول منه أبو عبد الرحمن السلمي . وقال الدارقطني : اختلف قوم من
أهل بغداد ، فقال قوم : عثمان أفضل ، وقال قوم : علي أفضل ، فتحاكموا إلي ، فأمسكت
، وقلت : الإمساك خير ، ثم لم أر لديني السكوت ، وقلت للذي استفتاني : ارجع إليهم
، وقل لهم : أبو الحسن يقول : عثمان أفضل من علي باتفاق جماعة أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، هذا قول أهل السنة ، وهو أول عقد يحل في الرفض .
قلت : ليس تفضيل علي برفض ولا هو ببدعة ، بل قد ذهب إليه
خلق من الصحابة والتابعين ، فكل من عثمان وعلي ذو فضل وسابقة وجهاد ، وهما [ ص:
458 ] متقاربان في العلم والجلالة ، ولعلهما في الآخرة متساويان في الدرجة ، وهما
من سادة الشهداء رضي الله عنهما ، ولكن جمهور الأمة على ترجيح عثمان على الإمام
علي وإليه نذهب . والخطب في ذلك يسير ، والأفضل منهما بلا شك أبو بكر وعمر ، من
خالف في ذا فهو شيعي جلد ، ومن أبغض الشيخين واعتقد صحة إمامتهما فهو رافضي مقيت ،
ومن سبهما واعتقد أنهما ليسا بإمامي هدى فهو من غلاة الرافضة ، أبعدهم الله .
قال الدارقطني : يقدم في " الموطأ " معن ،
وابن وهب ، والقعنبي .
قال : وأبو مصعب : ثقة في " الموطأ " .
قال حمزة السهمي : سئل أبو الحسن : إذا حدث النسائي وابن
خزيمة بحديث ، أيهما نقدم ؟ فقال : النسائي فإنه لم يكن مثله ، ولا أقدم عليه أحدا .
الرواية عنه : أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن علي ، وجماعة
إجازة قالوا : أخبرنا داود بن أحمد الوكيل ، أخبرنا أبو الفضل محمد بن عمر
القاضي ، أخبرنا عبد الصمد بن علي ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، حدثنا عبد الله بن
محمد بن عبد العزيز ، حدثني سريج بن يونس ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر
، عن أبيه ، عن واصل الأحدب ، عن أبي وائل ، قال : خطبنا عمار ، فأبلغ وأوجز ،
فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن طول صلاة الرجل ، وقصر خطبته
مئنة من فقهه ، فأطيلوا الصلاة ، واقصروا الخطبة . [ ص: 459 ] أخرجه مسلم عن سريج ،
فوافقناه بعلو .
أخبرنا أبو القاسم الخضر بن عبد الرحمن الأزدي سنة
سبعمائة ، أخبرنا المسلم بن أحمد ، أخبرنا علي بن الحسن الحافظ ، أخبرنا أبو غالب
أحمد بن الحسن ، أخبرنا عبد الصمد بن علي ، أخبرنا علي بن عمر الدارقطني ، حدثنا
محمد بن يحيى بن هارون الإسكاف ، حدثنا إسحاق بن شاهين ، حدثنا خالد بن عبد الله ،
عن يونس بن عبيد ، عن عبد الرحمن بن عتبة ، عن ابن مسعود ، قال : ذكر عند رسول
الله صلى الله عليه وسلم الصدقة ، فقال : إن من الصدقة أن تفك الرقبة ، وتعتق النسمة
. فقال رجل : يا رسول الله أليستا واحدة ؟ فقال : لا ، عتقها أن تعتقها ، وفكاكها
أن تعين في ثمنها . قال : أرأيت إن لم أستطع ذلك ؟ قال : تطعم جائعا ، وتسقي ظمآنا ، قال :
أرأيت إن لم أجد ؟ قال : تأمر بالمعروف ، وتنهي عن المنكر ، قال : أرأيت إن لم
أستطع ؟ قال : فكف إذا شرك غريب تفرد به خالد الطحان .
أخبرنا عبد الخالق بن عبد السلام القاضي ، وست الأهل بنت
علوان ، قالا : أخبرنا عبد الرحيم بن إبراهيم الفقيه ، أخبرنا عبد المغيث بن [ ص:
460 ] زهير ، أخبرنا أحمد بن عبيد الله العكبري ، أخبرنا أبو طالب محمد بن علي
الحربي ، حدثنا علي بن عمر الحافظ ، حدثنا ابن صاعد ، حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا
إسماعيل بن عياش ، عن محمد بن زياد ، سمعت أبا أمامة ، سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، يقول : وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ولا
عذاب ، مع كل ألف سبعين ألفا وثلاث حثيات من حثيات ربي عز وجل " .
وحدثنا ابن صاعد ، حدثنا محمد بن حرب بواسط ، حدثنا يزيد
بن هارون ، أخبرنا إسماعيل نحوه
.
وروى بقية ، عن محمد بن زياد نحوه ، فإسناده قوي .
قال الخطيب : سألت البرقاني : هل كان أبو الحسن يملي
عليك العلل من حفظه ؟ قال : نعم ، أنا الذي جمعتها ، وقرأها الناس من نسختي .
ولحمزة بن محمد بن طاهر في الدارقطني : جعلناك فيما بيننا ورسولنا وسيطا فلم تظلم
ولم تتحوب فأنت الذي لولاك لم يعرف الورى ولو جهدوا ما صادق من مكذب قلت : يقع للدارقطني
أحاديث رباعيات منها .
حدثنا البغوي ، حدثنا طالوت ، حدثنا فضال بن جبير ، عن
أبي [ ص: 461 ] أمامة الباهلي ، وكذا بينه وبين شعبة اثنان ، وبينه وبين الثوري
كذلك .
عرض في كتاب سير
أعلام النبلاء
قراءة المصحف كاملا بصيغة وورد ومعه
حمل المصحف بكل الصيغ /وحمل المصحف:بونط كبير
باب في اليقين والتوكل تطريز رياض الصالحين /ج1.الكامل في اللغة/الجزء الأول /ج2.الكامل في اللغة/الجزء الثاني /ج3.الكامل في اللغة/الجزء الثالث /الكامل في اللغة/الجزء الرابع /الكامل في اللغة/الجزء الخامس /الكامل في اللغة/الجزء السادس /الكامل في /اللغة/الجزء السابع /الجزء 8. الكامل في اللغة /علل التثنية لابن جني /الفية ابن مالك /ابن هشام الأنصاري، من أئمة اللغة العربية /ج1.الكتاب (سيبويه)/المقدمة وج1 وج2. /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا مشمولة /فقه السنة تحقيق الشيالالباني /رياض الصالحين /فهرس رواة مسند الإمام أحمد /غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام /المصطلحات الأربعة في القرآن /إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان* /البرهان في رد البهتان والعدوان - أحاديث المزارعة/تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر /الحديث النبوي مصطلحه ، بلاغته ، كتبه /كتاب العلم للنسائي /قاموس الصناعات الشامية /تأسيس الأحكام /صيد الخاطر
/صحيح الجامع الصغير وزيادته (الفتح الكبير) وضعيفه {...
/صحيح سنن ابن ماجة {3--اجزاء} + ج4. ضعيف سنن ابن ماجهسنن أبي داود /{3 اجزاء الصحيح } و{الجزء4.ضعيفه} /صحيح الأدب المفرد.البخاري وج2.{وضعيفه} /صحيح الترغيب /والترهيب{ج1 و2 و3.} +ضعيفه
/تحقيق إرواء الغليل للالباني8ج طبيعة 1. / /طلبعة 3.
الله أكبر كبيرا
الأحد، 25 يوليو 2021
( آخر من يدخل الجنة )
ما هي علاقة الأقراء بعدة الطلاق وما هي هذه العدد وعلاقة ذلك بابن عمر
باب ما جاء في الأقراء وعدة الطلاق وطلاق الحائض حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول ...
-
مجلد 1. [ السنن الكبرى - النسائي ] الكتاب : سنن النسائي الكبرى المؤلف : أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي الناشر : دار الكتب ا...
-
مجلد 2. السنن الكبرى النسائي ]{من حديث { 1090.الي ح 2190.} [ السنن الكبرى - النسائي ] الكتاب : سنن النسائي الكبرى المؤلف : أ...
-
مجلد 3. السنن الكبرى - النسائي ][من حدبث رقم 2191. الي3478.] تحقيق دكتور عبد الغفار سليمان البنداري وسيد كسروي حسن . الطبعة الاو...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق