حمل واقرأ

قراءة المصحف كاملا بصيغة وورد ومعه حمل المصحف بكل الصيغ  حمل المصحف:بونط كبير

باب في اليقين والتوكل تطريز رياض الصالحين /ج1.الكامل في اللغة/الجزء الأول /ج2.الكامل في اللغة/الجزء الثاني /ج3.الكامل في اللغة/الجزء الثالث /الكامل في اللغة/الجزء الرابع /الكامل في اللغة/الجزء الخامس /الكامل في اللغة/الجزء السادس /الكامل في /اللغة/الجزء السابع /الجزء 8. الكامل في اللغة /علل التثنية لابن جني /الفية ابن مالك /ابن هشام الأنصاري، من أئمة اللغة العربية /ج1.الكتاب (سيبويه)/المقدمة وج1 وج2. /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا مشمولة /فقه السنة تحقيق الشيالالباني /رياض الصالحين /فهرس رواة مسند الإمام أحمد /غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام /المصطلحات الأربعة في القرآن /إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان* /البرهان في رد البهتان والعدوان - أحاديث المزارعة/تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر /الحديث النبوي مصطلحه ، بلاغته ، كتبه /كتاب العلم للنسائي /قاموس الصناعات الشامية /تأسيس الأحكام /صيد الخاطر /صحيح الجامع الصغير وزيادته (الفتح الكبير) وضعيفه {... /صحيح سنن ابن ماجة {3--اجزاء} + ج4. ضعيف سنن ابن ماجهسنن أبي داود  /{3 اجزاء الصحيح } و{الجزء4.ضعيفه} /صحيح الأدب المفرد.البخاري وج2.{وضعيفه} /صحيح الترغيب /والترهيب{ج1 و2 و3.} +ضعيفه /تحقيق إرواء الغليل للالباني8ج  طبيعة 1. / /طلبعة 3.

الله أكبر كبيرا

كتاب جواهر القرآن أبو حامد الغزالي مكتبة العلوم الشاملة /مكتبة العلوم الشاملة /https://sluntt.blogspot.com/

الجمعة، 23 يوليو 2021

حديث في تقريب يوم القيامة بالنسبة إلى ما سلف من الأزمنة

حديث في تقريب يوم القيامة بالنسبة إلى ما سلف من الأزمنة 

قال الإمام أحمد : حدثنا أبو اليمان ، حدثنا شعيب ، عن الزهري ، أخبرني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم على المنبر ، يقول : " إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم ، كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس ، أعطي أهل التوراة التوراة فعملوا بها ، حتى إذا انتصف النهار عجزوا ، فأعطوا قيراطا قيراطا ، ثم أعطي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا به حتى صلاة العصر ، ثم عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ، ثم أعطيتم القرآن فعملتم به حتى غربت الشمس ، فأعطيتم قيراطين قيراطين ، فقال أهل [ ص: 291 ] التوراة والإنجيل : ربنا ، هؤلاء أقل عملا ، وأكثر أجرا ! فقال : هل ظلمتكم من أجركم من شيء؟ قالوا : لا . فقال : فذاك فضلي أوتيه من أشاء " . وهكذا رواه البخاري ، عن أبي اليمان .

وللبخاري من حديث سفيان الثوري ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم قبلكم ، كما بين صلاة العصر ومغرب الشمس ، ومثلكم ومثل اليهود والنصارى . . . . " . فذكر الحديث بتمامه وطوله .

طريق أخرى عن ابن عمر ، رضي الله عنهما : قال الإمام أحمد : حدثنا الفضل بن دكين ، حدثنا شريك ، سمعت سلمة بن كهيل ، يحدث عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، والشمس على قعيقعان ، بعد العصر ، فقال : " ما أعماركم في أعمار من مضى ، إلا كما بقي من النهار فيما مضى منه " . تفرد به أحمد . وهذا إسناد حسن ، لا بأس به . طريق أخرى عنه : قال أحمد : حدثنا إسماعيل بن عمر ، حدثني كثير بن [ ص: 292 ] زيد ، عن المطلب بن عبد الله ، عن عبد الله بن عمر ، أنه كان واقفا بعرفات ، فنظر إلى الشمس حين تدلت مثل الترس للغروب ، فبكى واشتد بكاؤه ، فقال له رجل عنده : يا أبا عبد الرحمن ، قد وقفت معي مرارا فلم تصنع هذا؟! فقال : ذكرت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بمكاني هذا ، فقال : " أيها الناس ، إنه لم يبق من دنياكم فيما مضى منها ، إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه " . تفرد به أحمد .


طريق أخرى عنه : قال الإمام أحمد : حدثنا يونس ، حدثنا حماد ، يعني ابن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا إن مثل آجالكم في آجال الأمم قبلكم ، كما بين صلاة العصر إلى مغيربان الشمس " . ورواه البخاري ، عن سليمان بن حرب ، من حماد بن زيد ، به ، نحوه ، بأبسط منه .


وروى الحافظ أبو القاسم الطبراني ، من حديث عطية العوفي ، ووهب بن كيسان ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحو ذلك .

وهذا كله يدل على أن ما بقي من الدنيا بالنسبة إلى ما مضى منها شيء [ ص: 293 ] يسير ، لكن لا يعلم مقدار ما مضى منها إلا الله تعالى ، ولا ما بقي إلا الله تعالى ، ولكن لها أشراط إذا وجدت كانت قريبة ، والله أعلم ، ولم يجئ في حديث تحديد يصح سنده عن المعصوم ، حتى يصار إليه ، ويعلم نسبة ما بقي بالنسبة إليه ، ولكنه قليل جدا بالنسبة إلى الماضي ، وتعيين وقت الساعة لم يأت به حديث صحيح ، بل الآيات والأحاديث دالة على أن علم ذلك مما استأثر الله سبحانه وتعالى به ، دون خلقه ، كما سيأتي تقريره في أول الجزء الآتي بعد هذا ، إن شاء الله تعالى ، وبه الثقة ، وعليه التكلان .

فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد ، رحمه الله ، في " مسنده " قائلا : حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، حدثني سالم بن عبد الله ، وأبو بكر بن أبي حثمة ، أن عبد الله بن عمر قال : صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء في آخر حياته ، فلما سلم قام ، فقال : " أرأيتكم ليلتكم هذه؟ فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد " . قال عبد الله : فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك ، إلى ما يحدثون من هذه الأحاديث عن مائة سنة ، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد " . يريد بذلك أنه ينخرم ذلك القرن . وهكذا رواه [ ص: 294 ] البخاري ، عن أبي اليمان بسنده ولفظه سواء ، ورواه مسلم ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، عن أبي اليمان الحكم بن نافع ، عن شعيب ، به . فقد فسر الصحابي المراد من هذا الحديث بما فهمه ، وهو أولى بالفهم من كل أحد من أنه يريد بذلك أن ينخرم قرنه ذلك ، فلا يبقى أحد ممن هو كائن على وجه الأرض من أهل ذلك الزمان من حين قال هذه المقالة إلى مائة سنة ، وقد اختلف العلماء; هل ذلك خاص بذلك القرن؟ أو عام في كل قرن أنه لا يبقى أحد أكثر من مائة سنة؟ على قولين ، والتخصيص بذلك القرن المعين الأول أولى; فإنه قد شوهد أن بعض الناس قد جاوز المائة سنة ، وذلك طائفة كثيرة من الناس ، كما قد ذكرنا هذا في كتابنا هذا في وفيات الأعيان ، فالله أعلم .

ولهذا الحديث طرق أخرى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

رواية جابر بن عبد الله : قال الإمام أحمد : حدثنا أبو النضر ، حدثنا المبارك ، حدثنا الحسن ، عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الساعة قبل أن يموت بشهر ، فقال : " تسألوني عن الساعة ، وإنما علمها عند الله ، فوالذي نفسي بيده ، ما أعلم اليوم نفسا يأتي عليها مائة سنة " . تفرد به أحمد ، وهو إسناد جيد حسن رجاله ثقات; أبو النضر هاشم بن القاسم من رجال [ ص: 295 ] الصحيحين ، ومبارك بن فضالة حديثه عند أهل السنن ، والحسن بن أبي الحسن البصري من الأئمة الثقات الكبار ، وروايته مخرجة في الصحاح كلها وغيرها .

طريق أخرى عن جابر : قال الإمام أحمد : حدثنا حجاج ، قال ابن جريج : أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بشهر : " تسألوني عن الساعة ، وإنما علمها عند الله ، وأقسم بالله ما على الأرض نفس منفوسة اليوم يأتي عليها مائة سنة " .

وكذا رواه مسلم ، عن هارون بن عبد الله ، وحجاج بن الشاعر ، عن حجاج بن محمد الأعور ، وعن محمد بن حاتم ، عن محمد بن بكر ، كلاهما عن ابن جريج ، به .

وقال مسلم في " الصحيح " ، باب تقريب قيام الساعة : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب ، قالا : حدثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كان الأعراب إذا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه عن الساعة : متى الساعة؟ فنظر إلى أحدث إنسان منهم ، فقال : " إن يعش هذا لم يدركه الهرم ، قامت عليكم ساعتكم " . تفرد به الإمام مسلم ، رحمه الله .


ثم قال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا يونس بن محمد ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : متى تقوم [ ص: 296 ] الساعة؟ وعنده غلام من الأنصار يقال له : محمد . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن يعش هذا الغلام ، فعسى أن لا يدركه الهرم حتى تقوم الساعة " . تفرد به مسلم من هذا الوجه .

ثم قال مسلم : وحدثني حجاج بن الشاعر ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد ، يعني ابن زيد ، حدثنا معبد بن هلال العنزي ، عن أنس بن مالك ، أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال : متى تقوم الساعة؟ قال : فسكت النبي صلى الله عليه وسلم هنيهة ثم نظر إلى غلام بين يديه من أزد شنوءة ، فقال : " إن عمر هذا ، لم يدركه الهرم حتى تقوم الساعة " . قال أنس : ذاك الغلام من أترابي يومئذ . تفرد به مسلم أيضا من هذا الوجه .

ثم قال مسلم : حدثنا هارون بن عبد الله ، حدثنا عفان بن مسلم ، حدثنا همام ، حدثنا قتادة ، عن أنس قال : مر غلام للمغيرة بن شعبة ، وكان من أقراني ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن يؤخر هذا فلن يدركه الهرم حتى تقوم الساعة " . ورواه البخاري ، عن عمرو بن عاصم ، عن همام ، به .

وهذه الروايات تدل على تعداد هذا السؤال وهذا الجواب ، وليس المراد بذلك تحديد وقت الساعة العظمى إلى وقت هرم هذا الغلام المشار إليه ، وإنما المراد ساعتهم ، وهو انقراض قرنهم وعصرهم ، وأن قصاراه تتناهى في مدة عمر ذلك الغلام ، كما تقدم في الحديث : " تسألوني عن الساعة ، وإنما علمها عند [ ص: 297 ] الله ، وأقسم بالله ما على الأرض نفس منفوسة اليوم يأتي عليها مائة سنة " . ويؤيد ذلك رواية عائشة ، رضي الله عنها : " قامت عليكم ساعتكم " . وذلك أنه من مات فقد دخل في حكم القيامة ، فإن عالم البرزخ قريب من عالم يوم القيامة ، وفيه شبه من الدنيا أيضا ، ولكن هو أشبه بالآخرة ، ثم إذا تناهت المدة المضروبة للدنيا أمر الله بقيام الساعة ، فجمع الأولون والآخرون لميقات يوم معلوم ، كما سيأتي بيان ذلك من الكتاب والسنة ، وبالله المستعان . 

.............................................

سالم بن عبد الله ( ع )

ابن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، الإمام الزاهد ، الحافظ ، مفتي المدينة ، [ ص: 458 ] أبو عمر ، وأبو عبد الله ، القرشي ، العدوي ، المدني ، وأمه أم ولد . مولده في خلافة عثمان .

أخبرنا أحمد بن هبة الله سنة اثنتين وتسعين وستمائة ، أنبأنا أبو روح الهروي ، أنبأنا تميم الجرجاني ، أنبأنا أبو سعد الأديب ، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي ، حدثنا حوثرة بن أشرس ، حدثنا عقبة بن أبي الصهباء - وسألت يحيى بن معين عنه فوثقه - عن سالم ، عن أبيه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الصبح ، ثم استقبل مطلع الشمس ، فقال : ألا إن الفتن من هاهنا - ثلاث مرات - ومن ثم يطلع قرن الشيطان .

إسناده حسن عال ، ولا يقع لنا حديث سالم أعلى من هذا .

حدث عن أبيه فجود وأكثر ، وعن عائشة - وذلك في سنن النسائي - وأبي هريرة - وذلك في البخاري ومسلم - وعن زيد بن الخطاب العدوي ، وأبي لبابة بن عبد المنذر - وذلك مرسل - وعن رافع بن خديج ، وسفينة ، وأبي رافع مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - وسعيد بن المسيب ، وامرأة أبيه صفية .

وعنه : ابنه أبو بكر ، وسالم بن أبي الجعد ، وعمرو بن دينار ، وعمرو بن دينار القهرمان ، ومحمد بن واسع ، ويحيى بن أبي إسحاق الحضرمي ، وأبو بكر بن حزم ، والزهري ، ومحمد بن أبي حرملة ، وكثير بن زيد ، وفضيل بن غزوان ، وحنظلة بن أبي سفيان ، وصالح بن كيسان ، وصالح بن محمد بن زائدة أبو واقد ، وعاصم بن عبد الله ، وعبد العزيز بن أبي رواد ، وعبيد الله بن عمر ، وعكرمة بن عمار ، وابن أخيه عمر بن حمزة ، وابن ابن أخيه عمر بن محمد بن زيد ، [ ص: 459 ] وابن ابن أخيه خالد بن أبي بكر بن عبيد الله ، وابن أخيه القاسم بن عبيد الله ، وخلق سواهم .


روى علي بن زيد ، عن ابن المسيب ، قال : قال لي ابن عمر : أتدري لم سميت ابني سالما ؟ قلت : لا . قال : باسم سالم مولى أبي حذيفة - يعني أحد السابقين . يحيى بن سعيد ، عن ابن المسيب ، قال : كان عبد الله بن عمر أشبه ولد عمر به ، وكان سالم أشبه ولد عبد الله به .

روى سلمة الأبرش ، عن ابن إسحاق قال : رأيت سالم بن عبد الله يلبس الصوف ، وكان علج الخلق ، يعالج بيديه ويعمل .

قال يحيى بن بكير : قدم جماعة من المصريين المدينة ، فأتوا باب سالم بن عبد الله ، فسمعوا رغاء بعير ، فبينا هم كذلك خرج عليهم رجل شديد الأدمة ، متزر بكساء صوف إلى ثندوته ، فقالوا له : مولاك داخل ؟ قال : من تريدون ؟ قالوا : سالم . قال : فلما كلمهم جاء شيء غير المنظر ، قال : من أردتم ؟ قالوا : سالم . قال : ها أنا ذا فما جاء بكم ؟ قالوا : أردنا أن نسائلك . قال : سلوا عما شئتم . وجلس ويده ملطخة بالدم والقيح الذي أصابه من البعير ، فسألوه .

قال أشهب ، عن مالك ، قال : لم يكن أحد في زمان سالم أشبه بمن مضى من الصالحين ، في الزهد والفضل والعيش منه ; كان يلبس الثوب [ ص: 460 ] بدرهمين ، ويشتري الشمال ليحملها . قال : فقال سليمان بن عبد الملك لسالم - ورآه حسن السحنة - : أي شيء تأكل ؟ قال : الخبز والزيت ، وإذا وجدت اللحم أكلته . فقال له عمر : أوتشتهيه ؟ قال : إذا لم أشتهه تركته حتى أشتهيه . وروى أبو المليح الرقي ، عن ميمون بن مهران قال : دخلت على ابن عمر ، فقومت كل شيء في بيته ، فما وجدته يسوى مائة درهم ، ثم دخلت مرة أخرى ، فما وجدت ما يسوى ثمن طيلسان ، ودخلت على سالم من بعده ، فوجدته على مثل حال أبيه .

روى زيد بن محمد بن زيد ، عن نافع ، قال : كان ابن عمر يقبل سالما ويقول : شيخ يقبل شيخا . ابن سعد ، عن محمد بن حرب المكي : سمع خالد بن أبي بكر يقول : بلغني أن ابن عمر كان يلام في حب سالم ، فكان يقول : يلومونني في سالم وألومهم وجلدة بين العين والأنف سالم

قال ابن أبي الزناد : كان أهل المدينة يكرهون اتخاذ أمهات الأولاد حتى نشأ فيهم الغر السادة : علي بن الحسين ، والقاسم بن محمد ، وسالم بن عبد الله ، ففاقوا أهل المدينة علما وتقى وعبادة وورعا ، فرغب الناس حينئذ في السراري . [ ص: 461 ]

قال ابن المبارك : كان فقهاء أهل المدينة الذين كانوا يصدرون عن رأيهم سبعة : ابن المسيب ، وسليمان بن يسار ، وسالم ، والقاسم ، وعروة ، وعبيد الله بن عبد الله ، وخارجة بن زيد . وكانوا إذا جاءتهم مسألة دخلوا فيها جميعا فنظروا فيها ، ولا يقضي القاضي حتى يرفع إليهم ، فينظرون فيها فيصدرون . ابن وهب : حدثنا مالك ، عن يزيد بن رومان ، عن سالم بن عبد الله : أنه كان يخرج إلى السوق في حوائج نفسه . واشترى شملة ، فانتهى بها إلى المسجد ، فرمى بها إلى عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز ، فحبسها عنده ساعة ، ثم قال : ألا تبعث من يحملها لك ؟ فقال : بل أنا أحملها .

وحدثني مالك ، قال : كان ابن عمر يخرج إلى السوق فيشتري ، وكان سالم دهره يشتري في الأسواق ، وكان من أفضل أهل زمانه .

وروى أبو سعيد الحارثي ، عن العتبي ، عن أبيه ، قال : دخل سالم على سليمان بن عبد الملك ، وعلى سالم ثياب غليظة رثة ، فلم يزل سليمان يرحب به ، ويرفعه حتى أقعده معه على سريره ، وعمر بن عبد العزيز في المجلس ، فقال له رجل من أخريات الناس : ما استطاع خالك أن يلبس ثيابا فاخرة أحسن من هذه ، يدخل فيها على أمير المؤمنين ؟ ! قال : وعلى المتكلم ثياب سرية ، لها قيمة ، فقال له عمر : ما رأيت هذه الثياب التي على خالي وضعته في مكانك ، ولا رأيت ثيابك هذه رفعتك إلى مكان خالي ذاك . [ ص: 462 ]

قال أحمد بن عبد الله العجلي : سالم بن عبد الله تابعي ثقة .

وقال أحمد وابن راهويه : أصح الأسانيد ; الزهري ، عن سالم ، عن أبيه .

وروى عباس ، عن يحيى بن معين ، قال : سالم والقاسم حديثهما قريب من السواء ، وسعيد بن المسيب - أيضا - قريب منهما ، وإبراهيم أعجب إلي مرسلات منهم . قال عباس : قلت ليحيى : فسالم أعلم بابن عمر أو نافع ؟ قال : يقولون : إن نافعا لم يحدث حتى مات سالم .

وقال البخاري : لم يسمع سالم من عائشة .

وقال النسائي في حديث الزهري ، عن سالم ، عن أبيه مرفوعا " فيما سقت السماء العشر . . " الحديث : ورواه نافع عن ابن عمر قوله ، قال : واختلف سالم ونافع على ابن عمر في ثلاثة أحاديث ; هذا أحدها .

والثاني : " من باع عبدا له مال " فقال : سالم عن أبيه مرفوعا . وقال : نافع عن ابن عمر قوله . [ ص: 463 ]

وقال : سالم عن أبيه مرفوعا : " يخرج نار من قبل اليمن . . " ورواه نافع عن ابن عمر ، عن كعب قوله . قال : وسالم أجل من نافع ، وأحاديث نافع أولى بالصواب .

وقال ابن سعد كان سالم ثقة ، كثير الحديث ، عاليا من الرجال ورعا .

قال أبو ضمرة الليثي : حج هشام بن عبد الملك في سالم بن عبد الله ، فأعجبته سحنته ، فقال : أي شيء تأكل ؟ فقال : الخبز والزيت . قال : فإذا لم تشتهه ؟ قال : أخمره حتى أشتهيه . فعانه هشام ، فمرض ومات ، فشهده هشام وأجفل الناس في جنازته فرآهم هشام فقال : إن أهل المدينة لكثير . فضرب عليهم بعثا أخرج فيه جماعة منهم ، فلم يرجع منه أحد ، فتشاءم به أهل المدينة ، فقالوا : عان فقيهنا ، وعان أهل بلدنا . قال جويرية بن أسماء : حدثني أشعب الطمع ، قال : قال لي سالم : لا تسأل أحدا غير الله تعالى .

وقال فطر بن خليفة : رأيت سالم بن عبد الله أبيض الرأس واللحية . [ ص: 464 ]

وقال معن بن عيسى : حدثني خالد بن أبي بكر ، قال : رأيت على سالم قلنسوة بيضاء ، وعمامة بيضاء يسدل منها خلفه أكثر من شبر .

قال أيوب السختياني : أتينا سالم بن عبد الله وهو في قميص وجبة قد اتزر فوقها .

قال نافع : كان سالم يركب في عهد ابن عمر بالقطيفة الأرجوان .

قال ابن سعد أخبرت عن عبد الرحمن بن مهدي ، عن مالك ، عن ابن المسيب ، قال : أشبه ولد ابن عمر به سالم .

وقيل : كان سالم يركب حمارا عتيقا زريا ، فعمد أولاده فقطعوا ذنبه حتى لا يعود يركبه سالم ، فركب وهو أقطش الذنب ، فعمدوا فقطعوا أذنه ، فركبه ولم يغيره ذلك ، ثم جدعوا أذنه الأخرى ; وهو مع ذلك يركبه تواضعا واطراحا للتكلف . الأصمعي ، عن أشعب ، قال : دخلت على سالم بن عبد الله فقال : حمل إلينا هريسة وأنا صائم ، فاقعد كل . قال : فأمعنت ، فقال : ارفق فما بقي يحمل معك . قال : فرجعت ، فقالت المرأة : يا مشئوم بعث عبد الله بن عمرو بن عثمان يطلبك ، وقلت : إنك مريض ! قال : أحسنت ، فدخل حماما وتمرج بدهن وصفرة ، قال : وعصبت رأسي ، وأخذت قصبة أتوكأ عليها وأتيته ، فقال : أشعب ؟ قلت : نعم ، جعلت فداك ، ما قمت منذ شهرين . قال : وعنده سالم ولم أشعر ، فقال : ويحك يا أشعب ، وغضب وخرج ، فقال عبد الله : [ ص: 465 ] ما غضب خالي سالم إلا من شيء ، فاعترفت له ، فضحك هو وجلساؤه . ووهب لي ، فخرجت فإذا أشعب قد لقي سالما فقال : ويحك ، ألم تأكل عندي الهريسة ؟ قلت : بلى ، فقال : والله لقد شككتني .

وحكى الأصمعي ، أن أشعب مر في طريق ، فعبث به الصبيان ، فقال : ويحكم ، سالم يقسم جوزا أو تمرا ، فمروا يعدون ، فغدا أشعب معهم ، وقال : ما يدريني لعله حق .

مات سالم في سنة ست ومائة . قاله ابن شوذب ، وعطاف بن خالد ، وضمرة ، وأبو نعيم ، وعدة . زاد بعضهم : في ذي القعدة ، وقال بعضهم : في ذي الحجة . فصلى عليه هشام بن عبد الملك بعد انصرافه من الحج .

وقال خليفة ، وأبو أمية بن يعلى : سنة سبع ومائة .


وقال الهيثم بن عدي ، وأبو عمر الضرير : سنة ثمان . والأول أصح .

قال الحافظ ابن عساكر : قدم سالم الشام وافدا على عبد الملك ببيعة والده له ، ثم قدم على الوليد ، ثم على عمر بن عبد العزيز .

قال يحيى بن سعيد : قلت لسالم في حديث : أسمعته من ابن عمر ؟ فقال : مرة واحدة ! أكثر من مائة مرة . [ ص: 466 ]

قال همام ، عن عطاء بن السائب : دفع الحجاج رجلا إلى سالم بن عبد الله ليقتله ، فقال للرجل : أمسلم أنت ؟ قال : نعم : قال : فصليت اليوم الصبح ؟ قال : نعم ، فرد إلى الحجاج ، فرمى بالسيف ، وقال : ذكر أنه مسلم ، وأنه صلى الصبح ، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من صلى الصبح فهو في ذمة الله " فقال : لسنا نقتله على صلاة ، ولكنه ممن أعان على قتل عثمان ، فقال : هاهنا من هو أولى بعثمان مني . فبلغ ذلك ابن عمر فقال : مكيس مكيس .

قال ابن عيينة : دخل هشام الكعبة ، فإذا هو بسالم بن عبد الله ، فقال : سلني حاجة . قال : إني أستحيي من الله أن أسأل في بيته غيره . فلما خرجا قال : الآن فسلني حاجة ، فقال له سالم : من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة ؟ فقال : من حوائج الدنيا . قال : والله ما سألت الدنيا من يملكها ، فكيف أسألها من لا يملكها . وكان سالم حسن الخلق ، فروي عن إبراهيم بن عقبة ، قال : كان سالم إذا خلا حدثنا حديث الفتيان .

وعن أبي سعد قال : كان سالم غليظا كأنه حمال . وقيل : كان على سمت أبيه في عدم الرفاهية . حماد بن عيسى الجهني ، حدثنا حنظلة ، عن سالم ، عن أبيه ، عن [ ص: 467 ] عمر ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا مد يديه في الدعاء ، لم يرسلهما حتى يمسح بهما وجهه .

تفرد به حماد ، وفيه لين . 
عرض في كتاب سير أعلام النبلاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما هي علاقة الأقراء بعدة الطلاق وما هي هذه العدد وعلاقة ذلك بابن عمر

  باب ما جاء في الأقراء وعدة الطلاق وطلاق الحائض     حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول ...