ذكر تعداد محال الجنة وارتفاعها واتساعها
قال الله تعالى : ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأي آلاء ربكما تكذبان [ الرحمن : 46 ، 47
] الآيات إلى آخر السورة .
وثبت في " الصحيحين " من حديث عبد العزيز بن
عبد الصمد ، عن أبي عمران الجوني ، عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري ، عن أبيه ، أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
: " جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من
فضة آنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم عز وجل إلا رداء
الكبرياء على وجهه في جنة عدن "
.
وروى البيهقي من حديث مؤمل بن إسماعيل ، عن حماد بن سلمة
، عن ثابت ، عن أبي بكر بن أبي موسى ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : " جنتان من ذهب للسابقين ، وجنتان من ورق لأصحاب اليمين " .
وقال البخاري : حدثنا قتيبة ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ،
عن حميد ، عن أنس بن مالك ، أن أم حارثة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد هلك
حارثة يوم بدر ، أصابه سهم غرب ، فقالت : يا رسول الله ، قد علمت موقع حارثة من
قلبي ، [ ص: 267 ] فإن كان في الجنة لم أبك عليه ، وإلا سوف ترى ما أصنع . فقال
لها : " أهبلت ؟ أجنة واحدة هي ؟! إنها جنان كثيرة ، وإنه في الفردوس الأعلى
" . وقال : " غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ، ولقاب قوس
أحدكم - أو موضع قدم - من الجنة خير من الدنيا وما فيها ، ولو أن امرأة من نساء
أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ، ولملأت ما بينهما ريحا ولنصيفها -
يعني الخمار - خير من الدنيا وما فيها "
.
وفي رواية ، عن قتادة أنه قال : " الفردوس ربوة الجنة وأوسطها
وأفضلها " . وقد رواه الطبراني من حديث سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن الحسن
، عن سمرة مرفوعا .
قال الله تعالى : في جنة عالية [ الغاشية : 10 ] وقال تعالى : فأولئك لهم الدرجات العلى [ طه : 75 ] . وقال تعالى : وجنة عرضها السماوات والأرض [ آل عمران : 133 ] ، وقال تعالى : وجنة عرضها كعرض السماء والأرض [ الحديد : 21 ] .
[ ص:
268 ] وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عامر ، حدثنا فليح ، عن هلال
بن علي ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : " من آمن بالله ورسوله ، وأقام الصلاة ، وصام رمضان ، فإن حقا على الله أن يدخله
الجنة ، هاجر في سبيل الله ، أو جلس في أرضه التي ولد فيها " . قالوا : يا رسول الله ،
أفلا نخبر الناس ؟ قال : "
إن في الجنة مائة درجة أعدها الله ، عز وجل ، للمجاهدين
في سبيله ، بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، فإذا سألتم الله فاسألوه
الفردوس ، فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة ، وفوفه عرش الرحمن ، ومنه تفجر - أو تفجر -
أنهار الجنة " . شك أبو عامر .
ورواه البخاري ، عن إبراهيم بن المنذر ، عن محمد بن فليح
، عن أبيه بمعناه .
وقال الطبراني : حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا أبو
همام الدلال ، حدثنا هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن معاذ بن
جبل قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من صلى هؤلاء الصلوات الخمس ،
وصام رمضان " - لا أدري ذكر زكاة أم لا ؟ - " كان حقا على الله أن يغفر له ،
هاجر أو قعد حيث ولدته أمه " . قلت : يا رسول الله ، ألا أخرج فأوذن الناس ؟ [ ص: 269 ] فقال : " لا ، ذر
الناس يعملون ، فإن الجنة مائة درجة ، بين كل درجتين منها مثل ما بين السماء
والأرض ، وأعلى درجة منها الفردوس . وعليها يكون العرش ، وهي أوسط شيء في الجنة ،
ومنها تفجر أنهار الجنة ، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس " .
وهكذا رواه الترمذي ، عن قتيبة وأحمد بن عبدة ، عن الدراوردي
، عن زيد بن أسلم ، به . وأخرجه ابن ماجه ، عن سويد ، عن حفص بن ميسرة ، عن زيد مختصرا .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا همام ، حدثنا زيد
بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبادة بن الصامت ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : " الجنة مائة درجة ، ما بين كل درجتين مسيرة مائة عام " . وقال عفان : " كما بين
السماء والأرض ، والفردوس أعلاها درجة ، ومنها تخرج الأنهار الأربعة ، والعرش من
فوقها ، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس " .
ورواه الترمذي ، عن أحمد بن منيع ، عن يزيد بن هارون ، عن
همام بن يحيى ، به .
[ ص: 270
] قلت : ولا تكون هذه الصفة إلا في المقبب ، فإن أعلى
القبة هو أوسطها ، فالجنة - والله أعلم - كذلك .
وقال أبو بكر بن أبي داود : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا يزيد بن
هارون ، أخبرنا شريك ، عن محمد بن جحادة ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ، قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" الجنة مائة درجة ، ما بين كل درجتين مسيرة
خمسمائة عام " .
ورواه الترمذي ، عن عباس العنبري ، عن يزيد بن هارون ، فذكره
، وعنده : " ما بين كل درجتين مائة عام " . وقال : هذا حديث حسن صحيح .
وقال أبو يعلى : حدثنا زهير ، حدثنا حسن ، عن ابن لهيعة
، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : " الجنة مائة درجة ، لو أن العالمين اجتمعوا في إحداهن لوسعتهم " . ورواه الترمذي
، عن قتيبة ، عن ابن لهيعة ، ورواه أحمد أيضا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق