قال الحافظ عبد الحق الإشبيلي في كتاب " العاقبة " : يوم القيامة ، وما أدراك [ ص: 360 ] ما
يوم القيامة ؟ يوم الحسرة والندامة ، يوم يجد كل عامل عمله أمامه ، يوم
الدمدمة ، يوم الزلزلة ، يوم الصاعقة ، يوم الواقعة ، يوم الراجفة ، يوم
الواجفة ، يوم الرادفة ، يوم الغاشية ، يوم الداهية ، يوم الآزفة ، يوم
الحاقة ، يوم الطامة ، يوم الصاخة ، يوم التلاق ، يوم الفراق ، يوم المشاق ،
يوم الإشفاق ، يوم الإشتاق ، يوم القصاص ، يوم لات حين مناص ، يوم التناد ،
يوم الأشهاد ، يوم المعاد ، يوم المرصاد ، يوم المساءلة ، يوم المناقشة ،
يوم الحساب ، يوم المآب ، يوم العذاب ، يوم الثواب ، يوم الفرار لو وجد
الفرار ، يوم القرار إما في الجنة ، وإما في النار ، يوم القضاء ، يوم
الجزاء ، يوم البكاء ، يوم البلاء ، يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال
سيرا ، يوم الحشر ، يوم النشر ، يوم الجمع ، يوم البعث ، يوم العرض ، يوم
الوزن ، يوم الحق ، يوم الحكم ، يوم الفصل ، يوم عقيم ، يوم عسير ، يوم
قمطرير ، يوم عصيب ، يوم النشور ، يوم المصير ، يوم الدين ، يوم اليقين ،
يوم النفخة ، يوم الصيحة ، يوم الرجفة ، يوم السكرة ، يوم الرجة ، يوم
الفزع ، يوم الجزع ، يوم القلق ، يوم الفرق ، يوم العرق ، يوم الميقات ،
يوم تخرج الأموات ، يوم تظهر الخبيئات ، يوم الانشقاق ، يوم الانكدار ، يوم
الانفطار ، يوم الانتشار ، يوم الافتقار ، يوم الوقوف ، يوم الخروج ، يوم
الانصداع ، يوم الانقطاع ، يوم معلوم ، يوم موعود ، يوم مشهود ، يوم تبلى
السرائر ، يوم يظهر ما في الضمائر ، يوم لا تجزي نفس عن نفس شيئا ، يوم لا
تملك نفس لنفس شيئا ، يوم يدعى فيه إلى النار ، يوم لا سجن إلا النار ، يوم
تتقلب فيه القلوب والأبصار ، يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم - ولهم اللعنة
ولهم سوء الدار - يوم تقلب [ ص: 361 ] وجوههم
في النار ، يوم البروز ، يوم الورود ، يوم الصدور من القبور إلى الله ،
يوم لا ينفع مال ولا بنون ، يوم لا تنفع المعذرة ، يوم لا يرتجى فيه إلا
المغفرة .
قال : وأهول أسمائه وأبشع ألقابه يوم الخلود ، وما أدراك ما يوم الخلود ،
يوم لا انقطاع لعقابه ، ولا يكشف فيه عن كافر ما به ، فنعوذ بالله ، ثم
نعوذ بالله من غضبه ، وعقابه ، وبلائه ، وسوء قضائه ، برحمته وكرمه وجوده
وإحسانه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
.................................
عبد الحق
الإمام الحافظ البارع المجود العلامة أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن
عبد الله بن الحسين بن سعيد الأزدي الأندلسي الإشبيلي المعروف في زمانه
بابن الخراط . مولده فيما قيده أبو جعفر بن الزبير سنة أربع عشرة وخمسمائة . حدث عن : أبي الحسن شريح بن محمد وأبي الحكم بن برجان ، وعمر بن أيوب ، وأبي بكر بن مدير ، وأبي الحسن طارق بن يعيش ، والمحدث طاهر بن عطية ، وطائفة . سكن مدينة بجاية وقت الفتنة التي زالت فيها الدولة اللمتونية بالدولة المؤمنية فنشر بها علمه ، وصنف التصانيف ، واشتهر اسمه ، وسارت [ ص: 199 ] ب " أحكامه الصغرى " و " الوسطى " الركبان ، وله " أحكام كبرى " قيل هي بأسانيده -فالله أعلم . وولي خطابة بجاية . ذكره الحافظ أبو عبد الله البلنسي الأبار ، فقال : كان فقيها ، حافظا ، عالما بالحديث وعلله ، عارفا بالرجال ، موصوفا بالخير والصلاح والزهد والورع ولزوم السنة والتقلل من الدنيا ، مشاركا في الأدب وقول الشعر ، قد صنف في الأحكام نسختين كبرى وصغرى ، وسبقه إلى مثل ذلك الفقيه أبو العباس بن أبي مروان الشهيد بلبلة فحظي الإمام عبد الحق دونه . قلت : وعمل " الجمع بين الصحيحين " بلا إسناد على ترتيب مسلم ، وأتقنه ، وجوده . قال الأبار وله مصنف كبير جمع فيه بين الكتب الستة ، وله كتاب " المعتل من الحديث " وكتاب " الرقاق " ومصنفات أخر . قلت : وله كتاب " العاقبة " في الوعظ والزهد . وقال الأبار : وله في اللغة كتاب حافل ضاهى به كتاب " الغريبين " لأبي عبيد الهروي . حدثنا عنه جماعة من شيوخنا . وقال : ولد سنة عشر وخمسمائة وتوفي ببجاية بعد محنة نالته من قبل الدولة في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وخمسمائة . قلت : روى عنه خطيب بيت المقدس أبو الحسن علي بن محمد [ ص: 200 ] المعافري ، وأبو الحجاج ابن الشيخ ، وأبو عبد الله بن نقيمش ، ومحمد بن أحمد بن غالب الأزدي ، وأبو العباس العزفي وآخرون ، وصنف الحافظ القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك الحميري الكتامي الفاسي المشهور بابن القطان كتابا نفيسا في مجلدتين سماه " الوهم والإيهام فيما وقع من الخلل في الأحكام الكبرى لعبد الحق " يناقشه فيه فيما يتعلق بالعلل بالجرح والتعديل ، طالعته ، وعلقت منه فوائد جليلة . ومن مسموع الحافظ عبد الحق " صحيح مسلم " يحمله عن أبي القاسم بن عطية ، قال : أخبرنا محمد بن بشر ، قال : أخبرنا أبو علي بن سكرة الصدفي ، أخبرنا أبو العباس بن دلهاث العذري ، أخبرنا الرازي بإسناده . فهذا نزول بحيث أن ابن سكرة في إزاء المؤيد الطوسي ، وشيخنا القاسم الإربلي في طبقة ابن بشر هذا ، وصاحبه ابن عطية ونحن في العدد سواء ، فكأن عبد الحق سمعه من المزي والبرزالي - والله أعلم . [ ص: 201 ] وقد أنبأنا " بالأحكام الصغرى " الإمام أبو محمد بن هارون في كتابه إلينا من المغرب ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي نصر بسماعه من المصنف أبي محمد عبد الحق . قال ابن الزبير في ترجمة عبد الحق : كان يزاحم فحول الشعراء ، ولم يطلق عنانه في نطقه .
قلت : ما أحلى قوله وأوعظه إذ قال : إن في الموت والمعاد لشغلا وادكارا
لذي النهى وبلاغا فاغتنم خطتين قبل المنايا صحة الجسم يا أخي
والفراغا أخبرنا محمد بن عبد الكريم التبريزي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد السخاوي سنة خمس وثلاثين وستمائة ، أخبرنا مجد الدين محمد بن أحمد بن غالب الأزدي سنة ست وثمانين وخمسمائة ، أخبرنا أبو محمد عبد الحق الأزدي أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد ، أخبرنا أبو علي الصدفي ، أخبرنا عبد الله بن طاهر التميمي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله النيسابوري المقرئ وغيره ، قالوا : أخبرنا علي بن أحمد الخزاعي ، أخبرنا الهيثم بن كليب الشاشي ببخارى ، أخبرنا أبو عيسى الترمذي ، حدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة عن قتادة ، سمعت عبد الله بن أبي عتبة يحدث عن أبي سعيد ، قال : [ ص: 202 ] كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشد حياء من العذراء في خدرها ، وكان إذا كره شيئا ، عرفناه في وجهه . وأنبأناه عاليا أحمد بن محمد ، أخبرنا عبد المطلب بن هاشم ، أخبرنا أبو شجاع عمر بن محمد وجماعة قالوا : أخبرنا أحمد بن محمد الخليلي ، أخبرنا علي بن أحمد الخزاعي ، فذكره . |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق