حمل واقرأ

قراءة المصحف كاملا بصيغة وورد ومعه حمل المصحف بكل الصيغ  حمل المصحف:بونط كبير

باب في اليقين والتوكل تطريز رياض الصالحين /ج1.الكامل في اللغة/الجزء الأول /ج2.الكامل في اللغة/الجزء الثاني /ج3.الكامل في اللغة/الجزء الثالث /الكامل في اللغة/الجزء الرابع /الكامل في اللغة/الجزء الخامس /الكامل في اللغة/الجزء السادس /الكامل في /اللغة/الجزء السابع /الجزء 8. الكامل في اللغة /علل التثنية لابن جني /الفية ابن مالك /ابن هشام الأنصاري، من أئمة اللغة العربية /ج1.الكتاب (سيبويه)/المقدمة وج1 وج2. /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا مشمولة /فقه السنة تحقيق الشيالالباني /رياض الصالحين /فهرس رواة مسند الإمام أحمد /غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام /المصطلحات الأربعة في القرآن /إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان* /البرهان في رد البهتان والعدوان - أحاديث المزارعة/تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر /الحديث النبوي مصطلحه ، بلاغته ، كتبه /كتاب العلم للنسائي /قاموس الصناعات الشامية /تأسيس الأحكام /صيد الخاطر /صحيح الجامع الصغير وزيادته (الفتح الكبير) وضعيفه {... /صحيح سنن ابن ماجة {3--اجزاء} + ج4. ضعيف سنن ابن ماجهسنن أبي داود  /{3 اجزاء الصحيح } و{الجزء4.ضعيفه} /صحيح الأدب المفرد.البخاري وج2.{وضعيفه} /صحيح الترغيب /والترهيب{ج1 و2 و3.} +ضعيفه /تحقيق إرواء الغليل للالباني8ج  طبيعة 1. / /طلبعة 3.

الله أكبر كبيرا

كتاب جواهر القرآن أبو حامد الغزالي مكتبة العلوم الشاملة /مكتبة العلوم الشاملة /https://sluntt.blogspot.com/

السبت، 24 يوليو 2021

ذكر أحاديث في البعث

ذكر أحاديث في البعث 
قال سفيان الثوري : عن سلمة بن كهيل ، عن أبي الزعراء ، عن عبد الله ، قال : يرسل الله ريحا فيها صر باردة ، وزمهريرا باردة ، فلا يبقى على الأرض مؤمن إلا كفت بتلك الريح ، ثم تقوم الساعة . وذكر الحديث كما تقدم في المقال قبله .

وقال ابن أبي الدنيا : أخبرنا أبو خيثمة ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا حماد بن سلمة ، عن يعلى بن عطاء ، عن وكيع بن عدس ، عن عمه أبي رزين ، قال : قلت : يا رسول الله ، كيف يحيي الله الموتى؟ وما آية ذلك في خلقه؟ قال : " يا أبا رزين ، أما مررت بوادي أهلك محلا ، ثم مررت به يهتز خضرا ؟ " . قلت : بلى . قال : " فكذلك يحيي الله الموتى ، وذلك آيته في [ ص: 346 ] خلقه " . وقد رواه الإمام أحمد ، عن عبد الرحمن بن مهدي ، وغندر ، كلاهما عن شعبة ، عن يعلى بن عطاء ، به ، نحوه أو مثله .

وقد رواه الإمام أحمد من وجه آخر ، فقال : حدثنا علي بن إسحاق ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن سليمان بن موسى ، عن أبي رزين العقيلي ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ، كيف يحيي الله الموتى؟ قال : " أمررت بأرض من أرضك مجدبة ، ثم مررت بها مخصبة ؟ " قال : قلت : نعم . قال : " كذلك النشور " . قال : قلت : يا رسول الله ، ما الإيمان ؟ قال : " أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن يكون الله ورسوله أحب إليك مما سواهما ، وأن تحرق بالنار أحب إليك من أن تشرك بالله ، وأن تحب غير ذي نسب لا تحبه إلا لله عز وجل ، فإذا كنت كذلك فقد دخل حب الإيمان في قلبك ، كما دخل حب الماء قلب الظمآن في اليوم القائظ " . قلت : يا رسول الله ، كيف لي بأن أعلم أني مؤمن؟ قال : " ما من أمتي ، أو هذه الأمة عبد يعمل حسنة ، فيعلم أنها حسنة ، وأن الله عز وجل جازيه بها خيرا ، ولا يعمل سيئة ، فيعلم أنها سيئة ، ويستغفر الله عز وجل منها ، ويعلم أنه لا يغفر إلا هو - إلا وهو مؤمن " . تفرد به أحمد .

.........................................
سفيان ( ع )

ابن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهبة بن أبي بن عبد الله بن منقذ بن نصر بن الحارث بن ثعلبة بن عامر بن ملكان بن ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان . [ ص: 230 ] وكذا نسبه ابن أبي الدنيا عن محمد بن خلف التيمي ، غير أنه أسقط منه منقذا والحارث ، وزاد بعد مسروق حمزة ، والباقي سواء . وكذلك ذكر نسبه الهيثم بن عدي ، وابن سعد ، وأنه من ثور طابخة ، وبعضهم قال : هو من ثور همدان ، وليس بشيء .

هو شيخ الإسلام ، إمام الحفاظ ، سيد العلماء العاملين في زمانه ، أبو عبد الله الثوري الكوفي المجتهد ، مصنف كتاب " الجامع " .

ولد سنة سبع وتسعين اتفاقا ، وطلب العلم وهو حدث باعتناء والده ، المحدث الصادق : سعيد بن مسروق الثوري ، وكان والده من أصحاب الشعبي ، وخيثمة بن عبد الرحمن ، ومن ثقات الكوفيين ، وعداده في صغار التابعين . روى له الجماعة الستة في دواوينهم ، وحدث عنه أولاده : سفيان الإمام ، وعمر ، ومبارك ، وشعبة بن الحجاج ، وزائدة ، وأبو الأحوص ، وأبو عوانة ، وعمر بن عبيد الطنافسي ، وآخرون . ومات سنة ست وعشرين ومائة .

معجم شيوخ أبي عبد الله : إبراهيم بن عبد الأعلى ، وإبراهيم بن عقبة ، وإبراهيم بن محمد بن المنتشر ، وإبراهيم بن مهاجر ، وإبراهيم بن ميسرة ، وإبراهيم بن مزيد الخوزي ، وأجلح بن عبد الله ، وآدم بن سليمان ، وأسامة بن زيد ، وإسرائيل أبو موسى ، وأسلم المنقري ، وإسماعيل بن إبراهيم المخزومي ، وإسماعيل السدي ، وإسماعيل بن كثير ، والأسود بن قيس . وأشعث بن أبي الشعثاء ، والأغر بن الصباح ، وأفلت بن خليفة ، وإياد بن لقيط ، وأيوب السختياني ، وأيوب بن موسى ، والبختري بن المختار ، وبرد بن سنان ، [ ص: 231 ] وبريد بن عبد الله بن أبي بردة ، وبشير أبو إسماعيل ، وبشير صاحب ابن الزبير ، وبكير بن عطاء ، وبهز بن حكيم ، وبنان بن بشر ، وتوبة العنبري ، وثابت بن عبيد ، وأبو المقدام ثابت بن هرمز ، وثور بن يزيد ، وثوير بن أبى فاختة ، وجابر الجعفي ، وجامع بن أبي راشد ، وجامع بن شداد ، وجبلة بن سحيم ، وجعفر بن برقان ، وجعفر الصادق ، وجعفر بن ميمون ، وحبيب بن أبي ثابت - وهو من كبار شيوخه - وحبيب بن الشهيد ، وحبيب بن أبي عمرة ، وحجاج بن فرافصة ، والحسن بن عبيد الله ، والحسن بن عمرو الفقيمي ، وحصين بن عبد الرحمن ، وحكيم بن جبير ، وحكيم بن الديلم ، وحماد بن أبي سليمان ، وحمران بن أعين ، وحميد بن قيس ، وحميد الطويل ، وحنظلة بن أبي سفيان ، وخالد بن سلمة الفأفاء ، وخالد الحذاء ، وخصيف بن عبد الرحمن ، وأبو الجحاف داود بن أبي عوف ، وداود بن أبي هند ، وراشد بن كيسان ، ورباح بن أبي معروف ، والربيع بن أنس ، والربيع بن صبيح ، وربيعة الرأي ، والركين بن الربيع ، وزبيد اليامي ، والزبير بن عدي ، وزياد بن إسماعيل ، وزياد بن علاقة ، - وهو من كبار مشيخته - وزيد بن أسلم . وزيد بن جبير ، وزيد العمي ، وسالم الأفطس ، وسالم أبو النضر ، وسعد بن إبراهيم ، وسعد بن إسحاق بن كعب ، وسعيد الجريري ، وأبو سنان سعيد بن سنان الشيباني الصغير ، وأبوه سعيد ، وسلم العلوي ، وأبو حازم سلمة بن دينار ، وسلمة بن كهيل - وهو من كبارهم - وسلمة بن نبيط ، وسليمان الأعمش ، وسليمان التيمي ، وسماك ، وسمي ، وسهيل ، وشبيب بن غرقدة . وشريك بن أبي نمر ، وشعبة بن الحجاج - وذلك في النسائي - وصالح بن صالح بن حي ، وصالح مولى التوأمة ، وصفوان بن سليم ، والضحاك بن عثمان ، وأبو سنان ضرار بن مرة ، وطارق بن عبد الرحمن ، وطريف أبو سفيان السعدي ، وطعمة بن غيلان ، وطلحة بن يحيى ، وعاصم بن أبي النجود ، [ ص: 232 ] وعاصم بن عبيد الله ، وعاصم بن كليب ، وعاصم الأحول ، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم ، وعبد الله بن جابر البصري ، وعبد الله بن حسن بن حسن ، وعبد الله بن دينار ، وأبو الزناد عبد الله ، وعبد الله بن الربيع بن خثيم ، وعبد الله بن السائب الكوفي ، وعبد الله بن سعيد المقبري ، وعبد الله بن شبرمة ، وعبد الله بن شداد الأعرج ، وعبد الله بن طاوس ، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين ، وعبد الله بن عثمان بن خثيم ، وعبد الله بن عطاء ، وعبد الله بن عون ، وعبد الله بن عيسى ، وعبد الله بن أبي لبيد ، وعبد الله بن محمد بن عقيل ، وعبد الله بن أبي نجيح ، وعبد الأعلى بن عامر ، وعبد الرحمن بن ثروان ، وعبد الرحمن بن الحارث ، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، وعبد الرحمن بن عابس ، وعبد الرحمن بن الأصبهاني ، وعبد الرحمن بن علقمة ، وعبد الرحمن بن القاسم ، وعبد العزيز بن رفيع ، وعبد الكريم بن مالك ، وعبد الكريم أبو أمية ، وعبد الملك بن أبي بشير ، وعبد الملك بن أبي سليمان ، وابن جريج ، وعبد الملك بن عمير ، وعبدة بن أبي لبابة ، وعبيد الله بن أبي زياد ، وعبيد الله بن عمر ، وعبيد بن الحسن ، وعبيد بن مهران المكتب ، وعبيد الصيد ، وعثمان بن الحرب ، وعثمان بن حكيم ، وأبو حصين عثمان بن عاصم ، وأبو اليقظان عثمان بن عمير ، وعثمان بن المغيرة ، وعثمان البتي ، وعطاء بن السائب ، وعكرمة بن عمار ، وعلقمة بن مرثد ، وعلي بن الأقمر ، وعلي بن بذيمة ، وعلي بن زيد بن جدعان ، وعمار الدهني ، وعمارة بن القعقاع ، وعمر بن سعيد بن أبي حسين ، وعمر بن محمد بن زيد ، وعمر بن يعلى . وعمرو بن دينار ، وعمرو بن عامر الأنصاري ، وعمرو بن قيس الملائي ، وعمرو بن مرة - وهو من قدماء شيوخه - وعمرو بن ميمون بن مهران ، وعمرو بن يحيى بن عمارة ، وعمران بن مسلم الثقفي ، وعمران بن مسلم الجعفي ، وعمران البارقي ، وعمران القصير ، وعمير بن عبد الله الخثعمي ، [ ص: 233 ] وعون بن أبي جحيفة ، والعلاء بن خالد ، والعلاء بن عبد الرحمن . والعلاء بن عبد الكريم ، وعياش العامري ، وعيسى بن عبد الرحمن ، وعيسى بن أبي عزة ، وعيسى بن موسى الحرشي ، وغالب أبو الهذيل ، وغيلان بن جامع ، وفرات القزاز ، وفراس بن يحيى ، وفضيل بن غزوان ، وفضيل بن مرزوق ، وفطر بن خليفة ، وقابوس بن أبي ظبيان ، وأبو هاشم القاسم بن كثير ، وقيس بن مسلم - وهو من قدمائهم - وقيس بن وهب ، وكليب بن وائل ، وليث بن أبي سليم ، ومحارب بن دثار ، وابن إسحاق ، ومحمد بن أبي أيوب الثقفي ، ومحمد بن أبي بكر بن حزم ، ومحمد بن أبي حفصة ، ومحمد بن راشد المكحولي ، ومحمد بن الزبير الحنظلي ، ومحمد بن سعيد الطائفي ، ومحمد بن طارق المكي ، وابن أبي ذئب ، وابن أبي ليلى . ومحمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة ، ومحمد بن عجلان ، ومحمد بن عقبة ، ومحمد بن عمر بن علي ، ومحمد بن عمرو بن علقمة ، وأبو الزبير محمد بن مسلم ، ومحمد بن المنكدر - وهو من كبارهم - ومخارق الأحمسي ، والمختار بن فلفل ، ومخول بن راشد ، ومزاحم بن زفر ، ومصعب بن محمد بن شرحبيل ، ومطرف بن طريف ، ومعاوية بن إسحاق بن طلحة ، ومعاوية بن صالح . ومعبد بن خالد ، ومعمر بن راشد ، ومغيرة بن مقسم ، ومغيرة بن النعمان ، والمقدام بن شريح ، ومنصور بن حيان ، ومنصور بن صفية ، ومنصور بن المعتمر ، وموسى بن أبي عائشة ، وموسى بن عبيدة ، وموسى بن عقبة ، وميسرة بن حبيب ، وميسرة الأشجعي ، وأبو حمزة ميمون الأعور ، ونسير بن ذعلوق ، ونهشل بن مجمع ، ونوح بن أبي بلال ، وهارون بن عنترة ، وهشام بن إسحاق ، وهشام بن حسان ، وهشام بن عائد ، وهشام بن عروة ، وهشام بن أبي يعلى ، وواصل الأحدب ، ووبر بن أبي دليلة . وورقاء بن إياس ، والوليد بن قيس السكوني ، ويحيى بن أبي إسحاق الحضرمي ، [ ص: 234 ] ويحيى بن سعيد الأنصاري ، ويحيى بن هانئ بن عروة ، ويزيد بن أبي زياد ، ويزيد بن يزيد بن جابر ، ويعلى بن عطاء ، ويونس بن عبيد ، وأبو إسحاق السبيعي ، وأبو إسحاق الشيباني ، وأبو بكر بن عبد الله بن أبي الجهم ، وأبو جعفر الفراء ، وأبو حنان الكلبي ، وأبو الجويرية الجرمي . وأبو حيان التيمي ، وأبو خالد الدالاني ، وأبو روق الهمداني ، وأبو السوداء النهدي ، وأبو شهاب الحناط الكبير موسى ، وأبو عقيل مولى عمر بن الخطاب ، وأبو فروة الهمداني ، وأبو مالك الأشجعي ، وأبو هارون العبدي ، وأبو هاشم الرماني ، وأبو يحيى القتات ، وأبو يعفور العبدي .

ويقال : إن عدد شيوخه ست مائة شيخ ، وكبارهم الذين حدثوه عن أبي هريرة ، وجرير بن عبد الله ، وابن عباس ، وأمثالهم ، وقد قرأ الختمة عرضا على حمزة الزيات أربع مرات . 

نفخة البعث

نفخة البعث
قال تعالى : ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون [ الزمر : 68 ] . الآيات إلى آخر السورة ، وقال : يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا [ النبإ : 18 ] .

[ ص: 343 ] الآيات ، وقال تعالى : يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده [ الإسراء : 52 ] الآية . وقال تعالى : فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة [ النازعات : 13 ، 14 ] . وقال تعالى : ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون الآيات إلى قوله : وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون [ يس : 51 - 65 ] .

وذكر في حديث الصور بعد نفخة الصعق وفناء الخلق ، وبقاء الحي القيوم الذي لا يموت ، الذي كان قبل كل شيء ، وهو الآخر بعد كل شيء ، وأنه يبدل السماوات والأرض بين النفختين ، ثم يأمر بإنزال الماء على الأرض ، الذي تخلق منه الأجساد في قبورها ، وتتركب في أجداثها ، كما كانت في حياتها في هذه الدنيا ، ثم يدعو الله بالأرواح ، فيؤتى بها تتوهج أرواح المؤمنين نورا ، والأخرى ظلمة ، فتوضع في الصور ، ويأمر الله تعالى إسرافيل أن ينفخ نفخة البعث ، فتخرج الأرواح كأنها النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض ، فتدخل كل روح على جسدها التي كانت فيه في هذه الدار ، فتمشي الأرواح في الأجساد مشي السم في اللديغ ، ثم تنشق الأرض عنهم ، كما تنشق عن نباتها فيخرجون منها سراعا إلى ربهم ينسلون مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر [ القمر : 8 ] . حفاة عراة غرلا .

وقد قال الله تعالى : يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون [ المعارج : 43 ] . إلى آخر السورة ، وقال تعالى : واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب [ ق : 41 ] . إلى آخر السورة ، وقال تعالى : خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر [ القمر : 7 - 8 ] . وقال تعالى : فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير [ ص: 344 ] [ المدثر : 8 - 10 ] . وقال تعالى : ومنها نخرجكم تارة أخرى [ طه : 55 ] . وقال : والله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا [ نوح : 17 ، 18 ] إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على البعث والنشور .

وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا حمزة بن العباس ، حدثنا عبد الله بن عثمان ، حدثنا ابن المبارك ، حدثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي الزعراء ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : يرسل الله قبل يوم القيامة ريحا فيها صر باردة ، وزمهريرا باردا; فلا تذر على الأرض مؤمنا إلا كفت بتلك الريح ، ثم تقوم الساعة على الناس ، فيقوم ملك بين السماء والأرض بالصور ، فينفخ فيه ، فلا يبقى خلق في السماء والأرض إلا مات ، ثم يكون بين النفختين ما شاء الله أن يكون ، فيرسل الله ماء من تحت العرش ، فتنبت جسمانهم ولحمانهم من ذلك الماء ، كما تنبت الأرض من الثرى ، ثم قرأ ابن مسعود : كذلك النشور [ فاطر : 9 ] . ثم يقوم ملك بين السماء والأرض بالصور ، فينفخ فيه ، فتنطلق كل نفس إلى جسدها ، فتدخل فيه ، ويقومون ، فيجيئون قياما لرب العالمين .

[ ص: 345 ] وعن وهب بن منبه ، قال : يبلون في القبور ، فإذا سمعوا الصرخة عادت الأرواح في الأبدان ، والمفاصل بعضها إلى بعض ، فإذا سمعوا النفخة الثانية وثب القوم قياما على أرجلهم ، ينفضون التراب عن رءوسهم ، يقول المؤمنون : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك .
...............................

قوله تعالى : وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون .

قوله تعالى : وما قدروا الله حق قدره قال المبرد : ما عظموه حق عظمته . من قولك : فلان عظيم القدر . قال النحاس : والمعنى على هذا : وما عظموه حق عظمته إذا عبدوا معه غيره ، وهو خالق الأشياء ومالكها . ثم أخبر عن قدرته وعظمته قال : والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه ثم نزه نفسه عن أن يكون ذلك بجارحة فقال : [ ص: 248 ] سبحانه وتعالى عما يشركون وفي الترمذي عن عبد الله قال : جاء يهودي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : يا محمد إن الله يمسك السماوات على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول : أنا الملك . فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه ثم قال : وما قدروا الله حق قدره . قال : هذا حديث حسن صحيح .

وفي البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض ؟ . وفي الترمذي عن عائشة أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله : والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه قالت : قلت : فأين الناس يومئذ يا رسول الله ؟ قال : على جسر جهنم . في رواية : على الصراط يا عائشة قال : حديث حسن صحيح . وقوله : والأرض جميعا قبضته ( ويقبض الله الأرض ) عبارة عن قدرته وإحاطته بجميع مخلوقاته ، يقال : ما فلان إلا في قبضتي ، بمعنى ما فلان إلا في قدرتي ، والناس يقولون : الأشياء في قبضته ، يريدون في ملكه وقدرته . وقد يكون معنى القبض والطي إفناء الشيء وإذهابه ، فقوله - جل وعز - : والأرض جميعا قبضته يحتمل أن يكون المراد به : والأرض جميعا ذاهبة فانية يوم القيامة ، والمراد بالأرض الأرضون السبع ، يشهد لذلك شاهدان : قوله : والأرض جميعا ولأن الموضع موضع تفخيم وهو مقتض للمبالغة . وقوله : والسماوات مطويات بيمينه ليس يريد به طيا بعلاج وانتصاب ، وإنما المراد بذلك الفناء والذهاب ، يقال : قد انطوى عنا ما كنا فيه وجاءنا غيره . وانطوى عنا دهر بمعنى المضي والذهاب . واليمين في كلام العرب قد تكون بمعنى القدرة والملك ، ومنه قوله تعالى : أو ما ملكت أيمانكم يريد به الملك ، وقال : لأخذنا منه باليمين أي : بالقوة والقدرة أي : لأخذنا قوته وقدرته . قال الفراء والمبرد : اليمين القوة والقدرة . وأنشدا :

إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين

[ ص: 249 ] وقال آخر :

ولما رأيت الشمس أشرق نورها تناولت منها حاجتي بيمين قتلت شنيفا ثم فاران بعده وكان على الآيات غير أمين

وإنما خص يوم القيامة بالذكر وإن كانت قدرته شاملة لكل شيء أيضا ; لأن الدعاوى تنقطع ذلك اليوم ، كما قال : والأمر يومئذ لله وقال : مالك يوم الدين حسب ما تقدم في [ الفاتحة ] ولذلك قال في الحديث : ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض ؟ وقد زدنا هذا الباب في التذكرة بيانا ، وتكلمنا على ذكر الشمال في حديث ابن عمر قوله : ( ثم يطوي الأرض بشماله ) .

قوله تعالى : ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون بين ما يكون بعد قبض الأرض وطي السماء وهو النفخ في الصور ، وإنما هما نفختان ، يموت الخلق في الأولى منهما ويحيون في الثانية ، وقد مضى الكلام في هذا في [ النمل ] و [ الأنعام ] أيضا . والذي ينفخ في الصور هو إسرافيل عليه السلام . وقد قيل : إنه يكون معه جبريل لحديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن صاحبي الصور بأيديهما - أو في أيديهما - قرنان يلاحظان النظر متى يؤمران خرجه ابن ماجه في السنن . وفي كتاب أبي داود عن أبي سعيد الخدري قال : ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاحب الصور ، وقال : عن يمينه جبرائيل وعن يساره ميكائيل . واختلف في المستثنى من هم ؟ فقيل : هم الشهداء متقلدين أسيافهم حول العرش . روي مرفوعا من حديث أبي هريرة فيما ذكر القشيري ، ومن حديث عبد الله بن عمر فيما ذكر الثعلبي . وقيل : جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت عليهم السلام . وروي من حديث أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تلا : ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله فقالوا : يا نبي الله ، من هم الذين استثنى الله تعالى ؟ قال : هم جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت فيقول الله تعالى لملك الموت : يا ملك الموت من بقي من خلقي ؟ وهو أعلم ، فيقول : يا رب بقي [ ص: 250 ] جبريل وميكائيل وإسرافيل وعبدك الضعيف ملك الموت . فيقول الله تعالى : خذ نفس إسرافيل وميكائيل ، فيخران ميتين كالطودين العظيمين ، فيقول : مت يا ملك الموت ، فيموت فيقول الله تعالى لجبريل : يا جبريل ، من بقي ؟ فيقول : تباركت وتعاليت ذا الجلال والإكرام ، وجهك الباقي الدائم ، وجبريل الميت الفاني . فيقول الله تعالى : يا جبريل لا بد من موتك ، فيقع ساجدا يخفق بجناحيه يقول : سبحانك ربي تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن فضل خلقه على خلق ميكائيل كالطود العظيم على الظرب من الظراب ذكره الثعلبي . وذكره النحاس أيضا من حديث محمد بن إسحاق ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله - جل وعز - : فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله قال : جبريل وميكائيل وحملة العرش وملك الموت وإسرافيل وفي هذا الحديث : إن آخرهم موتا جبريل عليه وعليهم السلام وحديث أبي هريرة في الشهداء أصح على ما تقدم في [ النمل ] . وقال الضحاك : هو رضوان والحور ومالك والزبانية . وقيل : عقارب أهل النار وحياتها . وقال الحسن : هو الله الواحد القهار ، وما يدع أحدا من أهل السماء والأرض إلا أذاقه الموت . وقال قتادة : الله أعلم بثنياه . وقيل : الاستئناء في قوله : إلا من شاء الله يرجع إلى من مات قبل النفخة الأولى ، أي : فيموت من في السماوات والأرض إلا من سبق موته لأنهم كانوا قد ماتوا . وفي الصحيحين وابن ماجه واللفظ له عن أبي هريرة قال : قال رجل من اليهود بسوقي المدينة : والذي اصطفى موسى على البشر ، فرفع رجل من الأنصار يده فلطمه ، قال : تقول هذا وفينا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : قال الله - عز وجل - : ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون فأكون أول من رفع رأسه فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش ، فلا أدري أرفع رأسه قبلي أو كان ممن استثنى الله ، ومن قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب وخرجه الترمذي أيضا ، وقال فيه : حديث حسن صحيح . قال القشيري : ومن حمل الاستثناء على موسى والشهداء فهؤلاء قد ماتوا غير أنهم أحياء عند الله . فيجوز أن تكون الصعقة بزوال العقل زوال الحياة ، ويجوز أن تكون بالموت ، ولا يبعد أن يكون الموت والحياة ، فكل ذلك مما يجوزه العقل ، والأمر في وقوعه موقوف على خبر صدق .

[ ص: 251 ] قلت : جاء في بعض طرق أبي هريرة أنه - عليه السلام - قال : لا تخيروني على موسى ؛ فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق ، فإذا موسى باطش بجانب العرش فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي أم كان ممن استثنى الله خرجه مسلم . ونحوه عن أبي سعيد الخدري ، والإفاقة إنما تكون عن غشية وزوال عقل لا عن موت برد الحياة . والله أعلم .

قوله تعالى : فإذا هم قيام ينظرون أي فإذا الأموات من أهل الأرض والسماء أحياء بعثوا من قبورهم ، وأعيدت إليهم أبدانهم وأرواحهم ، فقاموا ينظرون ماذا يؤمرون . وقيل : قيام على أرجلهم ينظرون إلى البعث الذي وعدوا به . وقيل : هذا النظر بمعنى الانتظار ، أي : ينتظرون ما يفعل بهم . وأجاز الكسائي قياما بالنصب ، كما تقول : خرجت فإذا زيد جالسا .



الجامع لأحكام القرآن »
سورة الزمر »
قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة 

( ست آيات قبل يوم القيامة )

ست آيات قبل يوم القيامة
فصل ( ست آيات قبل يوم القيامة )

قال في حديث الصور : " ، ثم ينزل الله من تحت العرش ماء ، فتمطر السماء أربعين يوما ، حتى يكون الماء فوقكم اثني عشر ذراعا ، ثم يأمر الله الأجساد أن تنبت كنبات الطراثيث ، وهي صغار القثاء ، أو كنبات البقل " . وتقدم في الحديث الذي رواه أحمد ، ومسلم ، ثم يرسل مطرا كأنه الطل ، أو الظل ، فتنبت منه أجساد الناس ، ثم ينفخ فيه أخرى ، فإذا هم قيام ينظرون ، ثم يقال : يا أيها الناس هلموا إلى ربكم " . إلى آخر الحديث ، قد تقدم بطوله من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص .

وروى مسلم ، عن أبي كريب ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، وذكر الحديث ، ثم قال في الثالثة بعد قوله : " أبيت " . قال : " ثم ينزل الله من السماء ماء فتنبتون ، كما ينبت البقل " ، قال : " وليس من الإنسان شيء إلا يبلى ، إلا عظما واحدا ، وهو عجب الذنب ، ومنه يركب الخلق يوم القيامة " وقد تقدم هذا الحديث من رواية البخاري ، ومسلم ، وليس عند البخاري ما ذكرنا من هذه الزيادة ، وهي ذكر نزول الماء إلى آخره .

وقال ابن أبي الدنيا في كتاب " أهوال يوم القيامة " : حدثنا أبو عمار [ ص: 340 ] الحسين بن حريث المروزي ، أخبرنا الفضل بن موسى ، عن الحسين بن واقد ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، حدثني أبي بن كعب قال : ست آيات قبل يوم القيامة ، بينما الناس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشمس ، فبينما هم كذلك إذ وقعت الجبال على وجه الأرض ، فتحركت واضطربت واختلطت ، وفزعت الجن إلى الإنس ، والإنس إلى الجن ، واختلطت الدواب والطير والوحش ، فماجوا بعضهم في بعض ، وإذا الوحوش حشرت [ التكوير : 5 ] . قال : انطلقت ، وإذا العشار عطلت [ التكوير : 4 ] قال : أهملها أهلها ، وإذا البحار سجرت [ التكوير : 6 ] قال الجن للإنس : نحن نأتيكم بالخبر ، فانطلقوا إلى البحر ، فإذا هو نار تأجج ، فبينما هم كذلك إذ تصدعت الأرض صدعة واحدة ، إلى الأرض السابعة السفلى ، وإلى السماء السابعة العليا ، فبينما هم كذلك إذ جاءتهم ريح فأماتتهم .

وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا هارون بن عمر القرشي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن يزيد بن عطاء السكسكي ، قال : يبعث الله ريحا طيبة بعد قبض عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، وعند دنو من الساعة ، فتقبض روح كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر ، عليهم تقوم الساعة ، فبينما هم على ذلك إذ [ ص: 341 ] بعث الله على أهل الأرض الخوف ، فترجف بهم أقدامهم ومساكنهم ، فتخرج الجن ، والإنس ، والشياطين إلى سيف البحر ، فيمكثون كذلك ما شاء الله ، ثم تقول الجن والشياطين : هلم نلتمس المخرج ، فيأتون خافق المغرب ، فيجدونه قد سد وعليه الحفظة ، ثم يرجعون إلى الناس ، فبينما هم على ذلك إذ أشرفت عليهم الساعة ، ويسمعون مناديا ينادي : يا أيها الناس أتى أمر الله فلا تستعجلوه [ النحل : 1 ] ، قال : فما المرأة بأشد استماعا من الوليد في حجرها ، ثم ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ، ومن في الأرض ، إلا من شاء الله .

وقال أيضا : حدثنا هارون بن سفيان ، أخبرنا محمد بن عمر ، حدثنا معاوية بن صالح ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، عن فضالة بن عبيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وحدثنا هشام بن سعد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن ابن حجيرة ، عن عقبة بن عامر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تطلع الساعة عليكم سحابة سوداء مثل الترس من قبل المغرب ، فما تزال ترتفع وترتفع حتى [ ص: 342 ] تملأ السماء ، وينادي مناد : أيها الناس ، إن أمر الله قد أتى ، فوالذي نفسي بيده ، إن الرجلين لينشران الثوب فما يطويانه ، وإن الرجل ليلوط حوضه فما يشرب منه ، وإن الرجل ليحلب لقحته ، فما يشرب منها شيئا " .

وقال محارب بن دثار : وإن الطير يوم القيامة لتضرب بأذنابها ، وترمي بما في حواصلها من هول ما ترى ، ليس عندها طلبة . رواه ابن أبي الدنيا في " الأهوال " .

وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا الحسن بن يحيى العبدي ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا عبد الله بن بحير ، سمعت عبد الرحمن بن يزيد الصنعاني ، سمعت عبد الله بن عمر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سره أن ينظر إلي يوم القيامة رأي عين ، فليقرأ : إذا الشمس كورت ، وإذا السماء انفطرت ، وإذا السماء انشقت . ورواه أحمد ، والترمذي ، من حديث عبد الله بن بحير .

............................................
عبد الله بن عمرو بن العاص ( ع )

ابن وائل بن هاشم بن سعيد بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب . [ ص: 80 ] الإمام الحبر العابد ، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن صاحبه ، أبو محمد ، وقيل : أبو عبد الرحمن . وقيل : أبو نصير القرشي السهمي .

وأمه هي رائطة بنت الحجاج بنت منبه السهمية ، وليس أبوه أكبر منه إلا بإحدى عشرة سنة أو نحوها .

وقد أسلم قبل أبيه في ما بلغنا ، ويقال : كان اسمه العاص ، فلما أسلم ، غيره النبي - صلى الله عليه وسلم - بعبد الله .

وله مناقب وفضائل ومقام راسخ في العلم والعمل ، حمل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - علما جما .

يبلغ ما أسند سبعمائة حديث اتفقا له على سبعة أحاديث ، وانفرد البخاري بثمانية ، ومسلم بعشرين .

وكتب الكثير بإذن النبي - صلى الله عليه وسلم - وترخيصه له في الكتابة بعد كراهيته للصحابة أن يكتبوا عنه سوى القرآن وسوغ ذلك - صلى الله عليه وسلم - ثم انعقد الإجماع بعد اختلاف الصحابة - رضي الله عنهم - على الجواز والاستحباب لتقييد العلم بالكتابة . [ ص: 81 ] والظاهر أن النهي كان أولا لتتوفر هممهم على القرآن وحده ، وليمتاز القرآن بالكتابة عما سواه من السنن النبوية ، فيؤمن اللبس فلما زال المحذور واللبس ، ووضح أن القرآن لا يشتبه بكلام الناس أذن في كتابة العلم ، والله أعلم .

وقد روى عبد الله أيضا عن أبي بكر ، وعمر ، ومعاذ ، وسراقة بن مالك ، وأبيه عمرو ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأبي الدرداء ، وطائفة ، وعن أهل الكتاب ، وأدمن النظر في كتبهم ، واعتنى بذلك .

حدث عنه : ابنه محمد على نزاع في ذلك ، ورواية محمد عنه في أبي داود والترمذي والنسائي ، ومولاه أبو قابوس ، وحفيده شعيب بن محمد ، فأكثر عنه ، وخدمه ولزمه ، وتربى في حجره ، لأن أباه محمدا مات في حياة والده عبد الله ، وحدث عنه أيضا مولاه إسماعيل ، ومولاه سالم ، وأنس بن مالك ، وأبو أمامة بن سهل ، وجبير بن نفير ، وسعيد بن المسيب ، وعروة ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وزر بن حبيش ، وحميد بن عبد الرحمن بن عوف ، وخيثمة بن عبد الرحمن الجعفي ، وأبو العباس السائب بن فروخ الشاعر ، والسائب الثقفي والد عطاء ، وطاوس ، والشعبي ، وعكرمة وعطاء ، والقاسم ، ومجاهد ، ويزيد بن الشخير ، وأبو المليح بن أسامة ، [ ص: 82 ] والحسن البصري ، وأبو الجوزاء أوس الربعي ، وعيسى بن طلحة ، وابن أخيه إبراهيم بن محمد بن طلحة ، وبشر بن شغاف . وجنادة بن أبي أمية ، وربيعة بن سيف ، وريحان بن يزيد العامري ، وسالم بن أبي الجعد ، وأبو السفر سعيد بن يحمد ، وسلمان الأغر ، وشفعة السمعي ، وشفي بن ماتع ، وشهر بن حوشب ، وطلق بن حبيب ، وعبد الله بن باباه ، وعبد الله بن بريدة ، وعبد الله بن رباح الأنصاري ، وعبد الله بن صفوان بن أمية ، وابن أبي مليكة ، وعبد الله بن فيروز الديلمي ، وأبو عبد الرحمن الحبلي ، وعبد الرحمن بن جبير ، وعبد الرحمن بن حجيرة ، وعبد الرحمن بن رافع قاضي إفريقية ، وعبد الرحمن بن شماسة ، وعبد الرحمن بن عبد رب الكعبة ، وعبدة بن أبي لبابة ولم يدركه ، وعطاء بن يسار ، وعطاء العامري ، وعقبة بن أوس ، وعقبة بن مسلم ، وعمارة بن عمرو بن حزم ، وعمر بن الحكم بن رافع ، وأبو عياض عمرو بن الأسود العنسي ، وعمرو بن أوس الثقفي ، وعمرو بن حريش الزبيدي ، وعمرو بن دينار . وعمرو بن ميمون الأودي ، وعمران بن عبد المعافري ، وعيسى بن هلال الصدفي ، والقاسم بن ربيعة الغطفاني ، والقاسم بن مخيمرة ، وقزعة بن يحيى ، وكثير بن مرة ، ومحمد بن هدية الصدفي ، وأبو الخير اليزني ، ومسافع بن شيبة الحجبي ، ومسروق بن الأجدع ، وأبو يحيى مصدع ، وناعم مولى أم سلمة ، ونافع بن عاصم بن عروة بن مسعود الطائفي ، وأخوه يعقوب ، وأبو العريان الهيثم النخعي ، والوليد بن عبدة ، ووهب بن جابر الخيواني ، ووهب بن منبه ويحيى بن حكيم بن صفوان بن أمية ، ويوسف بن ماهك ، وأبو أيوب المراغي ، وأبو بردة بن أبي موسى ، وأبو حازم الأعرج ولم يلقه ، وأبو حرب بن أبي الأسود وأبو راشد الحبراني وأبو الزبير المكي وأبو زرعة بن عمرو بن حريز ، وأبو سالم الجيشاني ، وأبو فراس مولى والده عمرو ، وأبو [ ص: 83 ] قبيل المعافري ، وأبو كبشة السلولي ، وأبو كثير الزبيدي ، وأبو المليح بن أسامة ، وخلق سواهم .

قال قتادة : كان رجلا سمينا .

وروى حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن العريان بن الهيثم ، قال : وفدت مع أبي إلى يزيد ، فجاء رجل طوال ، أحمر عظيم البطن ، فجلس ، فقلت : من هذا ؟ قيل : عبد الله بن عمرو . أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا نافع بن عمر ، وعبد الجبار بن ورد ، عن ابن أبي مليكة ، قال طلحة بن عبيد الله : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : نعم أهل البيت عبد الله ، وأبو عبد الله ، وأم عبد الله .

وروى ابن لهيعة ; عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر ، مرفوعا نحوه . ابن جريج : حدثنا ابن أبي مليكة ، عن يحيى بن حكيم بن صفوان ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : جمعت القرآن ، فقرأته كله في ليلة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اقرأه في شهر . قلت : يا رسول الله ، دعني أستمتع من قوتي وشبابي . قال : اقرأه في عشرين . قلت : دعني أستمتع . قال : اقرأه في سبع ليال . قلت : دعني يا رسول الله أستمتع . قال : فأبى . [ ص: 84 ]

رواه النسائي .

وصح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نازله إلى ثلاث ليال ، ونهاه أن يقرأه في أقل من ثلاث وهذا كان في الذي نزل من القرآن ، ثم بعد هذا القول نزل ما بقي من القرآن . فأقل مراتب النهي أن تكره تلاوة القرآن كله في أقل من ثلاث ، فما فقه ولا تدبر من تلا في أقل من ذلك . ولو تلا ورتل في أسبوع ، ولازم ذلك ، لكان عملا فاضلا ، فالدين يسر ، فوالله إن ترتيل سبع القرآن في تهجد قيام الليل مع المحافظة على النوافل الراتبة ، والضحى ، وتحية المسجد ، مع الأذكار المأثورة الثابتة ، والقول عند النوم واليقظة ، ودبر المكتوبة والسحر ، مع النظر في العلم النافع والاشتغال به مخلصا لله ، مع الأمر بالمعروف ، وإرشاد الجاهل وتفهيمه ، وزجر الفاسق ، ونحو ذلك ، مع أداء الفرائض في جماعة بخشوع وطمأنينة وانكسار وإيمان ، مع أداء الواجب ، واجتناب الكبائر ، وكثرة الدعاء والاستغفار ، والصدقة وصلة الرحم ، والتواضع ، والإخلاص في جميع ذلك ، لشغل عظيم جسيم ، ولمقام أصحاب اليمين وأولياء الله المتقين ، فإن سائر ذلك مطلوب . فمتى تشاغل العابد بختمة في كل يوم ، فقد خالف الحنيفية السمحة ، ولم ينهض بأكثر ما ذكرناه ولا تدبر ما يتلوه .

هذا السيد العابد الصاحب كان يقول لما شاخ : ليتني قبلت رخصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكذلك قال له - عليه السلام - في الصوم ، وما زال يناقصه [ ص: 85 ] حتى قال له : صم يوما وأفطر يوما ، صوم أخي داود عليه السلام .

وثبت أنه قال : أفضل الصيام صيام داود ونهى - عليه السلام - عن صيام الدهر وأمر - عليه السلام - بنوم قسط من الليل ، وقال : لكني أقوم وأنام ، وأصوم وأفطر ، وأتزوج النساء ، وآكل اللحم ، فمن رغب عن سنتي فليس مني .

وكل من لم يذم نفسه في تعبده وأوراده بالسنة النبوية ، يندم ويترهب ويسوء مزاجه ، ويفوته خير كثير من متابعة سنة نبيه الرءوف الرحيم بالمؤمنين ، الحريص على نفعهم ، وما زال - صلى الله عليه وسلم - معلما للأمة أفضل الأعمال ، وآمرا بهجر التبتل والرهبانية التي لم يبعث بها ، فنهى عن سرد الصوم ، ونهى عن الوصال ، وعن قيام أكثر الليل إلا في العشر الأخير ، ونهى عن العزبة للمستطيع ، ونهى عن ترك اللحم إلى غير ذلك من الأوامر [ ص: 86 ] والنواهي . فالعابد بلا معرفة لكثير من ذلك معذور مأجور ، والعابد العالم بالآثار المحمدية . المتجاوز لها مفضول مغرور ، وأحب الأعمال إلى الله - تعالى - أدومها وإن قل . ألهمنا الله وإياكم حسن المتابعة ، وجنبنا الهوى والمخالفة .

قال أحمد في مسنده : حدثنا قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن واهب بن عبد الله المعافري ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : رأيت فيما يرى النائم كأن في أحد أصبعي سمنا ، وفي الأخرى عسلا ، فأنا ألعقهما ، فلما أصبحت ، ذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : تقرأ الكتابين ; التوراة والفرقان . فكان يقرأهما . ابن لهيعة ضعيف الحديث ، وهذا خبر منكر ، ولا يشرع لأحد بعد نزول القرآن أن يقرأ التوراة ولا أن يحفظها ، لكونها مبدلة محرفة منسوخة العمل ، قد اختلط فيها الحق بالباطل ، فلتجتنب . فأما النظر فيها للاعتبار وللرد على اليهود ، فلا بأس بذلك للرجل العالم قليلا ، والإعراض أولى .

فأما ما روي من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لعبد الله أن يقوم بالقرآن ليلة وبالتوراة ليلة ، فكذب موضوع قبح الله من افتراه . وقيل : بل عبد الله هنا هو ابن [ ص: 87 ] سلام . وقيل : إذنه في القيام بها أي يكرر على الماضي لا أن يقرأ بها في تهجده . كامل بن طلحة : حدثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن عمرو ، عن شفي ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : حفظت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألف مثل . يحيى بن أيوب ، عن أبي قبيل ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : كنا عند رسول الله نكتب ما يقول .

هذا حديث حسن غريب رواه سعيد بن عفير عنه .

وهو دال على أن الصحابة كتبوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض أقواله ، وهذا علي - رضي الله عنه - كتب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث في صحيفة صغيرة ، قرنها بسيفه وقال - عليه السلام - : اكتبوا لأبي شاة وكتبوا عنه كتاب [ ص: 88 ] الديات ، وفرائض الصدقة وغير ذلك . ابن إسحاق : عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قلت : يا رسول الله ! أكتب ما أسمع منك ؟ قال : نعم . قلت : في الرضا والغضب ؟ قال : نعم ، فإني لا أقول إلا حقا . يحيى بن سعيد القطان ، وهو في المسند عنه ، عن عبيد الله بن [ ص: 89 ] الأخنس ، عن الوليد بن عبد الله ، عن يوسف بن ماهك ; عن عبد الله بن عمرو نحوه .

وقد روي عن عقيل بن خالد وغيره عن عمرو بن شعيب نحوه . وثبت عن عمرو بن دينار ، عن وهب بن منبه ، عن أخيه همام ، سمع أبا هريرة يقول : لم يكن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر حديثا مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو ، فإنه كان يكتب ولا أكتب .

وهو في صحيفة معمر عن همام .

ويرويه ابن إسحاق ; عن عمرو بن شعيب ، عن مجاهد وآخر ، عن أبي هريرة ، مثله . أبو النضر هاشم بن القاسم ، وسعدويه ، قالا : حدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة ، عن مجاهد ، قال : دخلت على عبد الله بن عمرو ، فتناولت صحيفة تحت رأسه ، فتمنع علي . فقلت : تمنعني شيئا من كتبك ؟ فقال : إن هذه الصحيفة الصادقة التي سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس بيني وبينه أحد ، فإذا سلم لي كتاب الله وهذه الصحيفة والوهط ، لم أبال ما ضيعت الدنيا . الوهط : بستان عظيم بالطائف ، غرم مرة على عروشه ألف ألف درهم . [ ص: 90 ] قتيبة : حدثنا الليث ، وآخر ، عن عياش بن عباس ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، سمعت عبد الله بن عمرو يقول : لأن أكون عاشر عشرة مساكين يوم القيامة أحب إلي من أن أكون عاشر عشرة أغنياء ، فإن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة ، إلا من قال هكذا وهكذا ، يقول : يتصدق يمينا وشمالا . هشيم : عن مغيرة وحصين ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : زوجني أبي امرأة من قريش ، فلما دخلت علي ، جعلت لا أنحاش لها مما بي من القوة على العبادة ، فجاء أبي إلى كنته ، فقال : كيف وجدت بعلك ؟ قالت : خير رجل من رجل لم يفتش لها كنفا ، ولم يقرب لها فراشا ، قال : فأقبل علي ، وعضني بلسانه ، ثم قال : أنكحتك امرأة ذات حسب ، فعضلتها وفعلت ، ثم انطلق ، فشكاني إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فطلبني ، فأتيته ، فقال لي : أتصوم النهار وتقوم الليل؟ قلت : نعم . قال : لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأنام ، وأمس النساء . فمن رغب عن سنتي فليس مني .

قلت : ورث عبد الله من أبيه قناطير مقنطرة من الذهب المصري ، فكان من ملوك الصحابة . [ ص: 91 ] الأسود بن عامر : حدثنا شعبة ; عن يعلى بن عطاء ، عن أبيه ، قال : كنت أصنع الكحل لعبد الله بن عمرو ، وكان يطفئ السراج بالليل ، ثم يبكي حتى رسعت عيناه . محمد بن عمرو : عن أبي سلمة : عن عبد الله بن عمرو ، قال : دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيتي هذا ، فقال : يا عبد الله ! ألم أخبر أنك تكلفت قيام الليل وصيام النهار ؟ قلت : إني لأفعل . فقال : إن من حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، فالحسنة بعشر أمثالها ، فكأنك قد صمت الدهر كله . قلت : يا رسول الله ، إني أجد قوة ، وإني أحب أن تزيدني . فقال : فخمسة أيام قلت : إني أجد قوة . قال : سبعة أيام ، فجعل يستزيده ، ويزيده حتى بلغ النصف . وأن يصوم نصف الدهر : ( إن لأهلك عليك حقا ، وإن لعبدك عليك حقا ) وإن لضيفك عليك حقا فكان بعد ما كبر وأسن يقول : ألا كنت قبلت رخصة النبي - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي من أهلي ومالي .

وهذا الحديث له طرق مشهورة .

وقد أسلم عبد الله ، وهاجر بعد سنة سبع ، وشهد بعض المغازي .

قال أبو عبيد : كان على ميمنة جيش معاوية يوم صفين .

وذكره خليفة بن خياط في تسمية عمال معاوية على الكوفة . قال : ثم [ ص: 92 ] عزله وولى المغيرة بن شعبة .

وفي " مسند أحمد " : حدثنا يزيد ، أنبأنا العوام ، حدثني أسود بن مسعود ، عن حنظلة بن خويلد العنبري ، قال : بينما أنا عند معاوية ، إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمار - رضي الله عنه - فقال كل واحد منهما : أنا قتلته . فقال عبد الله بن عمرو : ليطب به أحدكما نفسا لصاحبه ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : تقتله الفئة الباغية . فقال معاوية : يا عمرو ! ألا تغني عنا مجنونك ، فما بالك معنا ؟ قال : إن أبي شكاني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : أطع أباك ما دام حيا . فأنا معكم ، ولست أقاتل .

وروى نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، قال : قال عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - : ما لي ولصفين ، ما لي ولقتال المسلمين ، لوددت أني مت قبلها بعشرين سنة - أو قال بعشر سنين - أما والله على ذلك ما ضربت بسيف ، ولا رميت بسهم . وذكر أنه كانت الراية بيده . يزيد بن هارون : حدثنا عبد الملك بن قدامة ، حدثني عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أن أباه عمرا قال له يوم صفين : اخرج فقاتل . قال : يا أبه ! كيف تأمرني أخرج فأقاتل ، وقد سمعت من عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلي ما سمعت ؟! فقال : نشدتك بالله ! أتعلم أن آخر ما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليك أن أخذ بيدك ، فوضعها في يدي ، فقال : أطع عمرو بن العاص ما دام حيا . قال : نعم . قال : فإني آمرك أن تقاتل . [ ص: 93 ] عبد الملك ضعف . عفان : حدثنا همام ، حدثنا قتادة ، عن ابن بريدة ، عن سليمان بن الربيع قال : انطلقت في رهط من نساك أهل البصرة إلى مكة ، فقلنا : لو نظرنا رجلا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدللنا على عبد الله بن عمرو ، فأتينا منزله ، فإذا قريب من ثلاثمائة راحلة . فقلنا : على كل هؤلاء حج عبد الله بن عمرو ؟ قالوا : نعم . هو ومواليه وأحباؤه . قال : فانطلقنا إلى البيت ، فإذا نحن برجل أبيض الرأس واللحية ، بين بردين قطريين ، عليه عمامة وليس عليه قميص .

رواه حسين المعلم ، عن ابن بريدة ، فقال : عن سلمان بن ربيعة الغنوي أنه حج زمن معاوية في عصابة من القراء ، فحدثنا أن عبد الله في أسفل مكة . فعمدنا إليه ، فإذا نحن بثقل عظيم يرتحلون ثلاثمائة راحلة ، منها مائة راحلة ومائتا زاملة وكنا نحدث أنه أشد الناس تواضعا . فقلنا : ما هذا ؟ قالوا : لإخوانه يحملهم عليها ولمن ينزل عليه ، فعجبنا ، فقالوا : إنه رجل غني . ودلونا عليه أنه في المسجد الحرام ، فأتيناه ، فإذا هو رجل قصير أرمص بين بردين وعمامة ، قد علق نعليه في شماله . [ ص: 94 ] مسلم الزنجي : عن ابن خثيم ، عن عبيد بن سعيد : أنه دخل مع عبد الله بن عمرو المسجد الحرام ، والكعبة محترقة حين أدبر جيش حصين بن نمير ، والكعبة تتناثر حجارتها . فوقف وبكى حتى إني لأنظر إلى دموعه تسيل على وجنتيه . فقال : أيها الناس ! والله لو أن أبا هريرة أخبركم أنكم قاتلو ابن نبيكم ، ومحرقو بيت ربكم ، لقلتم : ما أحد أكذب من أبي هريرة . فقد فعلتم ، فانتظروا نقمة الله فليلبسنكم شيعا ، ويذيق بعضكم بأس بعض . شعبة : عن يعلى بن عطاء ، عن أمه ; أنها كانت تصنع الكحل لعبد الله بن عمرو . وكان يكثر من البكاء يغلق عليه بابه ، ويبكي حتى رمصت عيناه .

قال أحمد بن حنبل : مات عبد الله ليالي الحرة سنة ثلاث وستين .

وقال يحيى بن بكير : توفي عبد الله بن عمرو بمصر ، ودفن بداره الصغيرة سنة خمس وستين وكذا قال في تاريخ موته : خليفة ، وأبو عبيد ، والواقدي ، والفلاس وغيرهم .

وقال خليفة : مات بالطائف ، ويقال : بمكة .

وقال ابن البرقي أبو بكر : فأما ولده فيقولون : مات بالشام . 
عرض في كتاب سير أعلام النبلاء

فصل الله يقبض يوم القيامة الأرضين وتكون السماوات بيمينه

فصل الله يقبض يوم القيامة الأرضين وتكون السماوات بيمينه 
فصل ( الله يقبض يوم القيامة الأرضين وتكون السماوات بيمينه )

قال في حديث الصور : " فإذا لم يبق إلا الله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يلد ، ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، كان آخرا كما كان أولا ، طوى السماوات والأرض كطي السجل للكتاب ، ثم دحاهما ، ثم تلقفهما ثلاث مرات ، وقال : أنا الجبار . ثلاثا ، ثم ينادي : لمن الملك اليوم ؟ ثلاث مرات ، فلا يجيبه أحد ، ثم يقول تعالى مجيبا لنفسه : لله الواحد القهار " .

وقد قال تعالى : وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون [ الزمر : 67 ] . وقال تعالى : يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين . وقال تعالى : لينذر يوم التلاق يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار [ ص: 337 ] [ غافر : 15 ، 16 ] .

وثبت في " الصحيحين " من حديث أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يقبض الله تعالى الأرض ، ويطوي السماء بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك ، أنا الجبار ، أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون " .

وفيهما عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يقبض يوم القيامة الأرضين ، وتكون السماوات بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك " .

وفي " مسند أحمد " ، و " صحيح مسلم " ، من حديث عبيد الله بن مقسم ، عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر : وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون [ الزمر : 67 ] . ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هكذا بيده ، ويحركها ، يقبل بها ويدبر " يمجد الرب نفسه : أنا الجبار ، أنا المتكبر ، أنا الملك ، أنا العزيز ، أنا الكريم " فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر ، حتى قلنا : ليخرن به . وهذا لفظ أحمد ، وقد ذكرنا الأحاديث المتعلقة [ ص: 338 ] بهذا المقام عند تفسير هذه الآية من كتابنا " التفسير " بأسانيدها وألفاظها ، بما فيه كفاية ، ولله الحمد .

قال في حديث الصور : " ويبدل الله الأرض غير الأرض فيبسطها ، ويسطحها ، ويمدها مد الأديم العكاظي ، إلى آخر الكلام ، كما تقدم ، قال تعالى : يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات [ إبراهيم : 48 ] " الآية .

وفي " صحيح مسلم " عن عائشة قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أين يكون الناس يوم تبدل الأرض والسماوات؟ فقال : " هم في الظلمة دون الجسر " .

وقد يكون المراد بذلك تبديلا آخر غير هذا المذكور في هذا الحديث ، وهو أن تبدل معالم الأرض فيما بين النفختين; نفخة الصعق ، ونفخة البعث ، فتسير الجبال وتمد الأرض ، ويبقى الجميع صعيدا واحدا ، لا اعوجاج فيه ولا روابي ولا أودية ، كما قال تعالى : ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا [ طه : 105 - 107 ] . أي لا انخفاض فيها ولا ارتفاع . وقال تعالى : وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون [ النمل : 88 ] وقال تعالى : وسيرت الجبال فكانت سرابا [ النبإ : 20 ] . وقال تعالى : وتكون الجبال كالعهن المنفوش [ القارعة : 5 ] . وقال تعالى : [ ص: 339 ] وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة [ الحاقة : 14 ] . وقال تعالى : ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا [ الكهف : 47 ] الآيات .

......................................
قوله تعالى : وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون .

قوله تعالى : وما قدروا الله حق قدره قال المبرد : ما عظموه حق عظمته . من قولك : فلان عظيم القدر . قال النحاس : والمعنى على هذا : وما عظموه حق عظمته إذا عبدوا معه غيره ، وهو خالق الأشياء ومالكها . ثم أخبر عن قدرته وعظمته قال : والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه ثم نزه نفسه عن أن يكون ذلك بجارحة فقال : [ ص: 248 ] سبحانه وتعالى عما يشركون وفي الترمذي عن عبد الله قال : جاء يهودي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : يا محمد إن الله يمسك السماوات على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول : أنا الملك . فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه ثم قال : وما قدروا الله حق قدره . قال : هذا حديث حسن صحيح .

وفي البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض ؟ . وفي الترمذي عن عائشة أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله : والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه قالت : قلت : فأين الناس يومئذ يا رسول الله ؟ قال : على جسر جهنم . في رواية : على الصراط يا عائشة قال : حديث حسن صحيح . وقوله : والأرض جميعا قبضته ( ويقبض الله الأرض ) عبارة عن قدرته وإحاطته بجميع مخلوقاته ، يقال : ما فلان إلا في قبضتي ، بمعنى ما فلان إلا في قدرتي ، والناس يقولون : الأشياء في قبضته ، يريدون في ملكه وقدرته . وقد يكون معنى القبض والطي إفناء الشيء وإذهابه ، فقوله - جل وعز - : والأرض جميعا قبضته يحتمل أن يكون المراد به : والأرض جميعا ذاهبة فانية يوم القيامة ، والمراد بالأرض الأرضون السبع ، يشهد لذلك شاهدان : قوله : والأرض جميعا ولأن الموضع موضع تفخيم وهو مقتض للمبالغة . وقوله : والسماوات مطويات بيمينه ليس يريد به طيا بعلاج وانتصاب ، وإنما المراد بذلك الفناء والذهاب ، يقال : قد انطوى عنا ما كنا فيه وجاءنا غيره . وانطوى عنا دهر بمعنى المضي والذهاب . واليمين في كلام العرب قد تكون بمعنى القدرة والملك ، ومنه قوله تعالى : أو ما ملكت أيمانكم يريد به الملك ، وقال : لأخذنا منه باليمين أي : بالقوة والقدرة أي : لأخذنا قوته وقدرته . قال الفراء والمبرد : اليمين القوة والقدرة . وأنشدا :

إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين

[ ص: 249 ] وقال آخر :

ولما رأيت الشمس أشرق نورها تناولت منها حاجتي بيمين قتلت شنيفا ثم فاران بعده وكان على الآيات غير أمين

وإنما خص يوم القيامة بالذكر وإن كانت قدرته شاملة لكل شيء أيضا ; لأن الدعاوى تنقطع ذلك اليوم ، كما قال : والأمر يومئذ لله وقال : مالك يوم الدين حسب ما تقدم في [ الفاتحة ] ولذلك قال في الحديث : ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض ؟ وقد زدنا هذا الباب في التذكرة بيانا ، وتكلمنا على ذكر الشمال في حديث ابن عمر قوله : ( ثم يطوي الأرض بشماله ) .

قوله تعالى : ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون بين ما يكون بعد قبض الأرض وطي السماء وهو النفخ في الصور ، وإنما هما نفختان ، يموت الخلق في الأولى منهما ويحيون في الثانية ، وقد مضى الكلام في هذا في [ النمل ] و [ الأنعام ] أيضا . والذي ينفخ في الصور هو إسرافيل عليه السلام . وقد قيل : إنه يكون معه جبريل لحديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن صاحبي الصور بأيديهما - أو في أيديهما - قرنان يلاحظان النظر متى يؤمران خرجه ابن ماجه في السنن . وفي كتاب أبي داود عن أبي سعيد الخدري قال : ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاحب الصور ، وقال : عن يمينه جبرائيل وعن يساره ميكائيل . واختلف في المستثنى من هم ؟ فقيل : هم الشهداء متقلدين أسيافهم حول العرش . روي مرفوعا من حديث أبي هريرة فيما ذكر القشيري ، ومن حديث عبد الله بن عمر فيما ذكر الثعلبي . وقيل : جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت عليهم السلام . وروي من حديث أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تلا : ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله فقالوا : يا نبي الله ، من هم الذين استثنى الله تعالى ؟ قال : هم جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت فيقول الله تعالى لملك الموت : يا ملك الموت من بقي من خلقي ؟ وهو أعلم ، فيقول : يا رب بقي [ ص: 250 ] جبريل وميكائيل وإسرافيل وعبدك الضعيف ملك الموت . فيقول الله تعالى : خذ نفس إسرافيل وميكائيل ، فيخران ميتين كالطودين العظيمين ، فيقول : مت يا ملك الموت ، فيموت فيقول الله تعالى لجبريل : يا جبريل ، من بقي ؟ فيقول : تباركت وتعاليت ذا الجلال والإكرام ، وجهك الباقي الدائم ، وجبريل الميت الفاني . فيقول الله تعالى : يا جبريل لا بد من موتك ، فيقع ساجدا يخفق بجناحيه يقول : سبحانك ربي تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن فضل خلقه على خلق ميكائيل كالطود العظيم على الظرب من الظراب ذكره الثعلبي . وذكره النحاس أيضا من حديث محمد بن إسحاق ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله - جل وعز - : فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله قال : جبريل وميكائيل وحملة العرش وملك الموت وإسرافيل وفي هذا الحديث : إن آخرهم موتا جبريل عليه وعليهم السلام وحديث أبي هريرة في الشهداء أصح على ما تقدم في [ النمل ] . وقال الضحاك : هو رضوان والحور ومالك والزبانية . وقيل : عقارب أهل النار وحياتها . وقال الحسن : هو الله الواحد القهار ، وما يدع أحدا من أهل السماء والأرض إلا أذاقه الموت . وقال قتادة : الله أعلم بثنياه . وقيل : الاستئناء في قوله : إلا من شاء الله يرجع إلى من مات قبل النفخة الأولى ، أي : فيموت من في السماوات والأرض إلا من سبق موته لأنهم كانوا قد ماتوا . وفي الصحيحين وابن ماجه واللفظ له عن أبي هريرة قال : قال رجل من اليهود بسوقي المدينة : والذي اصطفى موسى على البشر ، فرفع رجل من الأنصار يده فلطمه ، قال : تقول هذا وفينا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : قال الله - عز وجل - : ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون فأكون أول من رفع رأسه فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش ، فلا أدري أرفع رأسه قبلي أو كان ممن استثنى الله ، ومن قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب وخرجه الترمذي أيضا ، وقال فيه : حديث حسن صحيح . قال القشيري : ومن حمل الاستثناء على موسى والشهداء فهؤلاء قد ماتوا غير أنهم أحياء عند الله . فيجوز أن تكون الصعقة بزوال العقل زوال الحياة ، ويجوز أن تكون بالموت ، ولا يبعد أن يكون الموت والحياة ، فكل ذلك مما يجوزه العقل ، والأمر في وقوعه موقوف على خبر صدق .

[ ص: 251 ] قلت : جاء في بعض طرق أبي هريرة أنه - عليه السلام - قال : لا تخيروني على موسى ؛ فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق ، فإذا موسى باطش بجانب العرش فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي أم كان ممن استثنى الله خرجه مسلم . ونحوه عن أبي سعيد الخدري ، والإفاقة إنما تكون عن غشية وزوال عقل لا عن موت برد الحياة . والله أعلم .

قوله تعالى : فإذا هم قيام ينظرون أي فإذا الأموات من أهل الأرض والسماء أحياء بعثوا من قبورهم ، وأعيدت إليهم أبدانهم وأرواحهم ، فقاموا ينظرون ماذا يؤمرون . وقيل : قيام على أرجلهم ينظرون إلى البعث الذي وعدوا به . وقيل : هذا النظر بمعنى الانتظار ، أي : ينتظرون ما يفعل بهم . وأجاز الكسائي قياما بالنصب ، كما تقول : خرجت فإذا زيد جالسا .



الجامع لأحكام القرآن »
سورة الزمر »
قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة 

نفخة الصعق

نفخة الصعق

يموت بسببها جميع الموجودين من أهل السماوات والأرض ، من الإنس والجن والملائكة; إلا من شاء الله ، فقيل : هم حملة العرش ، وجبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وملك الموت . وقيل : هم الشهداء . وقيل غير ذلك .

قال تعالى : ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون [ الزمر : 68 ] . وقال تعالى : فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة إلى قوله : يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية [ الحاقة : 13 - 18 ] .

[ ص: 335 ] وتقدم في حديث الصور : أن الله تعالى يأمر إسرافيل فيقول له : " انفخ نفخة الصعق . فينفخ ، فيصعق من في السماوات والأرض إلا من شاء الله ، فيقول الله تعالى لملك الموت ، وهو أعلم بمن بقي : فمن بقي؟ فيقول : بقيت أنت ، الحي الذي لا يموت ، وبقيت حملة عرشك ، وبقي جبريل ، وميكائيل " . فيأمره الله بقبض روح جبريل ، وميكائيل ، ثم يأمره بقبض أرواح حملة العرش ، ثم يأمره أن يموت ، وهو آخر من يموت من الخلائق .

وقد تقدم ما رواه ابن أبي الدنيا من طريق إسماعيل بن رافع ، عن محمد بن كعب ، من قوله فيما بلغه ، وعنه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أن الله تعالى يقول لملك الموت : " أنت خلق من خلقي ، خلقتك لما رأيت ، فمت ، ثم لا تحيا " . وقال محمد بن كعب فيما بلغه ، فيقول له : " مت موتا لا تحيا بعده أبدا ، فيصرخ عند ذلك صرخة لو سمعها أهل السماوات والأرض لماتوا فزعا " . قال الحافظ أبو موسى المديني : لم يتابع إسماعيل بن رافع على هذه اللفظة ، ولم يقلها أكثر الرواة .

قلت : وقد قال بعضهم في معنى هذا : " مت موتا لا تحيا بعده أبدا " . يعني : لا تكون بعد هذا ملك موت أبدا ، لأنه لا موت بعد هذا اليوم ، كما ثبت في " الصحيح " : " يؤتى بالموت يوم القيامة في صورة كبش أملح ، [ ص: 336 ] فيذبح بين الجنة والنار ، ثم يقال : يا أهل الجنة ، خلود ولا موت ، ويا أهل النار ، خلود ولا موت " .

فملك الموت وإن حيي بعد ذلك لا يكون ملك موت بعدها أبدا ، والله أعلم ، بل ينشئه الله خلقا آخر غير ذلك كالملائكة . وبتقدير صحة هذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم فظاهر ذلك أنه لا يحيا بعد موته أبدا ، فيكون التأويل المتقدم بعيد الصحة ، والله أعلم بالصواب .




التالي السابق



تفسير الأية
ترجمة العلم
عناوين الشجرة
تخريج الحديث تَشكيِل النص









قوله تعالى : وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون .

قوله تعالى : وما قدروا الله حق قدره قال المبرد : ما عظموه حق عظمته . من قولك : فلان عظيم القدر . قال النحاس : والمعنى على هذا : وما عظموه حق عظمته إذا عبدوا معه غيره ، وهو خالق الأشياء ومالكها . ثم أخبر عن قدرته وعظمته قال : والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه ثم نزه نفسه عن أن يكون ذلك بجارحة فقال : [ ص: 248 ] سبحانه وتعالى عما يشركون وفي الترمذي عن عبد الله قال : جاء يهودي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : يا محمد إن الله يمسك السماوات على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول : أنا الملك . فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه ثم قال : وما قدروا الله حق قدره . قال : هذا حديث حسن صحيح .

وفي البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض ؟ . وفي الترمذي عن عائشة أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله : والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه قالت : قلت : فأين الناس يومئذ يا رسول الله ؟ قال : على جسر جهنم . في رواية : على الصراط يا عائشة قال : حديث حسن صحيح . وقوله : والأرض جميعا قبضته ( ويقبض الله الأرض ) عبارة عن قدرته وإحاطته بجميع مخلوقاته ، يقال : ما فلان إلا في قبضتي ، بمعنى ما فلان إلا في قدرتي ، والناس يقولون : الأشياء في قبضته ، يريدون في ملكه وقدرته . وقد يكون معنى القبض والطي إفناء الشيء وإذهابه ، فقوله - جل وعز - : والأرض جميعا قبضته يحتمل أن يكون المراد به : والأرض جميعا ذاهبة فانية يوم القيامة ، والمراد بالأرض الأرضون السبع ، يشهد لذلك شاهدان : قوله : والأرض جميعا ولأن الموضع موضع تفخيم وهو مقتض للمبالغة . وقوله : والسماوات مطويات بيمينه ليس يريد به طيا بعلاج وانتصاب ، وإنما المراد بذلك الفناء والذهاب ، يقال : قد انطوى عنا ما كنا فيه وجاءنا غيره . وانطوى عنا دهر بمعنى المضي والذهاب . واليمين في كلام العرب قد تكون بمعنى القدرة والملك ، ومنه قوله تعالى : أو ما ملكت أيمانكم يريد به الملك ، وقال : لأخذنا منه باليمين أي : بالقوة والقدرة أي : لأخذنا قوته وقدرته . قال الفراء والمبرد : اليمين القوة والقدرة . وأنشدا :

إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين

[ ص: 249 ] وقال آخر :

ولما رأيت الشمس أشرق نورها تناولت منها حاجتي بيمين قتلت شنيفا ثم فاران بعده وكان على الآيات غير أمين

وإنما خص يوم القيامة بالذكر وإن كانت قدرته شاملة لكل شيء أيضا ; لأن الدعاوى تنقطع ذلك اليوم ، كما قال : والأمر يومئذ لله وقال : مالك يوم الدين حسب ما تقدم في [ الفاتحة ] ولذلك قال في الحديث : ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض ؟ وقد زدنا هذا الباب في التذكرة بيانا ، وتكلمنا على ذكر الشمال في حديث ابن عمر قوله : ( ثم يطوي الأرض بشماله ) .

قوله تعالى : ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون بين ما يكون بعد قبض الأرض وطي السماء وهو النفخ في الصور ، وإنما هما نفختان ، يموت الخلق في الأولى منهما ويحيون في الثانية ، وقد مضى الكلام في هذا في [ النمل ] و [ الأنعام ] أيضا . والذي ينفخ في الصور هو إسرافيل عليه السلام . وقد قيل : إنه يكون معه جبريل لحديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن صاحبي الصور بأيديهما - أو في أيديهما - قرنان يلاحظان النظر متى يؤمران خرجه ابن ماجه في السنن . وفي كتاب أبي داود عن أبي سعيد الخدري قال : ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاحب الصور ، وقال : عن يمينه جبرائيل وعن يساره ميكائيل . واختلف في المستثنى من هم ؟ فقيل : هم الشهداء متقلدين أسيافهم حول العرش . روي مرفوعا من حديث أبي هريرة فيما ذكر القشيري ، ومن حديث عبد الله بن عمر فيما ذكر الثعلبي . وقيل : جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت عليهم السلام . وروي من حديث أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تلا : ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله فقالوا : يا نبي الله ، من هم الذين استثنى الله تعالى ؟ قال : هم جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت فيقول الله تعالى لملك الموت : يا ملك الموت من بقي من خلقي ؟ وهو أعلم ، فيقول : يا رب بقي [ ص: 250 ] جبريل وميكائيل وإسرافيل وعبدك الضعيف ملك الموت . فيقول الله تعالى : خذ نفس إسرافيل وميكائيل ، فيخران ميتين كالطودين العظيمين ، فيقول : مت يا ملك الموت ، فيموت فيقول الله تعالى لجبريل : يا جبريل ، من بقي ؟ فيقول : تباركت وتعاليت ذا الجلال والإكرام ، وجهك الباقي الدائم ، وجبريل الميت الفاني . فيقول الله تعالى : يا جبريل لا بد من موتك ، فيقع ساجدا يخفق بجناحيه يقول : سبحانك ربي تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن فضل خلقه على خلق ميكائيل كالطود العظيم على الظرب من الظراب ذكره الثعلبي . وذكره النحاس أيضا من حديث محمد بن إسحاق ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله - جل وعز - : فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله قال : جبريل وميكائيل وحملة العرش وملك الموت وإسرافيل وفي هذا الحديث : إن آخرهم موتا جبريل عليه وعليهم السلام وحديث أبي هريرة في الشهداء أصح على ما تقدم في [ النمل ] . وقال الضحاك : هو رضوان والحور ومالك والزبانية . وقيل : عقارب أهل النار وحياتها . وقال الحسن : هو الله الواحد القهار ، وما يدع أحدا من أهل السماء والأرض إلا أذاقه الموت . وقال قتادة : الله أعلم بثنياه . وقيل : الاستئناء في قوله : إلا من شاء الله يرجع إلى من مات قبل النفخة الأولى ، أي : فيموت من في السماوات والأرض إلا من سبق موته لأنهم كانوا قد ماتوا . وفي الصحيحين وابن ماجه واللفظ له عن أبي هريرة قال : قال رجل من اليهود بسوقي المدينة : والذي اصطفى موسى على البشر ، فرفع رجل من الأنصار يده فلطمه ، قال : تقول هذا وفينا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : قال الله - عز وجل - : ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون فأكون أول من رفع رأسه فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش ، فلا أدري أرفع رأسه قبلي أو كان ممن استثنى الله ، ومن قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب وخرجه الترمذي أيضا ، وقال فيه : حديث حسن صحيح . قال القشيري : ومن حمل الاستثناء على موسى والشهداء فهؤلاء قد ماتوا غير أنهم أحياء عند الله . فيجوز أن تكون الصعقة بزوال العقل زوال الحياة ، ويجوز أن تكون بالموت ، ولا يبعد أن يكون الموت والحياة ، فكل ذلك مما يجوزه العقل ، والأمر في وقوعه موقوف على خبر صدق .

[ ص: 251 ] قلت : جاء في بعض طرق أبي هريرة أنه - عليه السلام - قال : لا تخيروني على موسى ؛ فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق ، فإذا موسى باطش بجانب العرش فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي أم كان ممن استثنى الله خرجه مسلم . ونحوه عن أبي سعيد الخدري ، والإفاقة إنما تكون عن غشية وزوال عقل لا عن موت برد الحياة . والله أعلم .

قوله تعالى : فإذا هم قيام ينظرون أي فإذا الأموات من أهل الأرض والسماء أحياء بعثوا من قبورهم ، وأعيدت إليهم أبدانهم وأرواحهم ، فقاموا ينظرون ماذا يؤمرون . وقيل : قيام على أرجلهم ينظرون إلى البعث الذي وعدوا به . وقيل : هذا النظر بمعنى الانتظار ، أي : ينتظرون ما يفعل بهم . وأجاز الكسائي قياما بالنصب ، كما تقول : خرجت فإذا زيد جالسا .



الجامع لأحكام القرآن »
سورة الزمر »
قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة 

ذكر أمر هذه النار ، وحشرها الناس إلى أرض الشام

ذكر أمر هذه النار وحشرها الناس إلى أرض الشام 

ثبت في " الصحيحين " من حديث وهيب ، عن عبد الله بن طاوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يحشر الناس على ثلاث طرائق : راغبين وراهبين . واثنان على بعير ، وثلاثة على بعير . وأربعة على بعير ، وعشرة على بعير . وتحشر بقيتهم النار ، تقيل معهم حيث قالوا ، وتبيت معهم حيث باتوا ، وتصبح معهم حيث أصبحوا ، وتمسي معهم حيث أمسوا " .

وروى أحمد ، عن عفان ، عن حماد ، عن ثابت ، عن أنس ، أن عبد الله بن سلام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول أشراط الساعة ; فقال : " نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب " . الحديث بطوله ، وهو في " الصحيح " .

وروى الإمام أحمد ، عن حسن ، وعفان ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أوس بن خالد ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف; صنف مشاة ، وصنف ركبان ، وصنف على وجوههم " . قالوا : يا رسول الله ، وكيف يمشون على وجوههم؟ قال : " إن [ ص: 329 ] الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم ، أما إنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك " .

وقد رواه أبو داود الطيالسي في " مسنده " ، عن حماد بن سلمة ، بنحو من هذا السياق .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنها ستكون هجرة بعد هجرة ، ينحاز الناس إلى مهاجر إبراهيم ، لا يبقى في الأرض إلا شرار أهلها ، تلفظهم أرضوهم ، وتقذرهم نفس الرحمن عز وجل ، تحشرهم النار مع القردة والخنازير ، تبيت معهم إذا باتوا ، وتقيل معهم إذا قالوا ، وتأكل من تخلف " . وروى الطبراني من حديث المهلب بن أبي صفرة ، عن عبد الله بن عمرو ، بنحوه .

وقال الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه " البعث والنشور " : أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي ببغداد ، حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير القرشي ، حدثنا الحسن بن علي بن عفان ، حدثنا زيد بن [ ص: 330 ] الحباب ، أخبرني الوليد بن جميع القرشي ( ح ) .

وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ، حدثنا سعيد بن مسعود ، حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأ الوليد بن عبد الله بن جميع ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، عن أبي سريحة حذيفة بن أسيد الغفاري : سمعت أبا ذر الغفاري رضي الله عنه ، وتلا هذه الآية : ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما [ الإسراء : 97 ] . فقال أبو ذر : حدثني الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن الناس يحشرون يوم القيامة على ثلاثة أفواج ، فوج طاعمين كاسين راكبين ، وفوج يمشون ويسعون ، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم . قلنا : قد عرفنا هذين ، فما بال الذين يمشون ويسعون؟ قال : " يلقي الله الآفة على الظهر حتى لا يبقى ذات ظهر ، حتى إن الرجل ليعطي الحديقة المعجبة بالشارف ذات القتب " . لفظ الحاكم .

وهكذا رواه الإمام أحمد ، عن يزيد بن هارون ، ولم يذكر تلاوة أبي ذر للآية ، وزاد في آخره : " فلا يقدر عليها " .

وفي مسند الإمام أحمد من حديث بهز وغيره ، عن أبيه حكيم بن معاوية ، عن جده معاوية بن حيدة القشيري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ ص: 331 ] " تحشرون ههنا - وأومأ بيده إلى نحو الشام - مشاة ، وركبانا ، وتجرون على وجوهكم ، وتعرضون على الله وعلى أفواهكم الفدام ، فأول ما يعرب عن أحدكم فخذه وكفه " . وقد رواه الترمذي ، عن أحمد بن منيع ، عن يزيد بن هارون ، عن بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده ، بنحوه ، وقال : حسن صحيح .

وقال أحمد : ثنا عثمان بن عمر ، ثنا عبد الحميد بن جعفر ، قال . : ثنا أبو جعفر محمد بن علي ، عن رافع بن بشر السلمي ، عن أبيه؟ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يوشك أن تخرج نار من حبس سيل تسير سير بطيئة الإبل ، تسير النهار وتقيم الليل ، تغدو وتروح ، يقال : غدت النار يا أيها الناس فاغدوا ، قالت النار يا أيها الناس فقيلوا ، راحت النار يا أيها الناس فروحوا . من أدركته أكلته " . تفرد به . ورواه أبو نعيم في ترجمة بشر أبي رافع السلمي ، وفيه . " تضيء لها أعناق الإبل ببصرى " .

[ ص: 332 ] فهذه السياقات تدل على أن هذا الحشر هو حشر الموجودين في آخر الدنيا من أقطار الأرض إلى محلة المحشر ، وهي أرض الشام ، وأنهم يكونون على أصناف ثلاثة; فقسم طاعمين كاسين راكبين ، وقسم يمشون تارة ويركبون أخرى ، وهم يعتقبون على البعير الواحد ، كما تقدم في " الصحيحين " : " اثنان على بعير ، وثلاثة على بعير " . إلى أن قال : " وعشرة على بعير " . يعتقبونه من قلة الظهر ، كما تقدم . وكما جاء مفسرا في الحديث الآخر ، " وتحشر بقيتهم النار " . وهي التي تخرج من قعر عدن ، فتحيط بالناس من ورائهم ، تسوقهم من كل جانب إلى أرض المحشر ، ومن تخلف منهم أكلته .

وهذا كله مما يدل على أن هذا إنما يكون في آخر الزمان آخر الدنيا ، حيث يكون الأكل والشرب والركوب موجودا ، والمشترى وغيره ، وحيث تهلك المتخلفين منهم النار ، ولو كان هذا بعد نفخة البعث لم يبق موت ، ولا ظهر يشترى ، ولا أكل ولا شرب ولا لبس في العرصات .

والعجب كل العجب أن الحافظ أبا بكر البيهقي بعد روايته لأكثر هذه الأحاديث حمل هذا الركوب على أنه يوم القيامة ، وصحح ذلك ، وضعف ما قلناه ، واستدل على ما ذهب إليه بقوله تعالى : يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا [ مريم : 85 ، 86 ] .

[ ص: 333 ] وكيف يصح ما ادعاه في تفسير الآية بالحديث ، وفيه أن منهم : " اثنان على بعير ، وثلاثة على بعير ، وعشرة على بعير " ، وقد جاء التصريح بأن ذلك من قلة الظهر؟! هذا لا يلتئم مع هذا ، والله أعلم ، فإن نجائب المتقين من الجنة ، يركبونها من العرصات إلى الجنات على غير هذه الصفة ، كما سيأتي بيان ذلك في موضعه .

فأما الحديث الآخر الوارد من طرق ، عن جماعة من الصحابة ، منهم ابن عباس ، وابن مسعود ، وعائشة ، وغيرهم : " إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلا : كما بدأنا أول خلق نعيده [ الأنبياء : 104 ] " . فذلك حشر غير هذا ، ذاك في يوم القيامة بعد نفخة البعث ، يوم يقوم الناس من قبورهم حفاة عراة غرلا ، أي غير مختتنين ، وكذلك حشر الكافرين إلى جهنم وردا; أي عطاشا .

وقوله تعالى : ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا [ الإسراء : 97 ] . فذلك إنما يحصل لهم حين يؤمر بهم إلى النار من مقام المحشر ، كما سيأتي بيان ذلك كله في مواضعه ، إن شاء الله تعالى .

وقد ذكر في حديث الصور : أن الأموات لا يشعرون بشيء مما يقع من ذلك بسبب نفخة الفزع ، وأن الذين استثنى الله تعالى إنما هم الشهداء ، [ ص: 334 ] لأنهم أحياء عند ربهم يرزقون ، فهم يشعرون بها ولا يفزعون منها ، وكذلك لا يصعقون بسبب نفخة الصعق .

وقد اختلف المفسرون في المستثنين منها على أقوال : أحدها هذا ، كما جاء مصرحا به فيه ، وقيل : بل هم جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وملك الموت . وقيل : وحملة العرش . وقيل غير ذلك ، فالله أعلم .

وقد ذكر في حديث الصور أنه يطول على أهل الدنيا مدة ما بين نفخة الفزع ، ونفخة الصعق ، وهم يشاهدون تلك الأهوال ، والأمور العظام .

...................................

قوله تعالى : ومن يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا

[ ص: 299 ] قوله تعالى : ومن يهد الله فهو المهتدي أي لو هداهم الله لاهتدوا .

ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه أي لا يهديهم أحد .

ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم فيه وجهان : [ أحدهما ] أن ذلك عبارة عن الإسراع بهم إلى جهنم ; من قول العرب : قدم القوم على وجوههم إذا أسرعوا . [ الثاني ] أنهم يسحبون يوم القيامة على وجوههم إلى جهنم كما يفعل في الدنيا بمن يبالغ في هوانه وتعذيبه . وهذا هو الصحيح ; لحديث أنس أن رجلا قال : يا رسول الله ، الذين يحشرون على وجوههم ، أيحشر الكافر على وجهه ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أليس الذي أمشاه على الرجلين قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة : قال قتادة حين بلغه : بلى وعزة ربنا . أخرجه البخاري ومسلم . وحسبك .

عميا وبكما وصما قال ابن عباس والحسن : أي عمي عما يسرهم ، بكم عن التكلم بحجة ، صم عما ينفعهم ; وعلى هذا القول حواسهم باقية على ما كانت عليه . وقيل : إنهم يحشرون على الصفة التي وصفهم الله بها ; ليكون ذلك زيادة في عذابهم ، ثم يخلق ذلك لهم في النار ، فأبصروا ; لقوله تعالي : ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ، وتكلموا ، لقوله - تعالى - : دعوا هنالك ثبورا ، وسمعوا ; لقوله - تعالى - : سمعوا لها تغيظا وزفيرا . وقال مقاتل بن سليمان : إذا قيل لهم اخسئوا فيها ولا تكلمون صاروا عميا لا يبصرون صما لا يسمعون بكما لا يفقهون . وقيل : عموا حين دخلوا النار لشدة سوادها ، وانقطع كلامهم حين قيل لهم : اخسئوا فيها ولا تكلمون . وذهب الزفير والشهيق بسمعهم فلم يسمعوا شيئا .

مأواهم جهنم أي مستقرهم ومقامهم .

كلما خبت أي سكنت ; عن الضحاك وغيره . مجاهد طفئت . يقال : خبت النار تخبو خبوا أي طفئت ، وأخبيتها أنا .

زدناهم سعيرا أي نارا تتلهب . وسكون التهابها من غير نقصان في آلامهم ولا تخفيف عنهم من عذابهم . وقيل : إذا أرادت أن تخبو . كقوله : وإذا قرأت القرآن .



الجامع لأحكام القرآن »
سورة الإسراء »
قوله تعالى ومن يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه 

النفخ في الصور

النفخ في الصور

البداية والنهاية
  فصل ( النفخ في الصور )

فأما النفخات في الصور فثلاث; نفخة الفزع ، ثم نفخة الصعق ، ثم نفخة البعث ، كما تقدم بيان ذلك في حديث الصور بطوله . وقد قال مسلم في " صحيحه " : حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بين النفختين أربعون " . قالوا : يا أبا هريرة ، أربعون يوما؟ قال : أبيت . قالوا : أربعون شهرا؟ قال : أبيت . قالوا : أربعون سنة؟ قال : أبيت . قال : " ثم ينزل الله من السماء ماء ، فينبتون كما ينبت البقل " . قال : " وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظما واحدا ، وهو عجب الذنب ، ومنه يركب الخلق يوم القيامة " . ورواه البخاري من حديث الأعمش .

وحديث عجب الذنب ، وأنه لا يبلى ، وأن الخلق يبدأ منه ومنه يركب يوم القيامة - ثابت من رواية أحمد ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام ، عن [ ص: 325 ] أبي هريرة . ورواه مسلم ، عن محمد بن رافع ، عن عبد الرزاق . ورواه أحمد أيضا ، عن يحيى القطان ، عن محمد بن عجلان ، ثنا أبو الزناد ، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل ابن آدم يبلى ، ويأكله التراب إلا عجب الذنب ، منه خلق ، وفيه يركب " . انفرد به أحمد ، وهو على شرط مسلم . ورواه أحمد أيضا ، من حديث إبراهيم الهجري ، عن أبي عياض ، عن أبي هريرة ، مرفوعا بنحوه .

وقال أحمد : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يأكل التراب كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه " . قيل : ومثل ما هو يا رسول الله؟ قال : " مثل حبة خردل ، منه تنبتون " .

والمقصود هنا إنما هو ذكر النفختين ، وأن بينهما أربعين; إما أربعين يوما ، أو شهرا ، أو سنة ، وهاتان النفختان هما ، والله أعلم ، نفخة الصعق ، ونفخة القيام للبعث والنشور ، بدليل إنزال الماء بينهما ، وذكر عجب الذنب الذي منه يخلق الإنسان ، وفيه يركب عند بعثه يوم القيامة . ويحتمل أن يكون المراد منهما ما بين نفخة الفزع ونفخة الصعق ، وهو الذي نريد ذكره في هذا المقام . وعلى كل تقدير فلا بد من مدة بين نفختي الفزع والصعق .

[ ص: 326 ] وقد ذكر في حديث الصور أنه يكون فيها أمور عظام ، من ذلك زلزلة الأرض وارتجاجها ، وميدانها بأهلها ، وتكفيها يمينا وشمالا ، قال الله تعالى : إذا زلزلت الأرض زلزالها [ الزلزلة : 1 ] . وقال تعالى : يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم [ الحج : 1 ] . وقال تعالى : إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة إذا رجت الأرض رجا وبست الجبال بسا الآيات كلها إلى قوله : هذا نزلهم يوم الدين [ الواقعة : 1 - 56 ] .

ولما كانت هذه النفخة - أعني نفخة الفزع - أول مبادئ القيامة ، كان اسم يوم القيامة صادقا على ذلك كله ، كما ثبت في " صحيح البخاري " ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه ، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها " . وهذا إنما يتجه على ما قبل نفخة الفزع ، وعبر عن نفخة الفزع بأنها الساعة لما كانت أول مبادئها ، وتقدم في الحديث في صفة أهل آخر الزمان أنهم شرار الناس ، وعليهم تقوم الساعة .

وقد ذكر في حديث ابن رافع في حديث الصور المتقدم ، أن السماء تنشق فيما بين نفختي الفزع والصعق ، وأن نجومها تتناثر ، ويخسف شمسها وقمرها . والظاهر ، والله أعلم ، أن هذا إنما يكون بعد نفخة الصعق حين : [ ص: 327 ] تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار [ إبراهيم : 48 - 50 ] . وقال تعالى : إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت الآيات [ الانشقاق : 1 ، 2 ] . وقال تعالى : فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر إلى قوله : ولو ألقى معاذيره [ القيامة : 7 - 15 ] .

وسيأتي تقرير هذا كله ، وأنه إنما يكون بعد نفخة الصعق ، وأما زلزال الأرض وانشقاقها بسبب تلك الزلزلة ، وفرار الناس إلى أقطارها وأرجائها - فمناسب أنه بعد نفخة الفزع ، وقبل الصعق ، قال الله تعالى ، إخبارا عن مؤمن آل فرعون أنه قال : ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم [ غافر : 32 ، 33 ] . وقال تعالى : يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان فبأي آلاء ربكما تكذبان يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران فبأي آلاء ربكما تكذبان [ الرحمن : 33 - 36 ] .

وقد تقدم الحديث في مسند أحمد ، وصحيح مسلم ، والسنن الأربعة ، عن أبي سريحة حذيفة بن أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الساعة لن تقوم حتى تروا عشر آيات " . فذكرهن ، إلى أن قال : " وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن ، تسوق الناس إلى المحشر " . وهذه النار تسوق الموجودين في آخر الزمان في سائر أقطار الأرض إلى أرض الشام منها ، وهي بقعة المحشر والمنشر .

..................................................

[ ص: 130 ] سورة الزلزلة

مدنية في قول ابن عباس وقتادة

ومكية في قول ابن مسعود وعطاء وجابر . وهي تسع آيات

قال العلماء : وهذه السورة فضلها كثير ، وتحتوي على عظيم روى الترمذي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قرأ إذا زلزلت ، عدلت له بنصف القرآن . ومن قرأ قل يا أيها الكافرون عدلت له بربع القرآن ، ومن قرأ قل هو الله أحد عدلت له بثلث القرآن . قال : حديث غريب ، وفي الباب عن ابن عباس .

وروي عن علي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قرأ إذا زلزلت أربع مرات ، كان كمن قرأ القرآن كله .

وروى عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لما نزلت إذا زلزلت بكى أبو بكر ; فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لولا أنكم تخطئون وتذنبون ويغفر الله لكم ، لخلق أمة يخطئون ويذنبون ويغفر لهم ، إنه هو الغفور الرحيم " .

بسم الله الرحمن الرحيم

إذا زلزلت الأرض زلزالها أي حركت من أصلها . كذا روى عكرمة عن ابن عباس ، وكان يقول : في النفخة الأولى يزلزلها - وقاله مجاهد - ; لقوله تعالى : يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة ثم تزلزل [ ص: 131 ] ثانية ، فتخرج موتاها وهي الأثقال . وذكر المصدر للتأكيد ، ثم أضيف إلى الأرض ; كقولك : لأعطينك عطيتك ; أي عطيتي لك . وحسن ذلك لموافقة رءوس الآي بعدها . وقراءة العامة بكسر الزاي من الزلزال . وقرأ الجحدري وعيسى بن عمر بفتحها ، وهو مصدر أيضا ، كالوسواس والقلقال والجرجار . وقيل : الكسر المصدر . والفتح الاسم .



الجامع لأحكام القرآن »
سورة الزلزلة »
قوله تعالى إذا زلزلت الأرض زلزالها

ما هي علاقة الأقراء بعدة الطلاق وما هي هذه العدد وعلاقة ذلك بابن عمر

  باب ما جاء في الأقراء وعدة الطلاق وطلاق الحائض     حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول ...