[ ص: 120 ] الكلام على أحاديث الدجال
قال سالم : قال عبد الله بن عمر : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس ، فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم ذكر الدجال ، فقال : " إني لأنذركموه ، ما من نبي إلا [ ص: 122 ] وقد أنذره قومه ، لقد أنذره نوح قومه ، ولكن أقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه ، تعلموا أنه أعور ، وأن الله تبارك وتعالى ليس بأعور " .
قال ابن شهاب : وأخبرني عمر بن ثابت الأنصاري ، أنه أخبره بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حذر الناس الدجال : " إنه مكتوب بين عينيه كافر ، يقرؤه من كره عمله ، أو يقرؤه كل مؤمن " . وقال : " تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه عز وجل حتى يموت " . وأصل الحديث عند البخاري من حديث الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، بنحوه .
وروى مسلم أيضا ، من حديث عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال بين ظهراني الناس فقال : " إن الله تعالى ليس بأعور ، ألا وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى ، كأن عينه عنبة طافئة " . ولمسلم من حديث شعبة ، عن قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب ، ألا إنه أعور ، وإن ربكم ليس بأعور ، ومكتوب بين عينيه كافر " . رواه البخاري من حديث شعبة ، بنحوه .
قال مسلم : وحدثني زهير بن حرب ، حدثنا عفان ، حدثنا عبد الوارث ، عن شعيب بن الحبحاب ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ص: 123 ] " الدجال ممسوح العين ، مكتوب بين عينيه كافر " . ثم تهجاها ك ف ر ، " يقرؤه كل مسلم " .
ولمسلم من حديث الأعمش ، عن شقيق ، عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الدجال أعور العين اليسرى ، جفال الشعر ، معه جنة ونار ، فناره جنة وجنته نار " .
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا يزيد بن هارون ، عن أبي مالك الأشجعي ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأنا أعلم بما مع الدجال منه ، معه نهران يجريان; أحدهما رأي العين ماء أبيض ، والآخر رأي العين نار تأجج ، فإما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه نارا وليغمض ، ثم ليطأطئ رأسه ، فيشرب منه ، فإنه ماء بارد ، وإن الدجال ممسوح [ ص: 124 ] العين ، عليها ظفرة غليظة ، مكتوب بين عينيه كافر ، يقرؤه كل مؤمن ، كاتب وغير كاتب " .
ثم رواه من حديث شعبة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي ، عن حذيفة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه .
قال أبو مسعود : وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ورواه البخاري من حديث شعبة ، بنحوه .
وقال الإمام أحمد : ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ، عن أبي التياح ، سمعت صخرا يحدث عن سبيع قال : أرسلوني من ماء إلى الكوفة أشتري الدواب فأتينا الكناسة ، فإذا رجل عليه جمع ، فأما صاحبي فانطلق إلى الدواب ، وأما أنا فأتيته ، فإذا حذيفة ، فسمعته يقول : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن الخير ، وأسأله عن الشر ، فقلت : يا رسول الله ، هل بعد هذا الخير من شر؟ قال : " نعم " . قلت : فما العصمة منه؟ قال : " السيف " .
[ ص: 125 ] قلت : ثم ماذا؟ قال : " ثم تكون هدنة على دخن " . قال : قلت : ثم ماذا؟ قال : " ثم تكون دعاة الضلالة ، فإن رأيت يومئذ خليفة في الأرض فالزمه ، وإن نهك جسمك ، وأخذ مالك ، فإن لم تره فاهرب في الأرض ، ولو أن تموت وأنت عاض بجذل شجرة " . قال : قلت : ثم ماذا؟ قال : " ثم يخرج الدجال " . قال : قلت : فبم يجيء به معه؟ قال : " بنهر - أو قال : ماء ونار - فمن دخل نهره حبط أجره ، ووجب وزره ، ومن دخل ناره وجب أجره ، وحبط وزره " . قال : قلت : ثم ماذا؟ قال : " لو أنتجت فرسا لم تركب فلوها حتى تقوم الساعة " . وروى البخاري ، ومسلم من حديث شيبان بن عبد الرحمن ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أخبركم عن الدجال حديثا ما حدثه نبي قومه؟ إنه أعور ، وإنه يجيء معه مثل الجنة والنار ، فالتي يقول إنها الجنة ، هي النار ، وإني أنذرتكم به ، كما أنذر به نوح قومه " .
وروى مسلم من حديث محمد بن المنكدر قال : رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله أن ابن صياد " الدجال ، فقلت : أتحلف بالله؟ قال؟ إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال أحمد : حدثنا عبد المتعال بن عبد الوهاب ، حدثنا يحيى بن سعيد الأموي ، حدثنا مجالد ، عن أبي الوداك ، عن أبي سعيد قال : ذكر ابن صياد عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر : إنه يزعم أنه لا يمر بشيء إلا كلمه .
وقال أحمد : ثنا سعيد مولى بني هاشم ، حدثني مهدي بن [ ص: 127 ] عمران المازني ، سمعت أبا الطفيل ، وسئل هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : نعم . قيل : هل كلمته؟ قال : لا ، ولكني رأيته انطلق مكان كذا وكذا ، ومعه عبد الله بن مسعود وأناس من أصحابه حتى أتى دارا قوراء ، فقال : " افتحوا هذا الباب " . ففتحوا ، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخلت معه ، فإذا قطيفة في وسط البيت ، فقال : " ارفعوا هذه القطيفة " . فرفعوها ، فإذا غلام أعور تحت القطيفة ، فقال : " قم يا غلام " . فقام الغلام . فقال : " يا غلام ، أتشهد أني رسول الله " . فقال الغلام : أشهد أني رسول الله . قال : " أتشهد أني رسول الله " . فقال الغلام : أشهد أني رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تعوذوا بالله من شر هذا " مرتين .
والمقصود أن ابن صياد ليس بالدجال الذي يخرج في آخر الزمان قطعا; لحديث فاطمة بنت قيس الفهرية ، فإنه فيصل في هذا المقام . والله أعلم .
[ ص: 389 ] حرملة ( م ، ق ، س )
حدث عن ابن وهب ، فأكثر جدا ، وعن الشافعي فلزمه ، وتفقه به ، وعن أيوب بن سويد ، وبشر بن بكر ، وسعيد بن أبي مريم وطائفة .
حدث عنه : مسلم ، وابن ماجه ، وبواسطة النسائي ، وأبو عبد الرحمن أحمد بن عثمان النسائي ، وإسحاق بن موسى النيسابوري ، وأحمد بن الهيثم ، وحفيده أحمد بن طاهر بن حرملة ، وبقي بن مخلد ، والحسن بن سفيان ، ومحمد بن أحمد بن عثمان المديني ، ومحمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني ، وآخرون .
قال أبو حاتم : لا يحتج به .
وروى عباس الدوري ، عن يحيى ، قال : شيخ بمصر يقال له : حرملة كان أعلم الناس بابن وهب .
وقال ابن عدي : سألت عبد الله بن محمد الفرهاذاني أن يحدثني عن حرملة ، فقال : حرملة ضعيف ، وحدثني عنه بثلاثة أحاديث . [ ص: 390 ]
وقال أبو عمر الكندي : كان حرملة فقيها ، لم يكن بمصر أحد أكتب عن ابن وهب منه . وذلك أن ابن وهب أقام في منزلهم سنة وأشهرا مستخفيا من عباد إذ طلبه ليوليه القضاء بمصر ، أخبرني بذلك يحيى بن أبي معاوية .
وأخبرني أبو سلمة ، وأبو دجانة ، قالا : سمعنا حرملة ، يقول : عادني ابن وهب من الرمد ، وقال : يا أبا حفص ، لا يعاد من الرمد ، ولكنك من أهلي .
وعن أحمد بن صالح ، قال : صنف ابن وهب مائة وعشرين ألف حديث عند بعض الناس منها النصف ، عنى نفسه ، وعند بعض الناس الكل ، يعني حرملة .
قال محمد بن موسى : حديث ابن وهب كله عند حرملة إلا حديثين :
قال ابن عدي : قد تبحرت حديث حرملة ، وفتشته الكثير ، فلم أجد في حديثه ما يجب أن يضعف من أجله ، ورجل توارى ابن وهب عندهم ، ويكون حديثه كله عنده ، فليس يبعد أن يغرب على غيره .
قال هارون بن سعيد : سمعت أشهب ونظر إلى حرملة ، فقال : هذا خير أهل المسجد .
وقال ابن يونس في " تاريخه " : كان حرملة أملى الناس بما حدث به ابن وهب . قلت : لم يرحل حرملة ، ولا عنده عن الحجازيين شيء .
قال ابن يونس : ولد في سنة ست وستين ومائة ، ومات في شوال لتسع [ ص: 391 ] بقين منه ، سنة ثلاث وأربعين ومائتين ، رحمه الله .
أخبرنا علي بن علي القرشي ، وأحمد بن سلطان ، قالا : أخبرنا ابن مسلمة ، حدثنا علي بن الحسن الحافظ ، أخبرنا عبد الواحد بن حمد ، أخبرنا أحمد بن محمود الثقفي ، أخبرنا محمد بن إبراهيم ، أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة ، حدثنا حرملة بن يحيى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرنا عمرو بن الحارث ، عن عبد ربه ، عن عبد الله بن كعب الحميري ، أن أبا بكر حدثه أن مروان أرسله إلى أم سلمة ، يسأل عن الرجل يصبح جنبا أيصوم ؟ فقالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبح جنبا من جماع لا حلم ، ثم يصوم ، ولا يقضي . أخرجه النسائي عن أحمد بن الهيثم عن حرملة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق