وهكذا رواه البخاري ، والترمذي ، والنسائي ، من طرق عن الأعمش ، به ، وقال الترمذي : حسن صحيح .
[ ص: 485 ] وقد رواه الإمام أحمد ، بلفظ أعم من هذا ، فقال : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجل ، والنبي ومعه الرجلان ، وأكثر من ذلك ، فيدعى قومه ، فيقال لهم : هل بلغكم هذا؟ فيقولون : لا . فيقال له : هل بلغت قومك؟ فيقول : نعم . فيقال له : من يشهد لك؟ فيقول : محمد وأمته . فيدعى وأمته ، فيقال لهم : هل بلغ هذا قومه؟ فيقولون : نعم . فيقال : وما علمكم؟ فيقولون : جاءنا نبينا ، فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا . فذلك قوله : وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس قال : يقول : " عدلا ، لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا [ البقرة : 143 ] . وهكذا رواه ابن ماجه ، عن أبي كريب ، وأحمد بن سنان ، كلاهما عن أبي معاوية .
قلت : ومضمون هذا أن هذه الأمة يوم القيامة يكونون عدولا عند سائر الأمم والأنبياء ، ولهذا يستشهد بهم سائر الأنبياء على أممهم ، ولولا اعتراف أممهم بشرف هذه الأمة لما حصل إلزامهم بشهادتهم .
وفي حديث بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده معاوية بن حيدة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها ، وأكرمها على الله عز وجل " .
قوله تعالى فلنسألن الذين أرسل إليهم دليل على أن الكفار يحاسبون . وفي التنزيل ثم إن علينا حسابهم . وفي سورة القصص ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون يعني إذا استقروا في العذاب . والآخرة مواطن : موطن يسألون فيه للحساب . وموطن لا يسألون فيه . وسؤالهم تقرير وتوبيخ وإفضاح . وسؤال الرسل سؤال استشهاد بهم وإفصاح ; أي عن جواب القوم لهم . وهو معنى قوله : ليسأل الصادقين عن صدقهم على ما يأتي .
وقيل : المعنى فلنسألن الذين أرسل إليهم أي الأنبياء [ ص: 149 ] ولنسألن المرسلين أي الملائكة الذين أرسلوا إليهم . واللام في فلنسألن لام القسم وحقيقتها التوكيد .
فلنقصن عليهم بعلم قال ابن عباس : ينطق عليهم .
وما كنا غائبين أي كنا شاهدين لأعمالهم . ودلت الآية على أن الله تعالى عالم بعلم .
الجامع لأحكام القرآن »
سورة الأعراف »
قوله تعالى فلنسألن الذين أرسل إليهم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق