الله أكبر كبيرا

كتاب جواهر القرآن أبو حامد الغزالي مكتبة العلوم الشاملة /مكتبة العلوم الشاملة /https://sluntt.blogspot.com/

الجمعة، 23 يوليو 2021

البداية والنهاية ذكر إخباره صلى الله عليه وسلم بالغيوب المستقبلة بعد زماننا هذا




ذكر إخباره صلى الله عليه وسلم بالغيوب المستقبلة بعد زماننا هذا




  البداية والنهاية
  ذكر إخباره صلى الله عليه وسلم بالغيوب المستقبلة بعد زماننا هذا


قال الإمام أحمد : حدثنا أبو عاصم ، حدثنا عزرة بن ثابت ، حدثنا علباء بن أحمر اليشكري ، حدثنا أبو زيد الأنصاري ، قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ، ثم صعد المنبر ، فخطبنا حتى حضرت الظهر ، ثم نزل [ ص: 29 ] فصلى الظهر ، ثم صعد المنبر ، فخطبنا حتى حضرت العصر ، ثم نزل فصلى العصر ، ثم صعد المنبر فخطبنا ، حتى غابت الشمس ، فحدثنا بما كان ، وما هو كائن ، فأعلمنا أحفظنا .

وقد رواه مسلم منفردا به في كتاب الفتن من " صحيحه " ، عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، وحجاج بن الشاعر ، عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد النبيل ، عن عزرة ، عن علباء ، عن أبي زيد - وهو عمرو بن أخطب . بن رفاعة - الأنصاري به .

وقال البخاري في كتاب بدء الخلق من " صحيحه " : روي عن عيسى بن موسى غنجار ، عن رقبة ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما ، فأخبرنا عن بدء الخلق ، حتى دخل أهل الجنة منازلهم ، وأهل النار منازلهم ، حفظ ذلك من حفظه ، ونسيه من نسيه . هكذا ذكره البخاري معلقا بصيغة التمريض عن عيسى غنجار ، عن رقبة وهو ابن مصقلة ، قال أبو مسعود الدمشقي في " الأطراف " : وإنما رواه عيسى غنجار عن أبي حمزة عن رقبة . فالله أعلم .

[ ص: 30 ] وقال أبو داود في أول كتاب الفتن من " سننه " : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن حذيفة قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما ، فما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدثه ، حفظه من حفظه ، ونسيه من نسيه ، قد علمه أصحابي هؤلاء ، وإنه ليكون منه الشيء فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ، ثم إذا رآه عرفه . وهكذا رواه البخاري من حديث سفيان الثوري ، ومسلم من حديث جرير ، كلاهما عن الأعمش به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن علي بن زيد ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ذات يوم بنهار ، ثم قام فخطبنا إلى أن غابت الشمس ، فلم يدع شيئا مما يكون إلى يوم القيامة إلا حدثناه ، حفظ ذلك من حفظ ، ونسي ذلك من نسي ، فكان مما قال : " يا أيها الناس ، إن الدنيا خضرة حلوة ، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا ، واتقوا النساء " . وذكر تمامها إلى أن قال : " وقد دنت الشمس أن تغرب ، وإن ما بقي من الدنيا فيما مضى منها مثل ما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه " .

علي بن زيد بن جدعان التيمي له غرائب ومنكرات ، ولكن لهذا الحديث [ ص: 31 ] شواهد من وجوه أخر . وفي " صحيح مسلم " ، من طريق أبي نضرة ، عن أبي سعيد بعضه ، وفيه الدلالة على ما هو المقطوع به; أن ما بقي من الدنيا بالنسبة إلى ما مضى منها شيء يسير جدا ، ومع هذا لا يعلم مقدار ما بقي على التعيين والتحديد إلا الله تعالى ، كما لا يعلم مقدار ما مضى منها إلا الله عز وجل . والذي في كتب الإسرائيليين وأهل الكتاب من تحديد ما سلف بألوف ومئين من السنين قد نص غير واحد من العلماء على تخطئتهم فيه ، وتغليطهم ، وهم جديرون بذلك حقيقون به . وقد ورد في حديث : " الدنيا جمعة من جمع الآخرة " . ولا يصح إسناده . وكذا كل حديث ورد فيه تحديد بوقت يوم القيامة على التعيين ، لا يثبت إسناده ، وقد قال الله تعالى : يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها إلى قوله : أو ضحاها [ النازعات : 42 - 44 ] وقال تعالى : يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو إلى قوله : ولكن أكثر الناس لا يعلمون [ الأعراف : 187 ] ، والآيات في هذا والأحاديث كثيرة ، وقال الله تعالى : اقتربت الساعة وانشق القمر [ القمر : 1 ] .

وثبت في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره عن سهل بن سعد ، [ ص: 32 ] قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " بعثت أنا والساعة كهاتين " . وفي رواية : " إن كادت لتسبقني " . وهذا يدل على اقترابها بالنسبة إلى ما مضى من الدنيا ، وقال تعالى : اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون [ الأنبياء : 1 ] ، وقال تعالى : أتى أمر الله فلا تستعجلوه [ النحل : 1 ] وقال تعالى : يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق [ الشورى : 18 ] .

وفي " الصحيح " أن رجلا من الأعراب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة ، فقال : " إنها كائنة ، فما أعددت لها " ؟ فقال الرجل : والله يا رسول الله ، لم أعد لها كثير صلاة ولا عمل ، ولكني أحب الله ورسوله . فقال : " أنت مع من أحببت " . فما فرح المسلمون بشيء فرحهم بهذا الحديث .

وفي بعض الأحاديث ، أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الساعة ، فنظر إلى غلام فقال : " لن يدرك هذا الهرم حتى تأتيكم ساعتكم " . والمراد : انخرام قرنهم ، ودخولهم في عالم الآخرة ، فإن كل من مات فقد دخل في حكم الآخرة ، وبعض الناس يقول : من مات فقد قامت قيامته . وهذا الكلام بهذا المعنى صحيح ، وقد يقول هذا بعض الملاحدة ، ويشيرون به إلى شيء من الزندقة والباطل . فأما الساعة العظمى وهو اجتماع الأولين والآخرين في صعيد واحد ، فهذا مما استأثر الله تعالى بعلم وقته ، كما ثبت في الصحيح : " خمس لا [ ص: 33 ] يعلمهن إلا الله " . ثم قرأ : إن الله عنده علم الساعة [ لقمان : 34 ] . وقد سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام فأخبره به ، ثم سأله عن الإيمان فأخبره به ، ثم سأله عن الإحسان فأخبره به ، فلما سأله عن الساعة ، قال له : " ما المسئول عنها بأعلم من السائل " . قال : فأخبرني عن أشراطها . فأخبره عن ذلك . كما سيأتي إيراده بسنده ومتنه ، مع أمثاله وأشكاله من الأحاديث .




التالي السابق



تفسير الأية
ترجمة العلم
عناوين الشجرة
تخريج الحديث تَشكيِل النص









قوله تعالى : يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها إنما أنت منذر من يخشاها كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها قوله تعالى : يسألونك عن الساعة أيان مرساها قال ابن عباس : سأل مشركو مكة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متى تكون الساعة ؟ استهزاء ، فأنزل الله - عز وجل - الآية . وقال عروة بن الزبير في قوله تعالى : فيم أنت من ذكراها ؟ لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن الساعة ، حتى نزلت هذه الآية إلى ربك منتهاها . ومعنى مرساها أي قيامها . قال الفراء : رسوها : قيامها كرسو [ ص: 180 ] السفينة . وقال أبو عبيدة : أي منتهاها ، ومرسى السفينة حيث تنتهي . وهو قول ابن عباس . الربيع بن أنس : متى زمانها . والمعنى متقارب . وقد مضى في ( الأعراف ) بيان ذلك . وعن الحسن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تقوم الساعة إلا بغضبة يغضبها ربك " .

فيم أنت من ذكراها أي في أي شيء أنت يا محمد من ذكر القيامة والسؤال عنها ؟ وليس لك السؤال عنها . وهذا معنى ما رواه الزهري عن عروة بن الزبير قال : لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن الساعة حتى نزلت : فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها أي منتهى علمها ; فكأنه - عليه السلام - لما أكثروا عليه سأل الله أن يعرفه ذلك ، فقيل له : لا تسأل ، فلست في شيء من ذلك . ويجوز أن يكون إنكارا على المشركين في مسألتهم له ; أي فيم أنت من ذلك حتى يسألوك بيانه ، ولست ممن يعلمه . روي معناه عن ابن عباس . والذكرى بمعنى الذكر .

إلى ربك منتهاها أي منتهى علمها ، فلا يوجد عند غيره علم الساعة ; وهو كقوله تعالى : قل إنما علمها عند ربي وقوله تعالى : إن الله عنده علم الساعة .

إنما أنت منذر من يخشاها أي مخوف ; وخص الإنذار بمن يخشى ، لأنهم المنتفعون به ، وإن كان منذرا لكل مكلف ; وهو كقوله تعالى :إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب . وقراءة العامة ( منذر ) بالإضافة غير منون ; طلب التخفيف ، وإلا فأصله التنوين ; لأنه للمستقبل وإنما لا ينون في الماضي . قال الفراء : يجوز التنوين وتركه ; كقوله تعالى : بالغ أمره ، و ( بالغ أمره ) و موهن كيد الكافرين و موهن كيد الكافرين والتنوين هو الأصل ، وبه قرأ أبو جعفر وشيبة والأعرج وابن محيصن وحميد وعياش عن أبي عمرو ( منذر ) منونا ، وتكون في موضع نصب ، والمعنى نصب ، إنما ينتفع بإنذارك من يخشى الساعة . وقال أبو علي : يجوز أن تكون الإضافة للماضي ، نحو ضارب زيد أمس ; لأنه قد فعل الإنذار ، الآية رد على من قال : أحوال الآخرة غير محسوسة ، وإنما هي راحة الروح أو تألمها من غير حس .

كأنهم يوم يرونها يعني الكفار يرون الساعة لم يلبثوا أي في دنياهم ، إلا عشية أي قدر عشية أو ضحاها أي أو قدر الضحى الذي يلي تلك العشية ، والمراد تقليل مدة الدنيا ، كما قال تعالى : لم يلبثوا إلا ساعة من نهار . وروى الضحاك عن ابن عباس : كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا يوما واحدا . وقيل : لم يلبثوا في قبورهم إلا عشية أو ضحاها ، وذلك أنهم استقصروا مدة لبثهم في القبور لما عاينوا من الهول . وقال الفراء : يقول القائل : وهل للعشية ضحى ؟ وإنما الضحى لصدر النهار ، ولكن أضيف الضحى إلى العشية ، وهو اليوم الذي يكون فيه على عادة العرب ; يقولون : آتيك الغداة أو عشيتها ، وآتيك العشية أو غداتها ، فتكون العشية في معنى آخر النهار ، والغداة في معنى أول النهار ; قال : وأنشدني بعض بني عقيل :

[ ص: 181 ]


نحن صبحنا عامرا في دارها جردا تعادى طرفي نهارها عشية الهلال أو سرارها
أراد : عشية الهلال ، أو سرار العشية ، فهو أشد من آتيك الغداة أو عشيها .



الجامع لأحكام القرآن »
سورة النازعات »
قوله تعالى يسألونك عن الساعة أيان مرساها 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما هي علاقة الأقراء بعدة الطلاق وما هي هذه العدد وعلاقة ذلك بابن عمر

  باب ما جاء في الأقراء وعدة الطلاق وطلاق الحائض     حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول ...